سرد

صدْر الولد كان شهيّا، كان شهيّا صدر الولد.. مستـفزّا كان، تحت مريوله المخطّط المتواضع، اللعنة!.. ما الذي جعلني أنظر إلى صدره؟ منذ الأمس جاءت التعليمات.. سنضرب .. نظرت إلى سلاحي على جنبي، أحسست أنّني أقـف على رأس الهاوية.. القانون هو القانون، امتدّت يدي إلى السّلاح، لمسته، ملأت به كـفّي، سنضرب...
" وليس في جزيرة لنبذوشة شيء من الثمار أو الحيوان" الإدريسي ( قبل عشرة قرون) طلَبتِ منّي أن أقصّ عليكِ ما حصل. لن أبدأ من البداية، فأنتِ تعرفينها بجلّ تفاصيلها وسأكتفي بذكر ما حدث في الأيام الأخيرة: صحوتُ فوجدت نفسي في إحدى غرف ذلك المستشفى لعلّها غرفة إنعاش وكان منصور ابن عمتي في الركن الآخر...
انكشاط الأرجل على حجارة المقابر، جعل حارس المقبرة ينتفض ويقشعر بدنه، لمن هذه الخطوات الثقيلة؟ تمتم فى سره.. انتظر تأقلم عينيه مع العتمة،الأموات الجدد لايندمجون مع الأموات القدامى، مازالوا متعلقين بدنياهم، كذلك كان يعتقد عبد الصمد حارس المقابر، المهنة التي ورثها عن أب وجد، يجيدها يستقبل...
رغم اتساع الطريق، وقلة الازدحام فيها، كانت سيارة "KIA" الكُحليّة تسير على مهل، كأن سائقَها لا يستعجل الوصول إلى مكانٍ محدد، أو كأن لديه ما يشغل باله ويجب أن يقلّبه في خلوةٍ مع نفسه. تَشي "الذبلةُ" في بنصُرِهِ الأيسر بأنه متزوج، ليس هذا فحسب، فالمقعد الخلفي تتوزّع فوقه أكياس مشتريات، من بينها مما...
اِستفاق على صياح الحيّ مذعورا ماذا هناك؟ و ما الّذي يحدث، في مثل هذه الساعة، في مثل هذا اليوم خصوصا؟ ومَنْ محرّك كلّ ذلك؟..."اِنهاروا من صباحوا كيما ايقولوا"...استغفر الله العظيم... استغفر الله العظيم... استغفر الله العظيم... فتح النافذة المطلّة على الخارج. ماذا أرى؟ يا إلهي... متجمهرون في...
" أبي أخاطبك فلما لا تجيبني؟ أبي أنت لا تسمعني، أبي أنت دائم الشرود و الوجوم. أبي لما لا تلعب معي؟ أبي لما أنت متعب دائما؟ أبي لما تعمل كامل أيَام الأسبوع و كامل ساعات اليوم؟ أبي لما تجيب بتركيز مطلق و يقظة تامَة على معظم مكالماتك الهاتفيَة في حين تجيب باقتضاب أو لا تجيب مطلقا على أسئلتي؟ أبي هل...
رنّ جرس الهاتف في غير وقته الاعتيادي تقريباً ! كانت المتصلة أم أيمن، الجارة التي أدمنت قرع الأبواب ودق الهاتف لإزعاج جيرانها وأقاربها بالأخبار والوشايات والغيبة والنميمة. ردت جارتها أم حسن، وبعد التحيات وكيف الحال وكيف أصبحتم؛ بادرتها بوشاية طازجة، ــ ألم تعلمي بقصة ابن جارتنا ذلك الشاب الطائش...
دخل رجلان أجنبيان إلى المقهى، وفي اللّحظة التي قال فيها أحدهما: بوينس ديّاس أدرك هو أنهما سائحان إسبانيان، لم يكن عارفا بالّلّغات و لكن هناك كلمات، وهي في الأغلب التحايا ،ظلّت بفعل تعاودها معلّقة أمام عينيه في تلك الدائرة الوهميّة التي لا يراها غيره. اقتربا منه،قال الأوّل: كابوتشينو... بينما قال...
انتزعني المقنّع من الفصيل واستمتع بتعذيبي. توغّل بي في الساحة المهجورة إلى أن شارفنا أطرافها الغربية وبدأنا نغرق في العتمة. صار المقنّع بلا ملامح واضحة وتحولّ ظلّه المخيف إلى شبح ضخم يزحف بجانبي ويتكاثر بفعل مصادر الإنارة المتناثرة والبعيدة. كان، في لحظاتي الأكثر تعاسة وبؤسا، في قمة نشوته. هو...
تراقصت أضواء الشموع والمصابيح وهفهفت الستائر المخملية على النوافذ الواسعة المفتوحة لليل الساكن. وبدت النباتات الخضراء الغضة من الخارج تداعب الجدران الصقيلة والأثاث الفاخر. وانبعثت موسيقى هازجة من الأركان. ابتسم الأهالي وهم يشهدون من دورهم البعيدة الواطئة دار القاضي الجديدة الشامخة على الربوة...
نهض عند الواحدة ظهرا. دخل المطبخ وهويجرّ ساقيه جرّا. تناول البكرج وصبّ فيه قليلا من الماء ثم وضعه على المطبخة. أخذ علبة الكبريت وسحب عود ثقاب. تأمله لبعض الوقت قبل أن يشعل الموقد. عندما فتر الماء أضاف إليه البنّ والسكر وحرك جيّدا. فار البنّ واندلق على الموقد محدثا تشتشة أفاقته من شروده حمل قهوته...
وقفت قرب طاولتي و استأذنت في الجلوس. فنظرت إليها، فإذا هي سيدة محترمة الهيئة، يبدو على ملامحها تأثـّر تحاول إخفاءه. أذنت لها فجلست.. و بقيت أتعجب في صمتي و أتساءل عمّا تريده هذه المرأة الغريبة التي تجلس إليّ دون سابق معرفة. و بعد لحظة قلت لها كأنـّما لأستدرك غفلتي: - آه.. مرحبا بك. هل أطلب لك...
دخل سوق المدينة العتيق المسمى "الرّبط" لشراء شيء ما، قبل أن يقصد بيت أحد أقاربه فارغ اليدين. وجده غاص بأكداس السلع المزجاة، المعروض بعضها بطرق تغري المشترين فيما كدس البعض الآخر حسب مزاج البائع إن كان نكدا أو منشرحا، لاحقته أصوات الباعة المنبعثة من كل الجهات وهو يتنقل في الفضاءات المفتوحة...
-1- كل ما قيل لك فترة انبت الموز من جلده، كل ما اعتنقت من فوات الأمر كي يحسن ما أنت من فتى لولبي قديم، كل ما قالت الطفلة لأمها قبل الموت الثاني و بعد النبرة الحالمة، كل ما فاض من الموج على صدرك المشقوق نصفا لها و نصفا لشوك الدرب قبيل الرحيل، كل ذلك الذي ينخر مسام الذاكرة االبكر، ما يحتد الآن في...
تطفئ الفانوس كعادتها لتحلّق في أفق مظلم يعجّ بالوجوه والحكايات. يغادرها النوم. تضع وسادتها فوق وجهها لتكون حاجزا بينها وبينهم. لكنّهم لا يكفّون عن الحديث. إنّهم يدخلون تحت الوسادة. لا حاجز الآن بينها وبينهم. أصابعهم تشير إليها وأفواههم الضاحكة تزيد من توتّرها. ترمي وسادتها تشعل فانوسها من جديد...
أعلى