نشروا صورًا لجثة رجلٍ ملقاةٍ على الأرض ، وقالوا إنها له ، ارتجف قلبي وكاد أن يتوقف ، لا إنه ليس هو . إنها صورٌ مفبركة ، وتلك عادتُهم في صناعةِ الأكاذيب .
دققتُ في الصور ، إنها لرجلٍ بزي محارب ، وأنا أعرفُ أنه لا ينزلُ ميادينَ القتالِ ، ولا يحملُ السلاحَ ليشاركَ في العملياتِ ، فهو القائدُ...
يجلس السيد إبراهيم في ركن منعزل بغرفته المظلمة, ركبتاه الهزيلتان ملتصقتان ببطنه من شدة الضعف,ربطوا مبوله بأنبوب موصول بكيس بلاستيكي, لون البول أحمر قاتم, وجهه شاحب شديد الاصفرار ،سلمت عليه لم يرد السلام , مشغول بألمه , سألته كيف الحال قال لي :حالتي زبالة لابد لي من الذهاب إلى المستشفى إن الخليجي...
ب/ دندنة
الجو ثقيل بارد، البحر كذلك و الهواء، و الإنسان كأنه بعث قبل قليل من مقابر ظلت منسية طوال الأزمنة السحيقة والموغلة في القدم. كل شيء له نكهة الفناء... وكأن شبح الموت الذي يطل على الخرفان والنعاج من هذا المساء يلامس وترا من أرواح هذه الأكباش البشرية...
نحن نترصدها، أنا وصديقي، نتطفل على...
وأنت تتصفح نسخة من جريدة (الكارفور) تحس بانتشاء غريب، وفرحة عارمة تغمر كيانك؛ الاسم وحده يلقي ظلالا وارفة تنثال في حركة انسيابية هادئة لتنعش أعماقك الملتهبة،، واحات تمتد فجأة، وتنتشر في البلقع الذي هدته سنوات الانتظار، مساحات خضراء واسعة، تنساب فوق بساطها أحلام مفؤودة، ها هم أولاء يتهافتون على...
الخامسة مساء برد خريبكة قارس جدا، لا يمكن أن تعود من حيث أتيت، لقد ودعته وانتهت الزيارة، تتأفف من هؤلاء الغلاظ الذين يترقبون مثل هذه الفرص للانتشاء بسلطتهم الخاصة، هم يعرفون بالتجربة أنك مهما فاوضت في الثمن، فإنك ستقبل في النهاية بما اقترحوه، لذلك لم يكونوا يساومون،، فلكل مجال ابتزازه، ولكل...
السماء ملبدة بغيوم داكنة. الطيور القريبة من سطوح العمارات تحلق- بوداعة- في أرجائها، ثم ترحل بعيدا في الأفق، وتغيب في السحب كما أنها تتلاشى. جلس –كعادته- على كرسي بلاستيكي جامد وبارد، والذي ينوي أن يستبدله بآخر وثير متحرك، حين تعيد له أخته مبلغا كبيرا، كان قد أعطاه قرضا لها .اشترت به عقد عمل...
حضنتُ البُنَيَّة كما يحضن مُودِّعُُ أمَّهُ في لحظة فراقٍ غير مأمون العودة ,
لم تكن أكثر من قطعة خشب بين ذراعيَّ , هل بدأت تكبر !؟ تواصل التحديق في السقف , لعل العناكب العالقة تتحرك , نظرتُ إلى عينيها مُتَجَرِّعاً لامبالاة طفولة بريئة , وحدها في البيت لا تعرف وجهة سفري إلى بلاد بعيدة , تحاشينا...
في النهاية ماذا سيحدث؟ قالها لنفسه،وهو يتقدم بخطوات، أرادها أن تكون أكثر اتزانا،وأقوى ثباتا، صوب مريم التي كانت واقفة بباب بيتها ساهمة تنظر إلى السحب الداكنة في السماء.مريم أحبك.أطلق العبارة، ثم ابتعد قليلا، وهو يشهد صمتها الواجم على خطوط اللوحة في مرسمه..
لم يكن في نيته أن يتبع هواه ، وينقاد مع عاطفته ، فمن عاداته أن يظل يراوح مكانه، ولا يفكر في المضي بعيدا ،إذ - دائما- يترك بينه وبين الأشخاص الذين يلتقيهم مسافة، مهما بدا هؤلاء الأشخاص منسجمين مع ذاته ، ومتوافقين مع أفكاره، وهو تصرف تجذر في طبعه، وتأصل في سلوكه منذ مدة ليست قصيرة، لا يتكلفه ولا...
تنظر إليها نصف عارية عبر مرآتاها ، فتميز بصعوبة بعض الزغب تحت إبطيها ..
ينفل الفراش ، وينحني باحثا تحت السرير عن جرابيه ...
تشغل آلتها الصغيرة وتبدأ بإزالة ما ظهر من شعر على جسدها
يغادر الغرفة متأففا ...
تلتفت نحوه ، تتمتم بكلمات قليلة ثم تكمل ..
يجلس في زاوية يرقبها وهي تتزع زغبها ...
تجر...
دبُ النشاطُ في وجهِ (غويا) .. تنطّ عروقُهُ الزرقاءُ وسط تسطح وجهه الذي يبدو تحت الضوء البرتقالي للشموع العشر التي سورت حافة قبعته العريضة برتقاليا كصحراء تشربت توا بسيل من المطر الغاضب..
***
يسيح الضوء الشبحي الكئيب لمصباح الفلورسنت في فضاء حجرتي ذات السقف الواطئ.. يمتص الجلد الصناعي البارد...
على ربوة حالمة ثمة بيت قديم طاول عمره قرناً من الزمان يستلقي باسترخاء لذيذ عند الطرف الشمالي الشرقي من المدينة حيث أعلى كتف من أكتاف دجلة ينعم بالسكينة والعزلة المفروشة بمساحات زروع خضر . تتخطى عتبة بابه الخشبي الذي لم يألف الغلق أبداً إلا عندما يَخلدُ صاحب البيت إلى النوم أوان حلول الظلام...
جلست قبالة التيه، ألوك أوجاعي، وأردد نغما حزينا، والدموع تغسل عينيّ من الكحل العربي،
ـ آه كان سوادا في لون العتمة .
أذكر ـ ذات مساء ليلكيّ ـ من أيام عاشوراء، سألت أمي، حينما أجلستني قبالتها لتغرق عيني في السواد
ـ لماذا نلتحف السواد، أنا أكره هذا اللون.
ـ هذا كحل عربي، يعطي هاتين العينين...
إلى ركاب الغرق واحدا واحدا وهم يرتفعون الى الله .. الى الأرواح التي انتشلها البحر كي يقيم لها هناك في عمقه كردستانها بعد اخلفت الأرض... الى كردستان البحر وحواري نعيمه الحارسات من الحدود الى الحدود .. الى الشهداء الأحياء الذين عاندوا الموت فدامت حيواتهم رغم الموت.
المُهرِّب والزورق
>حين تفحص...
كنا، صاحبي وأنا، عند باب الحانة الإنكليزية لنلهو ونستأنس بما يتيحه المكان ورواده، والقوم، في يوم عطلة نهاية الأسبوع، ودلفنا حيث الروائح والسوائل والأطعمة والفراغات التي يتركها المواطنون فيحار فيها الغرباء، وثمة ما يسقط من اللغة أو يتعسر على غريب من لهجة أهل البلد وفقهها واختصاراتها وعادات...
من شبّاك غرفته الذي يطل على مرتفع جبلي أعد ليكون مدينة حديثة ، استغرق في التفرج على الخضرة الفاحمة لأشجار أقدم عمراً تناثرت بينها وحولها البيوت. كان الشبّاك هذا هو منفذه الوحيد الى عالم رحب غير عالم الفندق المخنوق بدخان النزلاء.
كان ما يزال لم يخلع ملابس السفر، إنما رمى حقيبته على منضدة في ركن...