سرد

جارتنا الجديدة ،شابة جميلة، طويلة ،رشيقة كعارضة أزياء ، وأنا بدينة كأمي الجالسة بقربي، أنا وأمي نشبه بعضنا في كل شيء، عمري إثنان وثلاثون وأمي سبعينية ، إذا أرادت أن تنهض عن الأرض ، تتوكأ بقبضتيها على البلاط ،ترفع عجيزتها الضخمة بصعوية بالغة وعلى لسانها كلمتها المأثورة دائما (يا جميل يُمّه...
وحيداً ومتوحداً يجلس، في ركن قصي من حانة صغيرة تدعى "روز" ، هو نفسه الركن الذي يختاره كل مساء، أحياناً يدخن ويتابع خيوط الدخان كمن يبحث فيها عن شيء مُضاع، أو يقرأ في كتاب صغير يشبه كتب تعليم اللغة الانكليزية، وكثيراً ما ألمحه يتفرس في وجهي، وما إن تتلاقى نظراتنا حتى يشيح بوجهه الى الشارع. رجل لا...
وحده كان الطفل فوق السرير، مستغرقا في قراءة كتاب. كان لديه من الوقت ما يكفي، ولذلك لا أحد سيزعجه لمدة طويلة. يشعر الآن بأنه بحال أفضل، ولو أنه يرغب في مزيد من النوم. انخفضت حرارة جبينه، وتخلص من أحلامه المضنية التي جعلت نومه محموما: رأى نفسه سابحا في الفراغ وسط بنايات متهاوية كان يخشى أن تدفنه...
مساء يوم الخميس ٢٢ دجنبر ١٩٣٧، كان أنطونان آرطو يطل من نافذته، بالغرفة رقم ٥، بمستشفى"ڤيل إڤرار" للأمراض العقلية، فرأى الطبيبة الحسناء،الدكتورة "بيرينيس"، بقميصها الشفاف وتنورتها القصيرة، وهي تروض ثلاثة أسُود في حديقة المستشفى. كان أنطونان آرطو يعرف جيدا أن تلك الطبيبة قد اشتغلت عارضة أزياء، في...
قال راكب المترو : لاشك أن الغيم أعطى للطيور اليوم مايكفي لكني قلت له: لم أر رزا في السماء وقال الجليس الأخر: ولاشك أن داود باشا صعد السلم بأتجاه فالِدَه خاتون لكني قلت له: لكن اللوحة تشير لأمنينو ... وأخر وأيضا ولاشك سأطالع ماظل على الأرض ومابقي في السماء إن بقيت لي ذاكرة فاوست وتخيل رولا...
المغرب هو الأصل في المنظومة المغاربية؛ فمنذ أكثر من 12 قرنا وهو على نظام دولة قائمة الذات، في سيرورة عهوده المتعاقبة، والتي شكلت منه إمبراطورية شاسعة. فهو تاريخيا مركز محوري لمنطقة غرب شمال إفريقيا، وبهذا استمر مرجعا متأصلا لتراث المنطقة وجامعا للهجاتها ومشكلا للثقافة الاجتماعية والسياسية عبر...
(7) أتحسس مسدسي حين أسمع كلمة « ثقافة ». بهذه الصيغة، أو بصيغة قريبة منها، خرجت الكلمات من فم رجل أتعبه الحال مع ناس الثقافة، فهم مزعجون، درجة الوعي لديهم، لا تستكين إلى « فضيلة » مطلقة، لهم حاسة سابعة ترى الصورة و ما خلفها، و لا يستنيمون إلى التبرير الجاهز و السائد. كلمات الرجل الذي يتحسس...
.....أ.م.أ...... شاهدها وهي تمسح أثر الشوكولاته عن فمها بكف يدها الأيمن، فقفز بذاكرته عبر الزمن إلى بدايات مرحلة مراهقته؛ ابتسم لحظة تفتحت أمام ناظريه صورة "بطة" وهو يغريها بقطع الشوكولاته ليحصل منها على قبلته الأولى، وبطة هي فاطمة زميلته الشرهة على مقاعد الدراسة، هكذا كان يناديها، مرر لسانه فوق...
أثناء الرحلة إلي الإسكندرية كنت شديد الانتباه إلي ماحولي، مستبشرا بليونة الموج وانتفاخ الأشرعة بالريح المحركة المواتية لفرسي تفقدات حتي يتعرف علي أكثر. أجريت مع بعض الركاب محادثات ودية أطلعتني علي أن معظمهم آتون من الأندلس وبلاد المغرب، إما للحج أوالتجارة، وإما بحثا عن مورد عيش ومستقر. في...
انطلقت العبارة في رحلتها، فيممت مكانا منعزلا جلست فيه أقدر النوء تارة، وأخرى استرق النظر إلى وجوه الناس من حولي. كانت أمارات التعب والكدر تطبع معظمها، وقلة قليلة من الركاب يتضاحكون، إما من شدة الهم أو تزجية للوقت. بين الفينة والأخرى، وأنا على مقعد خلفي، كان يمر بي متسول بمبخرته وأدعيته وآخر...
مالت شمس النهار القصير إلى مغيبها اليومى، فاكتست الأنحاء الجرداء المحيطة بقلعة «فردجان» البائسة، بالوحشة الشتوية المعتادة فى الليلات الطويلات، وابتدأ البرد فى الاشتداد.. انعدمت بعد هنيهة رؤية المدى، وصفر الهواء من فتحات رمى النبال، معلناً عن عصفٍ آتٍ. ومع ذلك، ظل منصور «المزدوج» آمر عسكر القلعة...
لم يمنح المشايخ أحداً حرية التفكير، بادراك العوالم والأشياء الأخرى التي تفيض بها الفضاءات العليا، ولا كذلك عوالم الباطن الأرضي، باعتبار أن الأرض كوكبٌ، هو بالأساس من بنى السموات التحتية. اذكر أن أحدهم سألني في دار الملا أبو قعبرة قائلاً: كم حصة المؤمن من الحَريم في الجنة وكم له من النساء في...
وقفت أمام مرآتها ، أخذت تصفّف شعرها الخرنوبي بعناية . فجأة توقّفت يدها البضّة عن الحركة ، تسمّر المشط السّابح في نعومة الشّعر ، حدّقت ملياً ، قرّبت خصلة الشّعر من عينيها ، أمعنت أكثر ، تفرّست ، حتى تأكّدت من بدءِ غزو المشيب لشعرها ، صُعقت ، تراجعت ، وندّت عنها صرخة ذعرٍ حادّة : - (( لا .. لا ...
كان بورخيس الأعمى يمشي وحيدا في زقاق موحش من أزقة بوينس أيرس، في الهزيع الأخير من الليل، وكان ارتطام عكازته بالإسفلت يُسمع من بعيد. ثم حدث ما كان متوقعا. إذ اعترض طريقَه شاب يحمل سكينا، وهدده بها قائلا: - ها قد حانت ساعتُك أيها الأعمى! لقد قادتك قدماك إلي لأطعنك بسكيني هذه! بقي بورخيس رابط الجأش...
مشروع مستقبلي في ألف ليلة وليلة … رمى القدر بالخيانة في حجر شهريار؛ فقرر الانتقام من كل الخائنات في كل كتب الحواديت حتى من كانت منهن ما تزال مشروعًا لم يتحقق بعد بصيرة لمحت في حلمي ليلى تراود قيسًا عن قصيدته، يلقيها في هواء الصحراء لتتلقفها أذن ابن ورد؛ فأخفيت قصيدتي في قلبي. قصة الخلق عندما...
أعلى