سرد

بسم الله الرحمن الرحيم .. إلى حضرة ابن العم الغالي ، " أبو سليم " ، تحيّة عربيّة صادقة ، أبعثها إليكَ من صميمِ القلب ، وأتمنّى أن تصلكَ وأنتَ بألفِ خيرٍ وعافيةٍ ، كما أرجو من الله عزّ وجلّ ، أن يديمكَ على رؤوسنا سنداً لكلّ العشيرة ، فنحن بفضلكَ صرنا من أقوى العشائر في المنطقة . وبعد يا...
سأريكم ما أنا فاعل ياأولاد الكلب ، وقسماً بالله لسوف أدفنكم أحياء .. منذ اليوم ستعرفون من أنا ، وعندها ستندمون على أفعالكم السّيئة معي . أنا خيرو الأشرم .. الذي كنتم تعاملونه بتكبر واحتقار ، وتمنعون أولادكم عن مصاحبته ، فإن كنتم تتعوذون من الشّيطان إن رأيتم خلقتي ، فسأجعلكم تتلون آية...
كان عائداً من عمله ، منهكاً لا يقوى على جرّ نفسه ، فتحت له "مريم " الباب ، وهتفت بفرح واضح : - " رضوان " .. أنا أعرف كتابة اسمي . ظنّها تهلوس، فهي أمّيّة مثله ، فسألها ساخراً - وكيف تعلّمتِ الكتابة ياعبقريّة ؟. - من " سميرة " ، هي التي علّمتني . خفق قلبه ، أمعقول هذا ؟! .. هل يمكن له أن...
تتبلّد عيناي الآن، كما تتلبّد سماء نفسي، تناغما مع هذا الجو الغائم الذي يَشي بمطر وشيك. وقفت أنتظر هنا قرب جدار المقبرة. بمحاذاة مكان تهدّمَ جزؤه العلوي، والباقي تتوزعه شقوق واسعة تسكنها مختلف الهوام والزواحف. أسراب نمل في كل الاتجاهات تشكل مجموعة خرائط، وكأنها تهيئ خططا لحرب مقبلة؛ فيما كائنات...
فتحت كفيك المضمومتين فجأة..فطارت يمامة وحطت على غصن شجرة جميز..نظرت الى اليمامة بإندهاش وتأملت كفيك بإستغراب..لا شيء يوحي بأنهما كانا عشا لليمامة فليس هناك طوب ولا قش , بل فقط خطوط شاردة.. ابتسمت لليمامة ..لكنها ظلت تحملق فيك بتوجس..قلت لنفسك إنها يمامتي وكفاي كانا لها بيتا من حرير , ولن أتركها...
منذ أن تمّ افتتاح هذا الفرع الجديد "للشركة المغربية لنقل الأموات"، في البناية المقابلة للعمارة التي أسكنها، تغيّرتْ حياتي تمامًا.. تغيّرتْ نحو الأسوأ. ففضلًا عن هوسي المزمن وغير المفهوم بتتبّع مواقيت دخول الموظفين وخروجهم؛ ترصّد نوعية الزهور والتوابيت المقترحة على الزبائن؛ وإحصاء عدد السيارات...
كنت أقضي أيامًا في كازبلانكا قبل شهر. وفي صبيحة جميلة، توجّهت صوب حانة "س"، التي كنتُ قد انقطعت عن ارتيادها منذ نحو عشر سنوات. لقد كانت حانة صغيرة، وأغلب روادها هم من زبائنها الدائمين. إن لي فيها معارف وذكريات، ولا شك أن شيئًا كالحنين هو الذي اجتذبني إليها، بعد غيابي عنها منذ أن أصبحت أقطن...
قال الرجل: أنا الآن في السبعين، ما الذي يرجوه رجل في السبعين، بل ماذا يفعل رجل في السبعين قادم من بلد بعيد في ردهة فندقٍ قاتمٍ كروح هذه البلاد، كسمائها، كحاناتها، كألوان بزات الرجال الخارجين بمظلات ملونة من العالم السفلي لا يلوون على شيء؟ ماذا أفعل هنا بحق السماء؟ تذكَّر أنه جاء إلى هذه المدينة...
الصوتُ أنثىَ والصدىَ مذكّر، يقولُ العاقلُ، أمّا المجنونُ يقول: الأنةُ أنثىَ والرغبةُ ذكر! قالت فاطمة: انهض بأعبائك نحوي، كانت تعلم بالرجل الذي أنا وفيوض روحه. فقلت: بسيطٌ ومائي ذاهبٌ لسواك، فإذا استدارت إليّ ورمَت دَلوَها في بئري، أدرتُ وجه عمري إلى بلدي وشققتُ عِبابهُ كالمشتهي نجاة من غرقٍ...
أفقت من غفوتي فجأة، لا أذكر أي شيء عن حياتي السابقة، عن نفسي، عن مكان وجودي، أفقت لأجدني أجري بأقصى سرعة، أهرول وتتطاير الأتربة من حولي ويحف الهواء بأذني محدثا صوت صريخ مزعج، لا أرى هدفي بشكل واضح، ولكن لا بد من أن هناك هدفا أتعقبه، خمنت أنه ما زال بعيدا عني، خارج مجال رؤيتي، وأن عليّ أن استمر...
أمام الخراب الذي يعانيه العالم يخجل أن يتحدث عنها. كثيرًا ما يكره رومانسيته، يراها خيبة كبرى، ويراهن على صلابته في مواجهة أمواج الهم المحيطة به. عليه أن يقف على قدمين برأس مغروسة على كتفيه فوق أرض صلبة. لكن بجعة أحلامه تلك لا تنازله إلا فوق رمال متحركة. هي تستطيع الطيران بجناحين مفرودين للريح...
1 في الصباح تحركت جنازتان. تقابلتا في المنتصف حيث مساحة المقابر تفصل بين قلب المدينة وبين الضاحية العالية. جنازة لرجل والثانية لسيدة. كأنهما قررا في الوقت نفسه، أن يغلقا حكاية البيت القديم. البيت الذي شيدته السيدة دون أعمدة مسلحة، وكان هو أول سكانه، قبل أن يتركه نزولًا على رغبة الأبناء للانتقال...
_أتحتاجُ شيئا آخراً أستاذ خالد ؟ يسألني نادلُ (البار)، وهو يضعُ قدحَ (الكونياك) الثالثة أمامي، أشيرُ برأسي بأن كلّا، فينصرف أشعلّ لفافةَ تبغ، أتحسّس القدحَ البارد الموضوع على (البار) , أتكوّر داخلَ معطفي, وأنفثُ الدّخان أراقبُ الدوائرَ وهي تتصاعدُ أعلىً ، فأعلى لو تصيرُ هذه الدوائرُ أطواقا...
كانا نقيضين، ولم يكن ممكنا أن يكونا كذلك إلا لأنهما حين يلتقيان يبدوان نوتتين لا بد منهما كي تستوي سيمفونية الخلق، مثل وجهي عملة من زجاج، القفا يتداخل مع الوجه، وأشياء أخري، أحدهما يزيد من نحوله طول ينم عن نشوز غير مراقب، بوجه متفاوت التركيب، الأسفل منه مثل ورقة كمشت، بينما الأعلي كان له مروق...
في مقالٍ نقديّ للأستاذ النّاقد " حسني أبو خليل " نشره في مجلةِ " لسان الأدباء " ، العدد ( 513 ) . تحت عنوان " خريف البيادر وتزييف المشاعر " . وتجدر الإشارة إلى أنّ " خريف البيادر " هو عنوان مجموعة شعرية صدرت لي منذ أيام قليلة ، عن دار " الصمت " للطباعة والنشر ، وهي المجموعة التّاسعة لي على ما...
أعلى