نزار حسين راشد

الومضة التي كشفت عن بصيرتنا المُعمّاة لعلّها أثمنُ ما تولّد من رحم الإنفجار وكأننا لأول مرّة نطالع ما حولنا من دمار كأنً هذا الوطن لم يكُن طيلة الوقت سوراً يُعذّبنا بالحصار! وما إن تقشّع سقف هذا الغمام وانفتحت ثغرةٌ فيه وحلّق أول العصافير مندهشاً فوق عمود الغبار حتى طفقنا نخصف فوق عوراتنا ما...
هل ستلتقي عيوننا مرّةً أخرى هل يُقدّر لي أن ألمح ظلّ الوفاء في قزحيّتيكِ المنيرتين أم هل ستنكرني الذاكرة فللذاكرة خياناتها أيضاً وإنكاراتها؟! التقينا على غير موعد وربّما نفترق على غير موعدٍ أيضاً فللقدرِ تدابيره التي لا حيلة لنا فيها! صحيحٌ أنني أحببتكِ بكل قلوب الشعراء ونحتّ صورتك في قلبي من...
صباح كل عيد، كانت تستقبلني بابتسامة مشرقة، تقف على بعد خطوة، تتأملني قليلاً بنظرة ماسحة، من أعلى راسي إلى ما تحت قدمي، تعلن على أثرها بحماس: - ماذا أقول؟ كل شيء فيك جميل، تسريحة شعرك، قميصك، بنطالك، حتى حذاؤك مشع وجميل، ثُمّ تمدّ يدها للمصافحة وأنتشي برقّة كفها الأنثوية، لم أعرف أبداً إن كان هذا...
طار الغراب طار الغرابُ محاذراً أن يرصدوه مُحلّقاً فوق الخراب طار الغراب وجاء ألفونس العزيز بالبدلة الزرقاء ليوقّع الشيك السخيّ ويمنح البركات وانسحبت إلى خفاء الظل الجبّة السوداء وأنا الفلسطيني الذي قد عشت في بيروت عمراً في هامش الإقصاء فبقيتُ أبيض طاهرا من رجس أضواء الحمراء اتظنُّ طاب بي المقام...
كنتِ هناك نجمةً تُشعُّ فوق رأسي من بعيد وكُنتُ كُلّ يوم أنتظرُ المساء حتى يحلّ من جديد وحين غبتِ فجأةً بحثتُ عنك عبثاً فلا أحد يعرفُ أين تختفي النجومُ في مدىً بلا حدود ولا أحدْ يعرفُ مهما أتقن الحساب عن نجمةٍ متى تعود لكنّني ودون أن أتابع المسار أو أراقب الأفلاك أو أحسب المسافة التي يقطعها...
لوحة عناوينك مطفأة كأنها ظل خيمة بعيدة لطالما كانت دائماً قلادة من الأضواء تبعث في النفس الفرح وتُنطق في العيون البهجة لطالما كنت أكثر من أخ وأقرب من صديق لماذا تقفل بابك في وجه محبّيك ولا يزال هناك متسع للود وفرصة عناق للألفة وتبادل للإبتسامات والضّحك على النكات السخيفة لطالما حملتُ صورة...
اليوم يرحلُ مبتعداً آخرُ طائرٍ عن سمائي الآن في آخر الرّحلةِ أُدركُ أنّي كُنتُ أجمع الوهم زاداً وأملؤه في وعائي اليوم جَمَعَتْ حرارة أنفاسِها امرأةٌ وأطفأت آخر شمعةٍ في إنائي اليوم تترُكُني ِآخرُ الحمامات وحيداً مع علّتي ودوائي اليوم سَقَطَت من يدي آخرُ زهرة في موسم الصيف وسوف يُساقطُ الخريفُ...
استيقظت هذا الصباح كفارسٍ متعب،منتشياً بانتصارات أمس،التي نامت قريرة بين ضلوعي،ونهضت مع أول ضوء مرحّبة بلقاء النهار،وكأنما تتعجّل بزوغه،لتنشر بهجتها تحت أعطاف الصباح المحتفي بولادته،محمولاً على أمواج سكينته الوادعة. غريبٌ أن يغيض نهر الرّغبات،وتخفت شهوة الحياة،ويخبو بريق الإحتدام،ويخلو...
يرون ضحكتي فيقولون: أنت مفرطٌ في التفاؤل هل صحيحٌ أننا لم نعد نضحك للدعابات ولم تعد تسعدنا الورود ولا الكلمات؟ هل صخيحٌ أنّ العيد فيما مضى كان أجمل؟ ام على قلوبنا غشاوة البستها لها الحادثات؟ ماذا نقول حين نتلاقى إذن وما أشحّ اللقاءات! دعوني لنفسي إذن أغالبُ أيّامي العابثات لعلي إذا كانت لي...
"مشروع الأوروبيا الذي قدمه المفكر أسامة عكنان: قراءة نقدية" ثقافة يقيم عكنان مشروعه على فرضية تقسيم العالم إلى ثنائية الحضارية والرسالية، ثم يبني اساس هذا التقسيم على ركائز الموقع والجغرافيا ثم التوبوغرافيا ثم الديمغرافيا التي تحمل بصمات هذه الخصوصية المكانية والتي يسميها عكنان السيكلو غرافيا...
هذا الحب الخفيف الذي تحمل بذراته الريح لتنثرها بصدر الفيافي التي أجدبت والقلوب التي أمحلت هذا الحب الذي أحاول أن أنقل عدواه بالكلمات حُمّّاه بالقبلات أن أنشره ولو كالمرض سامحيني فإني أتحايل بكل الطرق لأوصل حُبّك للآخرين صوتك للسامعين وأن أُسمّي باسمك كُلّ ماءٍ وطين فلسطينُ فلسطينُ فلسطين أحاول...
التجول في شوارع نيويورك ومراكزها المزدحمة برفقة سيدة محجبة هي قفز في الظلام،ولذا ارتأينا أنا ووداد أن نذهب في رحلة سياحية منظمة،واستفسرنا من استقبال الفندق،فابتهج وبدا البشر على وجهه:كأني كنت أنتظركما قال بمرح!بانضمامكما ستكتمل المجموعة:هناك رحلة إلى متنزه يللو ستون،هل تمانعان في الانضمام؟...
تمثال الحرية ،شاهد الزور هذا،أين الحرية إذا كنت أثناء جولتي السياحية قد تلقيت خمسة تعليقات بذيئة بسببج حجاب زوجتي،الحاجة أم الإستلطاف،وحدهم المشردون يطلبون منك بلطف ثمن زجاجة"كوك"! وعلى المقهى يخالسني النظر رجل بملامح صينية،أدعوه لمجالستنا فيتردّد مبدياً دهشته،أسأله عن اسمه فيجيبني:جورج! -الأصل...
بعد نقاش طويل قررنا أنا وزوجي أن نقضي إجازتنا في أمريكا، فمنذ وقت طويل ونحن نتأمل هذه الرحلة ونتحادث حولها ،وأخيراً اعترفنا كلانا أن لدينا فضول كبير متعلق بهذا البلد،وأن علينا أن نشبعه بالطريقة المثلى،وهي بلا شك الذهاب إلى هناك ،وبالفعل حجزنا رحلة مباشرة على الخطوط السويدية، ستكهولم-نيويورك...
ساورني شعورٌ غريبٌ بالحنين،ونحن نحزم حقائبنا،عائدين إلى ستوكهولم،وكنت أداري شعوراً خفيّاً بالخجل،أن أحنّ إلى أرضٍ غير فلسطين،أو أكون سعيدة على نحوٍ ما،وأنا أتهيّأ لمغادرتها،وكأنني أرتكب نوعاً من أنواع الخيانةّ! ولكنّ هذا الحوار السرّي بيني وبين نفسي،لم يدم طويلاً،فانتمائي لزوجي هو امتدادٌ...

هذا الملف

نصوص
202
آخر تحديث
أعلى