قصة قصيرة

جاءت المرأة بالخبر وهي تعود من زيارة لأبيها وأمها، والمطر كان يهطل على شكل رذاذ، وهي تمشي على مهل، كي لا تنزلق قدمها فتسقط في الوحل. قالت: رأيته عند طرف الوادي وهو يفرش على الأرض معطفه. ربما أحس بالضجر. ربما أرقه فراق الأهل. ربما ملّ الكتيبة وصحبة زملائه الجنود. اختلق سبباً ما، وغادر الكتيبة...
لم يكن هناك في القرية عمل أسوأ تقديراً وراتباً من عمل حارس الماخور. لكن، ما عساه يفعل غير ذلك العمل؟ في الواقع، لم يتعلّم القراءة والكتابة قط، لم يكن لديه لا نشاط ولا حرفة أخرى. في الحقيقة، كان هذا منصبه لأن أباه كان حارسا للماخور وقبل ذلك جده أيضا. خلال عقود، كان الماخور ينتقل من أب لابن وحراسة...
لم تعد تحتمل أكثر. كانت مقتنعة بأنها لن تستطيع الصبر على وجود ذلك المتشرد الكريه مدة أطول. كانت عازمة على وضع حد للموضوع. قررت إنهاء الموضوع مرة واحدة مهما كانت العواقب فهو خير لها من تحمل طغيان ذلك الرجل. قضت زهاء الخمسة عشر يوماً في ذلك الصراع. ما لم تفهمه هو تسامح أنطونيو مع ذلك الرجل. لا،...
إنه يوم آخر طويل وأنا ممتلئ بالخواء. لا معنى لشيء، لا الزيتون ولا الحقول ولا الشارع الملغي المسدود الذي تحوّل إلى ممر ثكنة عسكرية. وحتى عندما قررت أن "أسرح" لجمع الزيتون، فقد كانت الفكرة هي أن أتسلق و‎"أخرط" الثمر فقط، ولا شأن لي بالجمع. وحين اعترضتنا الدورية وأجبرتنا بعد التفتيش على النزول من...
دخل التلاميذ مسرعين.أخذ كلٌ مكانه، رهبة الامتحان لم تمنعهم من بعض الوشوشة والضحك، وزّعت أوراق الأسئلة ومعها، كالعادة ابتساماتي فكّرت فيك "كابتسمي دائما ،حبيبتي، فكل ما حولك يصير أجملَ حين تبتسمين". جلست أراقبهم. ساد الصمت. لم يعد يسمع سوى وقع الأقلام و خشخشة الأوراق كأنما هي عزف نشاز لفرقة...
- لقد عاد إنتشر الخبر بين المتظاهرين في جادة الكرمل, شعر به المتظاهرون بين ظهرانيهم يدفعهم ويهمس في آذانهم بعذوبة. أحسّت به الخيول وصارت فجأة تترنّح وتصهل بامتعاض. إنه جنيّ… قال ابن تيمية: والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم فيتصوّرون في صور الحيات والعقارب وغيرها، وفي صور الإبل والبقر والغنم،...
كان من هواة الفلسفة ..و الحياة بالنسبة له هي مجرد نظرية .. لقد بدأ يتفلسف منذ كان طفلا، و يذكر تماما كيف اوجد لنفسه سؤالا شغله طيلة اسبوع كامل، واعتبره مشكلة جديرة بالتفكير العميق : لماذا يلبس الانسان القبعة في رأسه و الحذاء في قدمه ؟ لماذا لا يضع على رأسه حذاء و يلبس قبعة في قدمه؟ .لماذا؟ . و...
-نائم انا في غرفتي, نائم تماما دون تقلبات او زفرات, فجأة رأيتني اتسلل من نافذة غرفتي المشرعة للرياح والطيور والاشباح , هكذا فجأة اهبط من الجبل متعبا وعاريا لا ادري ما اسمي , اين اهلي ؟ من هي مدينتي الاصلية ؟ من هم اصدقائي ؟ من هي حبيبتي؟ كل ما اعرفه اشياء بسيطة لا ادري كيف صمدت في خندق ذاكرتي...
هذا الصباح استيقظت على غير العادة، بألام قوية في الرأس مع دوخة شديدة مفزعة، كانت غرفة نومي مظلمة، وعندما رفعت يدا ثقيلة لأزيح الغطاء علي لمست شيئا-ماهذا ؟ سألت نفسي باستغراب- هل هذا جسد؟ تحسست الجسم الغريب قربي، بدءا من الرأس حاولت البحث عن ملامح وجه ما . اما الشعر فكان قصيرا مربوطا بغير هدى،...
بين تلويح ضوء شحيح , وأفول نجم صغير .. قلت له: – مولاي لنبدأ بالحرق .. فالحرق لن يبقي على أي أثر قال بعد تفكير طويل: – الحرق ؟؟ لا يا ريقي .. لأن الدخان سيتصاعد , وسوف تكنسه الريح , وتأخذه إلى أماكن شتى ,و سيسكن روح القصب , فيأتي الراعي , ويصنع لنفسه ناياً كي ترعى أغنامه بسلام ,ناي القصب ستبوح...
بعيدًا عن هناك، في تلك الليلة، داخل المنزل المحاصَر، عذّبني كابوسٌ لئيم: حلمتُ بأنّني أقرأُ روايةً، وبأنّ كاتبَها كان ينظر إليّ بطريقةٍ ما. لم يكن جالسًا قُربي. المؤكّد أنّه رآني وأنا أضعُ كأسَ الشاي على صفحةٍ من صفحات الرواية، لتخلِّفَ بقعةً حمراء؛ بقعةً صارت تتمدّد بشكلٍ مرعب، وكأنّ أحدَهم ذبح...
أحد أيّام شهر آب من عام 2300 للميلاد. ينتظر الأخصّائيّ النفسيّ رامز، بطفر شديد، ما تبقّى له من وقت لانتهاء الدوام. لم يزره في عيادته منذ الصباح سوى مريضين بشريّين. يسير عمله منذ شهور بهذه الوتيرة البطيئة، فالبطالة المتفشّية بين البشر حرمت آلاف المرضى القدرة على دفع ثمن العلاجات النفسيّة. يفكّر...
وضعت يدها فوق رأسها، وضغطت عليها بشدة وكادت أن تغلق عينيها إلا أنها استرجعت في دقائق معدودة شريط كامل من الأحداث والكلمات التي كانت تدور بعنف داخل عقلها وتعصف به بشدة كما تعصف الرحاية بالغلال. تذكرته وهي تقول له أني لا أريد أن يكون أخي شخص سلبي سطحي لا هم له في الحياة سوي النكات والضحكات...
الريح شمالية، والمطر غزير يرشق كل خبء يمكن للفئران أن تحتمي به، بما في ذلك الشرفة التي اجتمع تحتها عدة رجال، حُشر بينهم منتظراً الباص معهم. البرد قارس، لم يدرأه عنه معطفه السميك الذي ورثه على التتالي من والده الذي أخذه عن جده. أغمض عينيه باحثاً في ذاكرته عن دفئها، غير أن الصوت القوي المفاجئ...
عم الظلام الدامس القاعة الكبيرة الخالية التي امتلأت بهمس الجدران الرطبة ، حيث تناثرت قطرات ماء المطر المتسربة من شقوق السقف لتغمر أرضية القاعة، تاركةً جزءاً جافاً انزوى فيه متكوماً في قيوده ! كانت الحشرات تسرح و تمرح و يثير فضولها ذلك الكائن الحي الذي ما فتئ ساكنا ، ولا يشير على أنه حي يرزق إلا...
أعلى