نصوص بقلم نقوس المهدي

تشرين الأول 1989م): تحية من القلب مترعة بالاعتزاز والمحبة... وتهنئة كرة أخرى على تخرّجك من كلية الآداب التي تركت فيها فراغاً بالنسبة لي، إذ كنت ألتقي بك في هذا الممر أو ذاك من ممرّاتها... أما اليوم فإنك بعيد في المكان، ولكن ستظل قريباً في القلب. ولا زلت أذكر أمسيتنا الحلوة في أحد مقاهي...
ينهض من فراشه كل يوم متوجهاً الى عمله.يغادر ساحة أم البروم بعد تناول وجبة متواضعة من الشوربة الحارة مع رغيف خبز بارد يدفعه دفعاً بسبابته اليسرى أحياناً، أو البيض المقلي بدهن الحر أحياناً أخرى. عشرات من الباعة مع عرباتهم الشبيهة بمطاعم شعبية متنقلة، انهمكوا بمداراة زبائنهم المعتادين. مدّ خليل يده...
تنسلِّينَ بخفَّةِ المها من بينِ أصابعي وكالماءِ من شقوقِ قلبي تتركينَ الفراشةَ تخبطُ في العقلِ والطائرَ الطنَّانَ يضربُ بأجنحتهِ وجهَ البحيرةِ الصغيرةِ في مكانٍ ما من الجسدِ لأني نسيتُ أن أسألكِ وأنتِ تمدِّينَ يدَكِ إلى جهةِ الفراغِ بانكسارِ أميرةٍ فينيقيَّةٍ: هل كنتِ تريدينَ الإمساكَ بطرفِ...
1- غربة.. أول رمضان بعد أحداث نيوزيلاندا ينتظر مسلمُو العالم حلول شهر رمضان لتطهير أرواحهم من ضغوطات السنة والمشاعر السلبية التي ترتّبت عن تلك الضغوطات. فهو شهر الراحة النفسية والتغذية الروحية والتصالح مع الذات عبر العبادة والتفكّر والتدبّر. وأنا مثل سائر المسلمين، لستُ أقلّ حماساً وترحيباً...
حمَلني فوق كتفه مثل شوال مفتوح تتسرب من الدماء وركض بي بين وهج النيران، مشهد لا ينفك أن يتردد في ذاكرتي وينغرس في أحلامي لحد الآن، رغم مرور عمر على انتهاء تلك الحرب، ورغم أني كنت شبه مغيَب عن الوعي، فيما كان جسدي ينتفض مثل سمكة خرجت لتوها من الماء، مع تدافع أنفاسه بين أضلع صدره طيلة المسافة...
عند ولادتي لم أكف عن الضحك لم يكن أحد يعلم أن اللامعنى متربص بي وأصدقاء السوء.. العيارون اللصوص القتلة الخونة مصاصو الدماء.. الفقر ينهال على رأسي بجزمته القديمة كان مخيفا جدا مقززا وأحادي العين رغم ذلك كنت أضحك طويلا من حنجرتي تتساقط فراشات نافقة ومن عيني المليئتين بالقذى تتدفق دموع المتصوفة...
علي طاولة النقاش أمسكت الأم والإبنة طرفي المشكلة ، شد وجذب، كلاهما يريد إقناع الآخر بوجهة نظره إلي أن وصلت المناقشة إلي طريق مسدود، حاولت الأم بشتى الطرق أن تنير للإبنة الطريق، أن تشرح لها مع من سوف تقضي حياتها، وأن الحياة بينهم شبه مستحيلة لأن أفكارهم مختلفة، ولن تتقابل في نقطة، وسيمضي الوقت...
أماه قد ضاع الطريق هل يبصر البر الغريق كان الفؤاد طيباً بل لقبوه بالرقيق غدا سجينا ضائعاً وأسود من لهب الحريق أماه أتعبنى السفر هل أستريح أو أفيق؟ هذى عيونى فانظرى هل نام جفن للحزين؟ قد جئت أبكى عالمى حتى تورمت الجفون أنى رغبت فى الرحيل أسافر وحقائبى شمس الآفول قد أنتهى قد نلتقى فى ليل يوم كم...
قبل أن تتوسط الشمس السماء، في هذا اليوم الذي انتشرت فيه روائح الفل على المنطقة كلها، انتهيت من إعادة شحن عداد الكهرباء، ثم سرت متثاقل الخطوات إلى البيت، أفكر في تناول الفطور قبل فوات موعد الدواء، تلقيت اتصالًا مفاجئًا، أبهج روحي، من صديق افتقدت تواصله لشهور طوال، قال إنه عاد في زيارة خاطفة...
قالها والدي ثم رحل : ما عاد البشر بشرا، وما صارت المدارس مدارس ولا المجتمع مجتمعا ،بعد أن حوّل العلم العالم قرية كونية صغيرة، الكل منكب، منشغل، مستهتر . لبثت أفكر في رد يشفي الغليل، لكن تعثر بي التفكير، طأطأت خجلا من واقع مترذل وحكم قاس صادر عن حكيم قد خبر الحياة و تقصاها لعقود طوال، و أنا...
(1) ثاني أيام الشهر الفضيل دعيت أخوة وأصدقاء أعزاء لتناول وجبة إفطار رمضاني في منزلي المتواضع، وقد لبوا الدعوة مشكورين. إلى هنا القصة عادية جدا، وتحدث مع ملايين من البشر حول العالم ممن يؤلمون موائد الرحمن في منازلهم للأهل والأقارب والأصدقاء كتقليد وعرف رمضاني يعزز روح التوادد والتكافل والألفة...
( إن الهايكو قصيدة قصيرة مقتضبة تثير الوعي من خلال إظهار جوانب من العالم بطريقة ملموسة و حيوية و معطاة - الشاعرة الألمانية إنجريد كونشكي ) 1 - كين ساويتري / اندونيسيا الجمعة صباحا تسمع صيحة البجعة من رواق المسجد الابيض *** 2 - كريستيان رانييري / فرنسا أجنحة ترفرف – ترحل البجع...
لا أعرف ما الذي يميّز عمر الثلاثين، ولكنّ الكثير منّا ينتظره ويترقّب الوصول إليه. ربّما ينتظر أن يأتي بتغيير ما، بصحوة منيرة بعد سُبات مظلم، أو نضج مفاجئ بعد حالة طيش مديدة أو رحمة منقذة بعد قنوط قاتل أو تحرّر من سجن فكرة بليدة أو محيط تعيس. عندما يجلس الواحد منّا لمراجعة حصيلة الثلاثين عاما من...
ما قبل رمضان تتهيأ مدينة كرن لمقدم شهر رمضان المبارك، كغيرها من المدن الإرترية، ذات الكثافة الإسلامية، ببعض مظاهر الاحتفآء، والاحتفال، بهذا الشهر الميمون، ترحيبا به، واستشعارا لعظمته وميزته على غيره من أشهر السنة، واستعدادا لصيام نهاره، وقيام ليله. فمن أول أيام شعبان، تتواصى الأسر الكرنية بشرب...
كان رقما غريبا ، أو لم أهتم برؤية الرقم ، في البداية اعتقدت أنها رسالة دعائية من عشرات الرسائل التي تقتحم هاتفي يوميا ، كالعادة كنت مشغولا فلم أحذفها ( تعودت أن أنتهز فرصة حذف الرسائل وتنظيف الجهاز أثناء السفر ، حيث لا مجال إلا للانتظار ) . قرابة الشهر ظلت الرسالة ، وحين حانت الفرصة قرأتها...
أعلى