قصة قصيرة

يمضي يوم .. يطل آخر وحيدا في المنزل، لم يسأل أحد، لم يتصل أحد. يعتريني الخمول، تتملكني الحيرة، أشعر بالرعب. ترتعش أوصالي، تخر قواي. أكره أن أنهض عن فراشي، أرفض أن أنفض فتوري. وحيدا .. وأشباح الليل تحوم حولي، همسات الفجر تقض مضجعي. وحيد ..! * * * فرحة التخرج، وأخيرا انتهت عبودية المدرسة، القميص...
قطعة نقدية معدنيّة ذات قيمة صغيرة في سُلّم أجزاء الليرة السوريّة (فرنك) سقطت من أحدهم على الرصيف، جاء انتباه سالم لها عرَضًا، وقعت في مرمى سهام عينيْه عندما عثرت رجله اليمنى بنتوء بارز من إحدى بلاطات الرّصيف المُتهالك قِدَمًا، فما امتدّت له يد الصيانة منذ إنشائه. انحنى مُتثاقلًا لالتقاطها، فركها...
«آه». أشعر ان ظهري يؤلمني، الساعة لم تلحق السادسة بعد، ضوء الشمس في الخارج خلف الستارة. «اليوم عيد ميلاد سالم». ما زال غاطا في نومه وشخيره، في السنوات الاخيرة قلت ساعات نومه، ما عدت قادرة على مجاراته في سهره.. يتناول عشاءه في الثامنة. هو هو منذ ما يزيد عن الخمسين عاما: قطعة خبز، وقطعة جبن بيضاء...
كنت أعلم بأن المرأة التي تجلس على المقعد المجاور لي ترمقني بزاوية عينيها، وتهتم بملاحظتي أكثر من اهتمامها بمتابعة أطفالها الذين تفاوتت أعمارهم بين العشرين والعشرة أعوام. أكبرهم ، هذا إذا لم يكن لها آخرون في مكان ما، إبنة أخمن عمرها بأكثر قليلا من عشرين عاما. هذا يعني أن المرأة الآن في الأربعين...
يظن العالم أن الساعة الـ 12 صباحاً هي أكثر الأوقات ظلماً وهدوءاً، هم فقط لم يعلموا أنها أكثر الأوقات ضجيجاً. تدق الساعة كل ليلة من برج مشيّد بعيد وتصل أنغام دقاته إلى أنفاس النائمين. كل ليلة أعدّ معها: واحد... اثنان... ثلاثة... ثم تلتهي أفكاري قليلاً وعقلي يظن أنه يعد الدقات تسلسلياً. أقول 12...
قبل عامين تفشى وباء التيفود في مديرية الغربية تفشياً مخيفاً فتك بنفوس الكثيرين، وصادف ذلك انقضاء بضعة أشهر على تعيين الدكتور زكي أنيس طبيباً بمستشفى طنطا وفتحه عيادته الخاصة، وكان في تلك الأيام يلاقي الشدائد المقضي على كل مبتدئ في فنه أن يلقاها أول عهده بالحياة العملية. فكان ينتظر طويلاً وعبثاً...
خلَتْ (هُدَى) إلى نفسها تتدبّر أمرها وتزن ماضيها وحاضرها؛ كانت تشعر أنها قادمة على أمر ذي بال، وأَنها الساعةَ في مرحلةٍ بين مرحلتين من حياتها، وثَمّةَ طريقان عليها أن تختار أيَّهما تسلك؛ فإما إلى سعادةِ تُنسيها الماضي بما فيه من لذة ونشوة وسحر، وإما. . . ولكنها لا تعرف السعادةَ إلا ما كانت فيه...
هل يعقل ان تتحول السماء التي لايحدها البصر الى بقعة صغيرة جدا ليست اكبر من النافذة الشاهقة التي يرفع اليها رأسه ؟ مرة يراها زرقاء ومرة سوداء او سمراء غائمة واكثر المرات مغبرة. هي كالفتحة في اخر نفق مظلم تربطه بالحياة وبالتاريخ الذي مر به. لم يكن معه من يتحدث اليه او شيء يقرأه حتى ولو كان ورقة...
قررت هذه الليلة أن تعمل بالنصيحة التي طالما ترددت في تطبيقها.. هيأت وجبة عشاء شهية.. أوقدت شموعا.. تزينت.. تعطرت ..لبست فستانا جديدا.. غيرت تسريحة شعرها.. نثرت ورودا على الفراش.. حضّرت منامة حمراء، حرصت أن تطويها بعناية فائقة، وتضعها في وسط الفراش؛ حتى تأخذ شكل وردة كبيرة وسط الورود الحقيقية...
يكاد أن ينطبق عليها قول الأعشى : غراء فرعاء مصقول عوارضها / تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل تلك هي (غادة) الشابة المليحة القسمات التي كان يتبارى شبان حيها ذات زمان مضى على الفوز بقلبها ، فمرت الأيام والسنون واصبحت (غادة) زوجة وام لثلاثة أطفال بعد أن تزوجت (بفيصل) ، الرجل الثري الذي يمت لها...
يرى بيسو جارته ( أم على ) الأرملة تتجمد الأرض تحت قدميه، يهذى كالمحموم , يحبها بجنون، يتلصص عليها وهى عارية تستحم من خلال ثقب صغير في عشته , تتسع عيناه وترسل شعاعا يصل لجسده الأبيض تحت نور القمر الغارب , يرى نهديها المتحفزتين يزداد جنونه وشبقه يمد يده ليلمسهما فلا يلمس إلا فراشه الخشن ، تتراقص...
جاء بها من حديقة بيضاء تحاكي القمر، نسرين التي تشبه القمر، سرى بها في الظلام محتفلاً وهي لم تحتفل، لما رأت سواده المفزع لطمتْ خديها وبكتْ نسرين. أي حظ هذا الذي قادني من حديقة البياض إلى مزرعة الخنافس، سرتْ والدمع نصفٌ محترق ونصفٌ يطرز فستان الزفاف، حطتْ رحالها في الدار الغريبة بين أصوات الخصام...
وفاء وفيصل زميلا مهنة واحدة ؛ يعملان في قسم الاستقبال في مستشفى للأسنان. متجاوران في مكان عملهما منذ سنتين. بدا فيصل مهتماً كثيراً بأمر وفاء، فهي فتاة ذكية ولبقة ونشيطة ومعظم مرتادي المستشفى من الرجال يفضلون الاتجاه نحوها للحجز عند الطبيب؛ لسرعتها في انجاز عملها. فيصل لايعرف عنها الكثير، سوى...
الموعد من السادسة إلى التاسعة من ليل الجمعة ، اللقاء سيتمّ في مكانٍ يُدعى الجلجلة أو الجلجثة ، هناك تواعدنا (لكن بدون لصّين ). ذهبنا لوحدنا وبدون موكبٍ يرافقنا... كان كلٌ منا قد صلّى طويلاً في بستان الزّيتون... كلّ منا قال: ( لتكن مشيئتك يارب لا مشيئتي أنا ) وانطلقنا نحو الجلجثة وأجفان الناس...
وضعتني أمي على عجلٍ في فجرٍ ماطرٍ ونهضت لترعى إخوتي ، ويبدو أيضاً أن أبي أرسلني إلى رحمها على عجل ، حيث كانت الحياة قديماً لاتمهلهم كي يلموا بالتفاصيل الجميلة للعلاقات. فخلقت عجولة ، يضيق صدري من التفاصيل المسهبة، كنت طفلة مزعجة دائمة البكاء ، كثيراً ما تعرضت للسخرية كلما خرجت للعب مع أطفال...
أعلى