قصة قصيرة

كان لإيقاع الليل في المبيت الجامعي رقّادة بالقيروان وقع خاص.ففي موسيقى الظّلام نشاز عجيب.إنّها خليط رهيب من أصوات البنات ووقع الأقدام و حفيف الأشجار و صفع الأبواب وحشرجات مذياع من هنا أو من هناك و أغان قديمة و جديدة و صرخة مفاجئة و قهقهة عالية .يطول الليل أو يقصر و ذاك اللّحن لا ينقطع . يخفت...
عندما قفزمن على ظهر أمه، وطأت أقدامه الصغيرة الأرض، ترنح واقفا ثم تقدم خطوة فوقع،ثم وقف فتقدم خطوة ثم وقع. تلفت حوله.. فوجد حافة الدكة التى تضع أمه عليها ملابس الغسيل مد يديه الصغيرتين، وأمسك بالحافة الخشنة ،حمَلها ثقله الخفيف ونهض واقفا . وصار يمشى ممسكا بها وهى لم ترحمه ،فطبعت على راحة يديه...
لم أتخيّل يوما أنّني سأعود إلى الحياة بعد أن تخلّصت من وهمها وزيفها عن إدراك واقتناع.... ولم أتوقّع أبدا أن انتحاري سيحدث صخبا كبيرا ولغطا كثيرا، بل كنت أعتقد أنّه سيخلّص عائلتي من مشاكل عديدة وسيجنّب وطني أزمات وفيرة ... فأنا لن أطالب بعد أن رحلت عن هذه الدّنيا بالعمل الّذي طالما وعودوني به ولم...
ضربت مطارق صقيلة على جُنُوب الجلد المشدود. تقلّعت الأقدام من مَغاوِصِ الثّلوج وتيمّمت موضع الطّبول. غاضت السّماء ثلجها بعد هطول أيّام عصيبة ورَقَت مدارج الصّفاء اللاّفح تُفْسِح للشّمس في نزهة مشتهاة، وتشهَد الجرّافاتِ وهي تقشّر الدّروب المغطّاة وتُهَوِّئ الحياة الجاثمة تحت الأسْقُف المثلجة...
وما كَانتْ لترفُضَ الدَّعْوَة... دَعاها على كأسٍ في أحد الزّوايا المُطلّة على البحر، كانت الحانة هادئة على غير عادتها، دون رُوادٍ كثيرين، ما عدا النّادل المتأهب للإنقضاض على "البقْشيش"، وامرأة تبدو غاضبة رغم هدوئها المُصطنع عبر تلك الابتسامات الصّفراء التي تُطلقها بين الحين و الآخر باتجاه...
تلفّتت في كلّ الاتجاهات بحثا عن تلك النقطة الزرقاء التي تحدّث عنها كارل(*) في كتابه. لم أجدها . كنت كغصن طاف في البحر الميّت . الفضاء مدهش ، أوغل فيه بسرعة فائقة . والسماء تجري فوقي وتحت مرقدي في تناظر ملتبس لنظراتي المرتعشة وكأنّني مغيّب الوعي … كنت مدفوعا دائما لمواكبة التغيّرات...
لوْ لم يكونا مع بعضهما لما استطاع كل منهما بمفرده إيجاد الجرأة للاقتراب من القبر المتهتك ، و قد بدت من خلال تلك الفوهة المفتوحة تتراءى لهما كتل اللحم الآدمي الممزّق ، كما تحوّل الكفن إلى قطعٍ متهرئة لمّا طالته نهشات القواطع الحادّة... غدا ما كان ظاهرا من القماش الأبيض الناصع رماديّا يميل إلى...
*مشهد أول: وقفتَ تتحدثُ مع «ناهد سليم» ـ في مدخل نادي القصة بشارع القصر العيني ـ عن محور النص وعن الحبكة فيه وجمالية السرد، بعد أن ألقت قصتها «في منتهى الشجاعة» .. ورددت هي في غبطة ما سمعته من تعليقات الجمهور عليها، وعبارات الاستحسان، ولم تشر ـ طبعاً ـ إلى القليل من النقد الذي قيل عن النص...
رأيت أنى وقفت على باب الديوان ، أنتظر المثول فى حضرة السيدة الرئيسة والأولياء الأربعة أعضاء المجلس : سيدى إبراهيم الدسوقى ، وسيدى أحمد الشافعى ، وسيدى الرفاعى ، وسيدى أحمد البدوى .. بدا المكان فى عزلة عن العالم . غابت حتى أصداء الأصوات ، فلا أدرى موقعه . التف بضبابية شفيفة . اتسمت التفصيلات...
تذكر الصبي الذي كان يقرفص قبل قليل أمامه، بعد أن بعثر أحشاء صندوقه، وبدأ ينفض الغبار عن حذائه، رفع عينيه عن الجريدة المنشورة أمامه على الطاولة... ألفى حذاءه ممتطيا صهوة الحصان الخشبي منذ أن غاب الصبي - بعد أن اعتذر عن نفاذ علبة "السيراج"، واستأذن في إحضار علبة أخرى - والرجل لم يغير من وضع رجله...
"إننا بحاجة إلى الخيال كي نواجه تلك الفظاعات التي تفرضها علينا الأشياء" خورخي لويس بورخيس سهوت قليلا عن صوت المذيعة التي كانت تبث أخبار الظهيرة، أخبار مائعة كالعادة لا روح فيها، وسيل من...
تمرّ الأيام والأشهر وتتعاقب الفصول والأعوام وقد مضى على زواج شهرزاد وعبد الرحيم عشرة سنوات بالتحديد كانت بداية حياتهما الزوجية مليئة بالرضى والسعادة .لا يعكر صفو حياتهما معكر .وكان كل منهما يسعى لإسعاد الآخر . لقد كانت شهرزاد تعمل ممرضة بإحدى المستشفيات الكبرى في المدينة وكانت مخلصة في عملها...
نماذج من فن القصة لكبار القصاصين الرواد في مدينة أماذيس، الراقدة كالحمل بين مهاوي الجبال على شاطئ قبرص الجنوبي، كان يعيش المثال بجماليون عيشة كلها عزوف عن العالم، وانزواء عن مشاغل الحياة، وهرب من الناس. كان يأوى إلى ممثله إذا تنفس الصباح، ويكب على عمله حتى تواري الشمس بالحجاب، فيأوي إلى...
كان إبليس يقيم في مصيف (دوفيل)، ولم تمض أيام معدودة على قدومه إليها حتى كان من أثر وجوده بها عدة حودث انتحار، وقعت بين رواد قاعتي (الروليت) و (البكارا). . ولكن هبطت عليه ذات يوم برقية من مجلس الشياطين الأعلى المنعقد في (بروكن) تعدوه الى الذهاب من فروه إلى قرية س. . . في جبال الألب ليقضي هناك...
كلما تحدثت عن (بلاد الفير) والناس الذين يعيشون فيها، مر بخاطري حكاية قديمة لقروية خرجت صباح يوم إلى المرعى لتحلب أبقارها. ولما لم تجد الأنعام في المكان الذي اعتادت الوقوف فيه منتظرة إياها، اضطرت إلى أن تتوغل في الغابة باحثة عنها. غير أنها ضلت الطريق وكانت القروية قبيل أن تخرج من دارها قد ضاق...
أعلى