مقالة

(نقدم إلى قراء الرسالة كاتبا جديداً من نوابغ الشبان الذين جمعوا بين الثقافتين الشرقية والغربية وهو الأستاذ (عمر الدسوقي). فقد تخرج في دار العلوم سنة 1932 ثم أرسل إلى إنجلترا للتخصص في اللغات السامية، فدرس منها الحبشية والحميرية والآرامية والعبرية، ودرس إلى جانب ذلك اللغات الفرنسية في إنجلترا...
1 زيارة كوخ مارتن هيدغر في قلب الغابة السوداء بألمانيا، من أجمل هدايا الشعر. ذلك ما كنت أتمناه منذ عهد بعيد. ثم حان الوقت، وحدث ما لم أكن أتخيّل تحقيقه. كثيراً ما تهيأتُ لهذه الزيارة، خاصة بعد أن كنت زرتُ، في التسعينيات من القرن الماضي، غرفة هلدرلين في بيت النجار إرنست زيمير بمدينة توبينغن...
يوم قرأت أنهم سيحتفلون في معاهد الغرب الفلسفية بانقضاء مائة وخمسين سنة على مولد (شوبنهور) كان شعوري بهذا النبأ كشعور السالك في الطريق يلقاه على حين غرة صديق قديم مستحب اللقاء مذكور البدوات، على شوف إلى مراجعة عهده السابق واستئناف عشرته القديمة هذا أنت يا صاح؟ وأين كل هذا الزمن الطويل؟ فقد مضت...
مقالات ملفقة (19/2) ما زلتّ أذكر بيت شعر يتردّد صداه في ذاكرتي للشاعر (عمر أبو ريشة)، منذ عام 1979عندما كنتُ في الصف التّاسع: "يا عروسًا تنامُ ملءَ المحاجرِ .. شَيّعي الُحُلُم، و الطّيوف السّواحر" وجاءت كلمة المحاجر هنا بالجمع ومفردها مِحجَر، وهو ما أحاط بالعين ودار حولها مما يبدو من النّقاب...
أعرف مقهى القصر في حلب منذ طفولتي، فلقد كان قريباً من شركة والدي للأدوية، حيث كنتُ موجوداً معظم أوقات حياتي أراقب البزنس الدوائي، وكنتُ معجباً بشخصية صديق والدي رمزي، الذي كان يملك معملاً للأدوية، وكنا وكيله الحصري، كان يجلس في مقهى بسيط اسمه القصر، وعلى بساطته وأسعاره الشعبية وموقعه الاستراتيجي...
المكان الذي نحمله في الإبداع أكبر من الحجر ومن الشوارع ومن الزمن· حسب عمتي ميمونة -أطال الله في عمرها- فقد ولدت في دار اسمها ''دار عثمان'' التي لا أعرفها إلا من خلال هذه العمة التي أحبها كثيرا لأنها ظلت رغم كل المحن التي بلاها بها الزمن، ظلت قوية وضحوكة ومبتسمة دائما، فقد رزقت بولدين مختلين...
افتتحت مجلة “الأقلام” العراقية عام 1980 سلسلة كتبها الدورية بكتاب “جماليات المكان”، لغاستون باشلار، ترجمه الروائي الأردني غالب هلسا، فكان صدوره حدثا ثقافيا احتفى به الأدباء والكتّاب والمثقفون بشكل عام. وقد شكّل لي شخصيا مرجعا مهمّا في مقارباتي النقدية للأعمال المسرحية (نصوصا وعروضا) كون المكان،...
ماكوندو هي القرية الأسطورية التي تدور فيها معظم أحداث العمل الأدبي للكاتب الكولومبي الشهير جابريل جارثيا ماركيز، وهي مكان روائي غير حقيقي، أبدعه خيال ماركيز غير أن عدم العثور على ماكوندو على الخريطة لا يعني أنها غير موجودة. في الحقيقة، فإن القصص الخيالية التي يكررها جيل بعد جيل، إلى جانب صخب...
كما لو كان مشهداً سحرياً آسراً مستلاً من رواياته العجيبة كان حدث وصول الكاتب الكولومبي الأشهر غابرييل غارسيا ماركيز إلى مسقط رأسه مدينة أراكاتاكا مزيلاً مئة عام وأكثر من العزلة عن المنطقة شبه المعزولة، تلك المدينة التي استلها برشاقة فادحة من الواقع المرير إلى الخيال المطلق، فأحب سكانها صورتهم في...
لقد شغل مفهوم الفضاء حيزاً كبيراً من تفكير بعض الفلاسفة والمفكرين عبر التاريخ فلذلك يرى الباحث بأنه من الضروري وقبل التوغل إلى تحديد مصطلح الفضاء لابد من التمييز بينه وبين المكان والحيز وذلك كون الفضاء والمكان والحيز مفاهيم أساسية ومهمة لعبت دوراً مهماً في تكوين كيان الفرد وبالتالي الجماعة لان...
السفر لا يعني مجرد الارتحال من مكان لآخر أو قطع المسافات فقط، بل أيضاً قد يعني الارتحال في الزمان، عبارة خانتني الذاكرة فلم أستطع أن أتذكر من قائلها أو أين قرأتها، وإن غلب علي ظني أنني سمعتها من الناقدة د. نهاد صليحة في معرض حديثها عن تجربتها في السفر مع فرق الثقافة الجماهيرية المسرحية في...
من هنا بدأ العالم ماراثونه المقدس من ضلع سابع لـ(كلخو) ولدت البرية، ومن ضلع ثالث لشقيقها لاماسو ولدت السماء والكائنات والوهيات نبتت لها اجنحة بعدد حدقات اطفال الكون والبشرية، كلخو تارة إله يرقد فوق خضرة إله يجمع آلهة من ذهب وفضة. كل مساء ويدعهم ينتشرون على مساحة اكبر من مسافة طيران اجنحة لا...
كانت الرحلة شاقة وممتعة في آن، تهادت خلالها سيارة النقل الصغيرة وهي تصارع تلال الرمال الذهبية العاتية التي تلهي بجمالها عن اشعة الشمس الحارقة التي رسمت نفسها بوضوح في تلك البقاع الجافة في شمال السودان، وبعد عناء توقفت بنا السيارة وسط منازل شاحبة شيدت من الطين تحفها اشجار نخيل عالية واشجار اخرى...
يولد الإنسان بفطرة الإنتماء للوطن الكبير.. ويظل عالقاً بوجدانه بكل تفاصيله- (التي قد يراها البعض قبيحة وبائسة)- ولو عاش في أجمل بقعة في العالم..! يعاوده الحنين دوماً لترابه إذا كان مقيماً بالخارج، وتبقى الأمكنة برحيقها وشخوصها منحوتة في ذاكرته لا تبرحها قط.. فللوطن إنتماء على وجه العموم، وللقرية...
أعلى