سرد

ليلة 14 مايو 1948 نام وفي قلبه خوف من أن يسرق ولدُ جاره برتقاله، فرأى في منامه أن بيّارته تحولت إلى بركة، وقد أثثتها ضفادعُ من كل الأشكال والألوان. كان يصرخ في الناس كيما يساعدوه، لكنهم اكتفوا بأخذ صور له، وهم بين الضحك والعبوس. تأكّد من أن مصير البيارة يعنيه وحده، فطفق يرمي الضفادع خارج...
[إلى الآخرين.. في "اليوم العالمي لحرية الصحافة"] من دون وعي تكوّمتُ في الزاوية البعيدة للغرفة أو الزنزانة، قدّم لي أصغر الموجودين شيئاً ما يشبه الوسادة، على يده بقايا دم جاف وجرح متقرّح، بل ثقب، كأن أحدهم وضع يده على طاولة ثم ثقبها بقلم. أشرت له بحركة تفيد أنني لست بحاجة إليها. أكبر الموجودين...
كلّ ظهيرة، يرتدي ملابس العمل الثقيلة. طبقات النايلون تلهب جسده، وشعر الصوف الغزير يشعل نخاعه، لكنه يبدأ العمل كآلة صمّاء. ينظّف ساحة العرض، الحلبة والمقاعد. يمسح الأبواق والطبول. ينفخ البالونات. يسمع صوتها في قاع قلبه: "هذه بالونة لانا". يقدّم لها البالونة. يسحبها الهواء بعيداً. يد لانا لم تعد...
1 قُنفذان، أعمى ومبصرٌ، كانا يخرجان كلّ ليلة إلى مراعي العشب وبقع الماء المتخلف من رذاذ المطر، أخوّةً في القرابة وقسمةً للمحنة وكرم الربيع. كان من علامات العدل الجميل أن يصفَ المبصر للأعمى روعةَ الليل ونقوش السماء بالكواكب والنجوم ونعاسَ القمر الفضيّ بين أغصان الشجر وسجادات الوادي ومرايا الماء...
ذبابة تطنّ فوق رأسي مثل طائرة إسرائيليّة فوق غزّة. أريد أن أقبض عليها وألقيَ بِها في السّجن. لن يكون السّجن إلّا علبة كبريت. سأستجوبُها، وأحرّكُ العلبة بِخفّة حتّى تعرف حقّ النوم، وحقّ الرّاحة. أو حتّى أكون أكثر مكراً، سأفعل بِها كما في النّكتة. سأتربّص بِها وأقبض عليها، وأضعها فوق راحتي،...
أمضى فرناندو كارّيرَس سنوات من حياته برتبة رقيب. وفي لحظة سكْر، جاءه الإلهامُ فبكى. بكى كما لم يبك وأضمر شيئاً. بعد شهر من الاختفاء، ظهرَ في واحدة من قرى الشمال البلجيكي. هناك، عاش معذّباً بين الحنين ووخز الضمير. ينام وقتلاه يستيقظون تحت الوسادة. وفي صباح مشمس لا يمكن أن ينساه مطلقاً، نهض...
على الأرض المنبسطة القريبة من سفح الجبل، احتشد مئات الناس. من كل الأعمار. أطفال وشباب وشيوخ بصحبة عصيّ للمشي. وصلوا إلى المكان بسياراتهم الخاصة والحافلات العامة، وحافلات شركات السياحة المعلبة. الجو مشرق وحرارة الشمس تتخلل الأجساد المتشوقة لها. سألني شيخ وقف بجانبي، وقد لاحظ حيرتي وترددي: هل هذا...
إننى أحتضر …. فاحذروا محبتي … عاد … وما أن فتح النافذة … حتى انسكب الضوء مفترشاً على أرضية الغرفة مبدداً وحشة المكان مستبيحاً الظلام ورحيق الذكريات المنسية مثل نصل حاد … محيلاً المنحوتات الرخامية وقطع الأثاث القديمة والفراشات المجففة إلى قطع متناثرة براقة من الذهب اخترق الضوء دون استئذان...
لم أكن أعلم أنه تغلغل في كيانها إلي هذه الدرجة ، وأنه استولي علي وعيها ولا وعيها بصورة بلغت هذا الحد من الفزع في عز الليل صرخت : ماما … ماما .. قفزت من القراش بعد أن دارت فيه دورتين بحثاً عن سبيل .. لحقت بها قبل أن تقع ، لكني لم أستطع وأنا مفزع ومندهش أن أحول بينها وبين الوقوع علي ركبتيها...
انهارت جدران الحلم . وانفتحت عن يوم أغرب. لم أنم الليلة ، فاليوم تتم رموز الرؤيا ، وينفتح الباب الممنوع ، أخطو داخل أرض أخري أغمس قدمي في ماء البحر المسحور وأري تنائم حلمي تمنع عني أخطار السفليين المنتظرين قدوم الفرسان الآتين من خلف الباب . أفتح عيني وأنظر نخلات تطرح فاكهة لم أرها من قبل ،...
لم أعرف شغلة معينة لأبي … ينتقل من عمل لآخر .. أمي تؤكد أنه كان حلوانيا من الدرجة الأولى … وكان يمتلك محلا كبيرا ذا بابين واسعين في شارع فرنسا … وله زبائن من أكابر الناس … الباسوات والبهوات والأمراء .. كانوا ينتظرون في سياراتهم الكبيرة أمام المحل ليأتي أبى لهم بالهريسة والبقلاوة … يمتدحونه...
سلوى بكر كيف انفتق ذاك الفتق الوسيع في نسيج الذاكرة الممتدة فخرجت منه كل هذه المخدات مخدة إثر أخري ، كما لو كانت محشورة حشراً ومكدسة تكديساً عنيفاً داخل هذا النسيج وكان ماو فعله القط “سني” لم يكن إلا خمشاً ليس إلا فتمزق الخيط اللاضم لتلك الغلالة الرهيفة التي قبعت بداخلها كل هذه المخدات ، رغم أ...
غالية خوجة نفضت عن الورد والغيم أرقي .. فاندست المشاهد في التربة وفي شتاء ستحرره الكلمات نبتت أحداث قصة قديمة لن ترويها أنا الراوية ولن تبوح بها الشخصيات ذاكرة معنقدة في الكروم ، تنشرنق حول نفسها بعد هزتي ريح ستغادر خيوطها اللامعة ، وترفرف بأجنحتها الملونة . لماذا كل مسافات الزمن لا تتسع...
كان تعنته غريباً وغصراره لا مبر له اللهم إلا استخدم سلطة محدودة وعاجزة. لم يقبلالاستجداء ولم ينفع معه اللين ومعسول القول فقط قالها ولم يتزحزح عنها قيد أنملة : – لابد أن يأتى بنفسه ياسيد وأرجوك ( متعطلنيش ورانا ناس غيرك ) . ولم يكن هناك بد سوى الخضوع وتنفيذ ما قاله ذلك الرجل . كان جدى محبا...
أمير تاج السر منذ صغره أراد أن يصبح عورة إتكاء علي تلك الرغبة التي ابتلعت طفولته وتماسك أهل بيته وأماكن حساسة في جسد العادات والتقاليد ، وقراءات الحفظ والتجويد في خلوة الفقيه ” داود اقرع ، انفلت الصبي كحل عينيه بكحل الروغان ، تعلم (السفه) والبصاق وخنفسة الشعر بأمشاط الخشب والحديد وطد علاقته...
أعلى