نشروا صورًا لجثة رجلٍ ملقاةٍ على الأرض ، وقالوا إنها له ، ارتجف قلبي وكاد أن يتوقف ، لا إنه ليس هو . إنها صورٌ مفبركة ، وتلك عادتُهم في صناعةِ الأكاذيب .
دققتُ في الصور ، إنها لرجلٍ بزي محارب ، وأنا أعرفُ أنه لا ينزلُ ميادينَ القتالِ ، ولا يحملُ السلاحَ ليشاركَ في العملياتِ ، فهو القائدُ...
فيك عشرة كوتشينة ؟
وتبدأ سهرة كل ليلة ...
العتمة تسرح في جنبات الحارة ... جدران حائلة انهارت محارتها فبان لحم الحيطان لدناً مشبعاً بالرطوبة ... نجوم شاحبة متقببة على بيوت ضمت في حناياها هجوع الخلق وسكن الأشياء ... عِرَس تمرق من تحت أعقاب بيبان ... نباح كلاب في صحن الليل ، يفزع العابرين في...
بدأت الأمطار تهطل في وقت مبكر من صباح هذا اليوم. كانت خليدة متكئة على حافة النافذة بالشرفة العليا، تتطلع بإعجاب إلى الأمطار التي كانت تنزل بكثافة، وتشق لنفسها
مجاري صغيرة وسط الرمال. لم تتحرك من مكانها. كانت بمفردها في البيت المطل على البحر. زوجها سافر إلى جنوب البلد ليطمئن على أمه. قضت خليدة...
بعد منتصف الليل بقليل، عند خروجه من محطة الوقود، وهو الوقت الذي يفضل فيه إطفاء راديو السيارة والإنقطاع عن التحدث مع نفسه، رأي تمساحاً يقطع الشارع الخالي بخطوات ثقيلة، كان كعادته قد أنزل زجاج النوافذ وأسلم نفسه لهواء منتصف الليل وهو يسير في الشوارع الخالية، بضوء مصباحي السيارة يحفر الظلام متوغلاً...
في اللغة العربية، ثمّة فرق جوهري، بين الدار والمنزل. في حين أن المنزل بوسعه أن يكون فندقاً، أو استراحة مسافر، ليس بوسع الدار أن تسمى داراً، من دون بئر وشجرة جمّيز.
إنها حكاية قديمة، تعود إلى عشرات السنوات. في ما بعد، أصبحت أسطورة، تتردد في عائلتنا، من جيل إلى جيل: قام جدّي بقطع عدّة أغصان من...
عزيزي مصطفى
تسلَّمتُ رسالتَكَ الآن، وفيها تُخبرُني أنَّكَ أتْمَمْتَ لي كُلَّ ما أحتاجُ إليهِ لِيدعمَ إقامتي معك في جامعةِ "كاليفورنيا".
لا بُدَّ لي يا صديقي من شكرِكَ. لكن، سيبدو لكَ غريباً بعضَ الشيءِ أنْ أحْمِلَ إليكَ هذا النبأ. وثقْ يا مصطفى أنني لا أشعرُ بالتردُّدِ أبداً، بل أكادُ أجزِمُ...
الدوالي اللعين يقف ضد الثورة يشتغل مع الثورة المضادة ، قالت لنفسها وهي تجرجر قدميها بالعافية وتسير خلف المتظاهرين بعد وقوفها معهم قرابة ساعة أمام جامع عمر مكرم بالتحرير، لكنهم الآن تحركوا ودخلوا شارع القصر العيني، ومنه إلى مقر مجلس الوزراء ذي المبنى الفخيم الموجود منذ زمن الملكية القديم، ولكن...
بثينة خضر مكي
رقية زوجة المأمور هى جارتهم والصديقة الحميمة لوالدتها صفية. كانت علاقتهم ببيت المأمور قديمة وأزلية. المأمور قد عمل فى سجن المدينة قبل أكثر من عشرين عاماً بعد عودته اليها منقولاً من مدينة جوبا بجنوب السودان.
ومكث مدة ست سنوات يعمل فيها بالمدينة الصغيرة توطدت فيها علاقته بأهل...
استهلال…
لكم غاياتكم…
ولي نفس مثقلة بالجراح
لكم أحاديث الليل …
ولي الصمت المستباح
لكم نهارات مطهمة
بشهيق الشمس…
ولكم حفيف القمر المشتهى
وللمدينة النواح .!
****
من بعيد كان صوت أم قاسم ، شاهداً على سكون المدينة ..وشاهداً على غياب ثغاء الأغنام ..وانطفاء الموقد ..والمدينة، هذا الصباح تبدو على غير...
جمال نجيب التلاوي
من شرفة غرفته المطلة على النيل ، كان يراه متسعًا وعميقًا ، وزرقة صافية تظلل لونه، جاءه إحساس أن، السماء تسبح في مياه النهر ، وحين نادته أمه ـ وهي مجهدة ـ قالت :
– هذه الأصص وزعوها بينكم … لم يعد لنا بيت !!!
هي لم تقل الجملة الأخيرة ، لكنه وأخوته أدركوها ، كانت أصص الزرع عشقهم...
إدوار الخراط
مات أبانوب فجأة ، علي غير انتظار ، بين ذراعيْ منّة ، أمّة .
كان الوقت ظهراً ، ساعة الوّحشْة .
السنة التي فاتت ، كان قد التقى في الطرانّة بحميدة البَرْصا والتصقت شفاههما في قبلة فداء مميتة ، في هذه الساعة أيضاً ماتت عايدة وبعدها بسنة مات غنّن أخي الصغير ، وفيها ايضا ماتت ايقون –...
[أرى قِدمي أراقَ دمي]
السهروردي
كنا نسير، الواحد خلف الآخر، في طابور طويل، تدفعنا إرادة مبهمة. التصنيف والاستقراء، تركناه للجهاز الذي يحمله من يتقدمنا في هذا الطابور، كان قائدنا، لا غرو فهو الوحيد الذي ينتمي وبانسجام منمَّق إلى المؤسسة العسكرية.
يمدّ كلٌّ منّا قامة انهدَّ عاتقها رهقاً،...
محمد المطرود
قرأتُ في بداية حياتي ثلاثة كتب: "تعلّم الإنجليزية في خمسة أيام"، وأخذت منه I love you وthank you وwhat والعد من واحد إلى عشرة.
"السحر الأسود في جلب الحبيب الأوحد"، تعلّمت منهُ "حشنش حنشنش جوا الحشيش خشخش"، وبدلاً من أن أجلب بنت الجيران التي كانت تجلس معي في نفس المقعد الدراسي،...
عروة المقداد
أصابني الأرق وأنا أنتظر في الطابور الطويل الذي ينتهي بعنصر أمن يدقق في جوازات السفر. المطارات تشبه الحظائر الكبيرة، والوجوه التي تطالعك في تلك القاعات تحمل ملامح لا تعني أي شيء، بل تبدو وكأنّها منتزعة انتزاعاً من أماكن انتمائها الأصلية حيث جاءت. أماكن تمنح وجوه حامليها عادة صفة...
علي جازو
خرج الرجل العازب، بعد تردّدٍ وتخطيط مضجرين، إلى بقّالة قريبة لشراء نصف كيلو من البندورة ونصف كيلو خيار؛ ظنّاً منه أن تقليلهما طريقة ممتازة لتوفير المال! توفيرٌ يحرج المرءَ والمرأةَ، وهو نوعٌ قسري ما بعد حداثي من أنواع المساواة الإجبارية الجديدة. أحرجَتْه قلّة حيلته، ومكوثه دون عملٍ طوال...