سرد

عبد الرحمن منيف الى علي الأصفري ابن الحلبية المنكود ايضاً من الكلمات التي تذكرها اختي الكبيرة، وترددها على مسامعنا كلما زارنا خالي، ان امي وهي تموت قالت لمن كانوا حولها، »لاتنسوا المنكود « وقد فهم الحاضرون من تعني، ولم يسألوها توضيحا، لأن امي كثيراً ما كانت تشير اليه بهذا الوصف، حتى اصبح اثبت...
كان الحزن يخيّم ذلك اليوم على المعسكر القائم عند طرف الغابة. حتى مورسيا كامبل الشابة الباسمة - اصغر طاقم الاستكشاف سناً - كانت تقبع صامتة. كانت تجلس على حافة احدى الصخور حاجبة اساريرها الجميلة بين راحتيها بعناد، غارقة في افكار بعيدة. كان الرجال والنساء ينتشرون بتراخ حول خيام المعسكر، جالسين تحت...
كان لابد ان أفعل هذا…. أمسكتها بيدين مرتعشتين، وأطبقت على عنقها الغليظ … وضغطت بقوة حتى احمر وجهها … أنفرجت شفتاها … برزت عروق الوجه… تدلى لسانها، وندت عنها صرخات استنكار … ومالت خصلة طويلة من شعرها وحجبت عنى الوجه.. الوجه الذى قتلنى.. لذلك لم أجد بدا من قتله.. قتلنى دون سابق معرفة.. لم يعترف...
النقطة هندسيا، إذا أسعفتنى الطفولة.. هى التى اذا جاورتها نقطة أخرى.. ثم نقطة ثالثة.. ثم نقطة رابعة.. وهكذا. يتكون خط مستقيم أو منحنى أو دائرى أو أى من الخطوط التى تشتهيها وتحبها. والنقطة لو بقيت نقطة واحدة فقط… ومهما هى حاولت فى تفردها هذا. فلن تكون شيئا ما مطلقا.. ولكى تكون شيئا ما.. عليها أن...
لا‏ ‏زال‏ ‏الظلام‏ ‏دامسا‏، ‏ولا‏ ‏شعاع‏ ‏نور‏ ‏يتسلل‏ ‏من‏ ‏خصائص‏ ‏النافذة‏ ‏آنفاس‏ ‏حبيبة‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏الغرفة‏ ‏تمسح‏ ‏وجنتيه‏ ‏وجبينه‏. ‏أكانت‏ ‏قبلاتها‏، ‏تطبعها‏ ‏شفتاها؟‏ ‏ولكنها‏ ‏ألم‏ ‏تخرج‏ ‏من‏ ‏حياته‏ ‏منذ‏ ‏عهد‏ ‏يبدو‏ ‏الآن‏ ‏بعيدا؟‏ ‏أحقا‏ ‏ثمة‏ ‏ما‏ ‏يخرج؟‏ ‏ألا‏ ‏تستقر‏ ‏كل‏...
لا أنها ليست لعبة. ملعوب لم ير مثله من قبل قط! حقيقة ماذا يفعل مع هؤلاء الناس؟! هل صحيح أمست الدينا هذا الجنون الذى يصورونه،أم أن الله خلقهم، أو خلقه دونهم، من طينة أخرى؟ هل هو حقيقة المجنون؟! أصحيح يعنى كونه من قلبى شيئا؟ أيمكن أن يكون الموضوع بالفعل، مجرد تقفيلة مخ؟ ان كان الكل يجاهر بذلك...
استوقفنى موظف الاستعلامات عند مدخل الباب، فقلت له بسرعة أريد صلاح ولم أزد، حرك ذراعه حركة ملولة غير مبالية، فأخذت اقفز فوق السلالم وأمد جذعى داخل الأروقة بحثا عنه، سألت الموظفين عن صلاح، رفعوا الى وجودها صماء وتبادلوا النظر بعيون زجاجية وهزوا أكتافهم وغرقوا فى الصمت . جلست على مقعد فى أحد...
أن تجد نفسك، فهذا صعب جدا، خاصة فى هذا الزمن الملعون، وقال سقراط: اعرف نفسك بنفسك: فماذا أقول لسقراط؟ أعرف عرفت أن كل شئ باطل وقبض الريح عرفت أن الأيام متسربة كالماء من بين أصابع الكف عرفت أن الشئ الباقى هو الذكرى الطيبة وعرفت فى النهاية أن الحزن سيدى، لذلك حزنت لأننى عرفت، فامتلكت حزنى بين...
وقفت‏ ‏على ‏شعرة‏ ‏الصمت‏ ‏بين‏ ‏الصدى ‏والصوت‏، ‏وكنت‏ ‏قد‏ ‏تخطيت‏ ‏الرطب‏ ‏واليابس‏، ‏والمر‏ ‏والحارق‏، ‏والدنيا‏ ‏من‏ ‏حولى ‏سوق‏ ‏بضاعة‏ ‏زاهية‏. ‏ولما‏ ‏لم‏ ‏أستطع‏ ‏بيعا‏ ‏ولا‏ ‏شراء‏ ‏طويت‏ ‏العمر‏ ‏الكاسد‏ ‏فى ‏حبة‏ ‏القلب‏، ‏وقلت‏ ‏أيمم‏ ‏وجهى ‏شطر‏ ‏الصحاري‏.‏ وفى ‏عمق‏ ‏الصحارى...
قررت أن اتوجه إلى هناك، فذهبت، وفتح الباب، ودخلت وكلى خجل وخوف وتردد وأقدام وشجاعة. جلسنا ؟ بدأت ألهث كالمعتاد من ارتفاع السلم؟ ثم بدأ العرق يتصبب منى وكأنى بذلت مجهودا ضخما. دخلت الأم، وسلمنا، جلسنا صامتين؟ تبادلنا التحيات، الجو يخيم عليه السكون، والترقب، يقطع الصمت فيه بعض الكلمات الخائفة...
عندما يدخل شعاع الشمس من النافذة , يغمر الحجرة ضوء النهار , يطن في أذني الولد سمير لغط وهمهمات وصياح الباعة في الحارة , يتقلب في فراشه بالطول والعرض ,مستمتعا بالدفء والخدر والسرير خال من أخته أمه وأبيه , الذين ينهضون مع آذان الفجر وتكبيرة الصلاة , ويكون سمير في انتظار أمه تأتي ويدها مبللة بالماء...
ناهد عز العرب أمسكت رأسها بين كفيها وضغطت عليه، رفعته لأعلى تريدها فرقة بينه وبين جسدها، لا يمكن أن يكون هناك اتصال بينهما، ذلك البطن الناعم المتكور هنا والنحيل هناك، الممشوق كله، لا يخصها، لا يربطه بهذا الراس الا عنقها، كان بينهما صلة رحم، وبمرور الأيام حلت بينهما غربة، آلمها الضغط، صرخت- لم...
قرص الزهر وصاح: شيش بيش. قلت لنفسى: ياولد….. الأيام تكر، وأنت قد كبرت…. شعر الرأس تساقط ، وما تبقى فقد لونه الأسود، أصبح بنيا كلون أسنانك التى سودها الدخان….. لعله لم يعد يظهر للناس – فى هذا الزمان – حين يشيبون شعر أبيض. أعلنها مبتهجا: دبش. قلت لنفسى: يا ولد… الأيام تكر والفصول تتعاقب، وأنت...
مرور الوقت، حد السيف أرى الوجوه فى طابور دائرى، نفس الملامح، ملطخة بالسخام، بكدح الأرض هناك، فى البهو ذى الأعمدة والرخام، فى الردهات الطويلة المعتمة حيث رائحة البول المختمر، وغبار الملفات، وفى الليل أحلم بالفرار، أو أن أكسر زجاج النافذة بيدى العارية. بالأمس فكرت أن أترك كل شئ وأرحل لكنى باق...
– أنظر إلى الزجاجة، فأنتشي. تغمرني غبطة هوجاء. أشرب الكأس الأولى.. الثانية. يحتج صاحبي: - بلا غش الله يخليك.. دور التورني! أتجاهل غضبه - الروج أصاحبي، خير من الويسكي.. - طيب ... ولكن كب لي آنا آبعدا...! بتمام الزجاجة الثالثة نعجز عن المزيد... أسأل علي: - هل سكرت ؟... - ينزعج -... أنا...
أعلى