نشروا صورًا لجثة رجلٍ ملقاةٍ على الأرض ، وقالوا إنها له ، ارتجف قلبي وكاد أن يتوقف ، لا إنه ليس هو . إنها صورٌ مفبركة ، وتلك عادتُهم في صناعةِ الأكاذيب .
دققتُ في الصور ، إنها لرجلٍ بزي محارب ، وأنا أعرفُ أنه لا ينزلُ ميادينَ القتالِ ، ولا يحملُ السلاحَ ليشاركَ في العملياتِ ، فهو القائدُ...
ترك كل شيء وخرج وحيداً يجرجر خطواته كالمهزوم.. لا أحد يتمنى له رحلة موفقة، ولا مودع.. سوى نباح الكلاب التي بدت وكأنها متواطئة مع أهل القرية على سوء معاملته والتعجيل برحيله خارج حدود القري
وقف لبرهة واستدار للخلف، ملقياً آخر نظرة على بيوت القرية التي ظهرت من بعيد كبيوت للأشباح، بلونها الرمادي...
بين اليقـظة والمنام شعرت أن شطر فراشـي قد أصابه الفراغ.. تحسـسته في الظلام.. كان بارداً.. وفارغاً.. أيقنـت أنها ذهبت إليه.. قمت على عجـل.. خرجت من الغرفة.. متجنباً إصدار أي صوت.. على أطراف أصابعي قطعت المسافة حتى غرفته.
كانت هناك.. صوتها يهمس بكلماته مبهمة في أذنه.. وهو يلتقم صدرها بنهم.. وقفت...
- لا يوجد لدينا غرف شاغرة
كانت هذه العبارة، أخر ما يتمنى سماعه من موظف الاستقبال.. قال له وهو يحاول أن يكون دقيقاً في اختيار عباراته:
- أريد غرفة.. الليلة فقط.. وغدا مع الصباح أغادر بأذن الله.
- يوجد لدينا سرير شاغر في غرفة زوجية.
- موافق.. موافق هي ليلة فقط.
قالها بسرعة حتى لا يغير موظف...
أحب أن أنوه، أنا "عمر أبوالقاسم الككلي"، القصاص والمترجم المعروف (لبعضكم)، إلى أنني قد تلقيت عدة مرات معونات مالية من إحدى عشر بلداً أجنبية هي: روسيا الاتحادية، وروسيا البيضاء، وبريطانيا، وأيرلندا، وألمانيا، ومالطا، وكذلك: طاجكستان، وأذربيجان، وأبخازيا، وأيضاًَ: أمريكا.
وأنا إذ أقول (بلاداً)...
أدلى القطّ العجوز بتصريح للجريدة الصادرة في الغابة، أعلن فيه توبته عن مطاردة العصافير وعزمه على الامتناع عن أكل لحمها والاكتفاء بسماع أغانيها، ودعا العصافير إلى وليمة سيقيمها في بيته احتفالاً بتوبته، فعقدت العصافير اجتماعاً لمناقشة تصريحات القطّ، وكان أوّل المتكلمين عصفوراً شرهاً لا يعرف الشبع،...
اِتّخذتُ مكاني المعهود من قارعة الانتظار ومقعد الصّبر المتهالك يتخلخل تحتي وأمواج البحر تتضرّم كأشواقي.
كان موعد تلاقينا الخامسة تماما من مساء الرّابع من ماي سنة أربع وألفيْن . ثلاث سنوات مرّت على افتراقنا. أحسب أنّي لو رأيته الآن لظننت أنّي لم أغادره إلاّ غيبة وعي قصيرة وأنّي بَعْدُ إلى جانبه...
قال الرجل للطلاب الصغار الذين اختفت بطونهم وراء مقاعد الدراسة:
ـ درس الكيمياء لهذا اليوم يتعلق بالنقاط الثلاث التالية: التجزئة ـ التحلل ـ الضياع.
ثم لوح بأنبوبة زجاجية طويلة تظهر بداخلها سائلاً لا لون له، فاشرأبت الأعناق إليه يحرك الأنبوبة في الهواء وكأنه يلوح لعيونهم المندهشة بمفاجأة...
بدت عدسة المجهر قذرة، ولكن الخطوط والنقط الدقيقة جعلت تتشكل ببطء شديد على البلورة الرقيقة. أثار انتباهي الشكل الهلامي الذي ظهر فجأة على مساحة الرؤية فمسحت العدسة بمنديل ورقي، ولكن عنايتي الفائقة بالنظافة لم تمنع الشك الذي بدأ ينمو بشكل شيطاني في داخل رأسي. كان الذي سيظهر لي تحت العدسة هو حتماً...
قفز إلى ذهنه سؤال جديد:
-. ترى.. هل ستكون هذه أيضاً من القطيع؟. أليست متميزة؟. لقد قرأ في عينيها البنيتين سيرة جديدة لم يقرأ مثلها في أية عينين مرتا به أو مرّ بهما.. فهل يتابع الطريق ويدخل معها تجربة جديدة؟. أما يكتفي بما في صدره من سهام؟.
كان يومئذ جالساً في مكتبه بإدارة الجريدة يدخن وحيداً...
السكين في الخاصرة، والأمل حرون، وليس في المرتجى الداني أو في الأفق المياسر، أي بشير للخلاص..
في هذه اللحظة، تنهي سفينة فضائية دورة جديدة في المدار، وتشحذ سكرتيرة كاعب ابتسامة متجددة للمدير وتكشيرة للمراجعين.. ويستوي أحد أباطرة المال فوق أريكة مصرفية وهو يلوي عنق الخط البياني للبورصة العالمية،...
هذا هو اسمه الذي عرف به في أحياء دمشق القديمة في الأربعينات.. لم أرو حكايته لأحد إلا واستملحها، بل أن أكثر من كاتب قال أنها تصلح مادة لأقصوصة قصيرة، أو حتى لسهرة تلفزيونية إذا أضيفت إليها بعض التوابل، واستأذنني في ذلك كأنني صاحبها في حين أنني أحد رواتها، وقفت عليها مصادفة من صديق عايش تفاصيل...
أتخذ مقعدا منزويا في كازينو النهر المطلة على شاطئ الفرات حاملا معه مجموعة من الأوراق البيضاء وبيده قلم رصاص وفي رأسه تدور أفكار كثيرة .. عجبا في اي موضوع يكتب ؟!.
نظر الى مياه نهر الفرات الهادئة ومد بصره بعيدا حتى اصطدمت بالضفة المقابلة للنهر ..
كان مساء و الطقس ربيعي .. النسمات الحالمة القادمة...
حلم الليلة الماضية حلما جميلا ، رأى فيه في ما يرى النائم كل هوامش أفكاره الماضية تتوحد في النص الشارد و تلمع تحت الضوء الساطع و قد تبخر كل ما كان يغمه و يقض مضجعه وصارت كل العوالق المتبقيات على ما يرام. باختصار ، رأى أن حياته قد صارت مكانا مثيرا و جميلا و يصلح فعلا للعيش ، عندما استيقظ قرر أن...
لم يكن أحد ليحفل بنهاية حياة تلك النبتة التي كانت لحدود اليومين الماضيين تبدو بحالة لا بأس بها تقريبا و هي في ذلك الأصيص المهمش في ذلك الركن القصي من البيت و الذي لم يكن ينتبه غالبا لوجوده احد.
مع انها ظلت حريصة منذ أن تم انتدابها عصر ذلك اليوم الخريفي من ذلك المشتل الصغير الذي يقع في ذلك...