سرد

كنت قد انتهيت من ارتداء ملابس الخروج في ذلك الصباح، وكالمعتاد وقفت أمام المرآة ألقي نظرة أخيرة على هندامي، فوجدت يدي تمتد إلى المشط الموضوع فوق التسريحة، وتمضي به في حركات شبه محفوظة في شعري تبدأ من مفرق جهة اليسار إلى جانب رأسي الأيمن. في ذلك الصباح فوجئت بحفيدي الذي كان يقف خلفي تماما دون أن...
أقدم وأشهر صورة في الحلة ( )........... الذين تجاوزوا الخمسين عاماً يتذكرون جيداً ( صورة) فتاة جميلة معتمرة ( طربوشاً ) نسائياً جميلاً ، ( الصورة ) معلقة على جدران أغلب المحلات والمقاهي و ملصقة على ( صناديق ) الشاي و ملحقات غرف النوم. فما سر هذه الصورة؟ ومن هي صاحبتها؟ وما هي قصتها؟ قبل أن...
" كانت الشمس تلمع في جناح من السماء، عابثة بغيمات ضائعة في عالم الصيف القائظ. ولأن الحرارة كانت على أشدها، فقد كان الناس ينفثون الهواء الثقيل من صدورهم آملين في هواء بارد منعش، بينما كانت الحيوانات لا تقل عنهم رغبة في طلب البرودة والهواء ذي اللفحات الربيعية. الكلاب تمد ألسنتها والبغال والحمير...
في زمن الحرب، حينما كنت تلميذاً في مدرسة قريتي، حاول مدرّس من عائلتي - وهي أكبر عائلة موسعة في القرية، وأشدّها تضامناً عصبياً ومنازعات داخلية - استمالتي إلى "اتحاد قوى الشعب العامل" القروية. لكني منذ أيامي الاولى في المدرسة، شعرتُ بأني كبرتُ على أن أُستمال وأكون تابعاً. فأشهر هجرتي البيروتية...
لم يكن ذلك خرافة أو نزوة كافكاوية، ولكن السيد عباس المروكي، وبينما هو نائم بعد غذاء ثقيل، حلم بالفعل أنه أصبح كيسا بلاستيكيا.. قد يكون لمضمون الحلم علاقة بالجدل الدائر منذ مدة عن البيئة والأكياس البلاستيكية والنفايات الإيطالية، وربما عاد ذلك إلى طبيعة الوجبة التي تناولها والمكونة من العدس وشرائح...
هل ترغبين أن نمشي قليلاً؟ من زمان لم أمشِ مع أحد في شوارع هذه المدينة، أقول للمرأة، جليستي الى طاولة المقهى، وراوية مصادفات لقاءاتنا الغريبة الآسرة في غموضها غير المتوقع. قبل أن تجيب، أسألها: من لبنان الى موسكو، ثم الى باريس، ألا تشعرين بأن لإسمك حيوات متغيرة، مستقلة وغريبة عنك؟ هل ظلّ وقْعُهُ...
ادّعِ أنك محب، وأنك مريض لكي تنتمي بجدارة للرومانتيكي الذي تريده، ولا تنتظر حلول المساء، اخرج في عز الحر، لا غمامة فوق رأسك تقيك قيظ يوليو، ولا نسمة رقيقة تتبعك، والشجرة التي تحتمي بها تساقط أوراقها، وتدور مع ظلها الشحيح قلقًا. - لماذا لا تغني مثلا؟ غنّ، كنت تغني بصوتك الأجش قبل أن ترتدي سيمياء...
«3» أذنا يوم الأربعاء «إنهما مثل القواقع التي تحبس في متاهتها الصدفية موسيقى البحر». هذا ما تخيله دون ريغوبيرتو. فقد كانت أذناه كبيرتين جداً ومرسومتين جيداً، وكلتاهما، وإن كانت اليسرى بصورة أساسية، تنزعان إلى الابتعاد عن رأسه في الأعلى وتنحني كل منهما ملتفة على نفسها، مصممتين على أن تحتكرا...
(من الضروري التنويه بأن.. تقريظ الفشل، وتناولً الطعام مع جثة، وهذه القصة.. هي وحدات سردية لعمل سردي واحد أكبر وأشمل..) توطّدت علاقة سمير بزهير وانعقدت بينهما الصداقة والثقة العميقة والتفاهم الضمني في الرؤى والأفكار حول الحرب ولا معقوليتها. لم يكونا الوحيدين الذين تؤرقهما تلك الأفكار، فمعظم...
(5) رغم كل هذا فإن الثوب سوف يسلِّم أنه بعد الكأس الثالثة لرجل وامرأة يرقصان وحيدين، سيتحول إلى صادٍّ لإمكانات الجسد في التعبير الأكثر جنوناً والأكثر شاعريةً، حين لا يعود ثمة أي حرير قادرٍ على فلسفةِ النهدين الأجمل من القصيدة التي تمتدح صلابتهما، والعنق وأعلى الكتف والسرَّة كما تقدر هي بذاتها أن...
حين تحب المرأة .. يصغر حجمها .. وينبت لها في رأسها - بجانب التوكة بالضبط - رجل.. بدفتر بدين تعبىء خوفها وتغلفه بسيلوفان وتحاول أن تربطه بشريطة ملونة .. ثم تحاول أن تفعل ما تفعله أي أنثى تحترم نفسها .. تصير أنثى نومها يصير خافتاً في يومها الأول.. فهناك كتلة ما بين الجفن والعين تمنعهما أن ينطبقا...
(أحد نصوص تفاحات إيروس) تدور دائرة اليانغ والين* باستمرار، تتمزق الشرانق وتحلّق الفراشات الملوّنة بعيداً في الزرقة الصافية.. ينسلّ خيط الحرير ويمتدّ من الصين إلى السين عبر طريق الحرير ويلفّ جسد فاتنة العصور. تمسك في يدها كأساً زجاجيةً برّاقة من فينيسيا ترتشف النبيذ الأحمر، وتمسح فمها البلّوري...
لم تكن هذه المرة الأولى التي التقيها وجها لوجه. فقد سبق لي أن صادفتها في محطة الباص، وعمرها آنئذ لم يتعد سنتين تقريبا. كان ذلك حينما وقعت علي نظراتها الجميلة المسكونة ببراءة طفولة صافية، وكأنما ألفت رؤيتي. اقتربت مني بحركات طفل يتعلم للتو خطواته الأولى. أمسكت بسروالي ولفت ذراعيها الصغيرتين حول...
لماذا تنظر إلى يا إبراهيم؟ ولابد أنى أحسست بالخجل. أذكر أنى أطرقت أنظر إلى طبق الطعام الوحيد فوق "الطبلية"، وغمست اللقمة فيه، ثم رفعتها إلى فمي، ورفعت رأسي كله أبحث عن شيء في السماء، فلم أقابل نجمة واحدة. - إبراهيم لا يصدق أنك تصوم وتفطر معي كل يوم سمعت أبي يقول ذلك، ورأيت " عم دميان " يبتسم،...
صحا ميم ذات صباح ليحس ألما في رقبته وصداعا خفيفا في رأسه، قال: لعلي لم أضع رأسي في وضع مريح على الوسادة، ونسي الموضوع، لكنه عندما ذهب ليغسل وجهه وأحنى رأسه قليلا تحت صنبور المياه أحس الألم والصداع يشتدان، فعاد يتحسس رقبته لعله يحدد موضعه، فلما فشل قال في نفسه: لعله برد أصاب رقبتي، فقد تركت...
أعلى