نشروا صورًا لجثة رجلٍ ملقاةٍ على الأرض ، وقالوا إنها له ، ارتجف قلبي وكاد أن يتوقف ، لا إنه ليس هو . إنها صورٌ مفبركة ، وتلك عادتُهم في صناعةِ الأكاذيب .
دققتُ في الصور ، إنها لرجلٍ بزي محارب ، وأنا أعرفُ أنه لا ينزلُ ميادينَ القتالِ ، ولا يحملُ السلاحَ ليشاركَ في العملياتِ ، فهو القائدُ...
هو رجل تصدع كل شئ حوله هو الآخر تصدع ..
يلازم طاقته المفتوحة.. منذ سنوات لا يعرف عددها - آناء الليل والنهار.. بلا نوم بلا طعام.. يسند جداره الموشك على السقوط.. داخل جدران الطاقة.. كى لا تتبعثر أحجاره.. صار بعضا منه.. يتأمل ما يدور حوله فى غيبوبة الحجر ..
قالت له الجدة وقد مزقها القلق :
- حسب...
هدير الشيخ الضرير يدوى فى أنحاء العالم.«لكن عذاب الله شديد» ومضى يتحسس بعصاه معالم الطريق المندثرة أنواره»
وميض خاطر مضىء انجفر داخل (الدرويش) : غضب الله سبحانه وتعالى لما حدث له فى نقطة بوليس (المفروزة) أهدروا هناك آدميته..
..... ...........
ذهب (الدرويش) إلى شغله كالعادة : الأفواه المذعورة...
.. الرجل الذي صمت كثيراً من الدهر:
اسمحوا لي بالتمدد فوق فراش الإقامة فقراء نحن: عندما يأتي لحم الأضاحي من فوق الأضرحة، نصبح في عيد: أتولي أنا توزيع الأصابع: كفتة عزيزة علينا:طعامنا اليوم.. في غفوة الشراسة: انتبهت لهم داعبتهم بألم ساحق أشعر بالذنب في حجم جني مارد يتمدد في داخلي، يلمس نبض...
عادوا إلى ( مصلحة المظاليم ) بعد أن مشوا فى جنازة ( أم هودج اللحم العظيم ) .. وجدوا النساء يركبن الهواء .. يتأرجحن فوق المراجيح .. يصحن صيحـــــــات خرقاء ، يرقصن .. يلعبن لعبة الاستغمـــاية : (السوداء) فوق مكتب ( الثرثارة ) تفترش مكتب ( الدرويش ) و(عايده ) السمينة مع ( سوسن ) ( والكاهنة الصغيرة...
جلس (الدرويش) بجوار (النصف بغلة) كركر ضاحكا: شيشة عجمي تكركر.. انغرس بضحكاته في بلاهة صيفية..
ضاقت به الأنفاس .. تكلم دهرا.. واستدار (الدرويش) بجناحيه .. وعاد إليه فجأة.. لمحه يخرج له لسانه ساخراً معبرا عن حيرته في أمره أمام واجهة النافذة: لا فائدة جيله لا يعرف له كبيرا يوزنه بالميزان الدقيق...
وصلت في ما مضى من جولاتي إلى ما لا يقل عن عشرة مواقع مجسرة بنوع من الجسور المعلقة على أوتاد طويلة التفت حولها أعشاب الأنهار، واخترقت ظلالها أبلام الخوزيين والسنجريين والسراجيين، صدورا من السوابيط ورودا إلى الشرائع، وارتبطت ذكرى عبورها بإنشاد أغنية مدرسية طفولية تخاطب قاربا ورقيا منحدرا في جدول...
على سرير أبيض وجدتُ نفسي نزيلاً في مستشفى "نورج" العام، بعد أن نقلوني من مستشفى "بيوبا" البعيد عند أطراف المدينة، في حالة أشبه بالغيبوبة. حاولتُ أن أتذكر من أنا؟ ومن جاء بي إلى هنا؟ وأين أهلي وأمي؟ وهل أنا على الأرض أم في السماء؟ فلم أستطع. رأيت أنبوبة المغذي معلقة على حامل، وكأنها بعيدة جدا في...
كنت دائماً أرى ما لا يُرى، أرى في النوم قناديل تضحك، وعيونا تلتمع، وأرى أبي يتحدث مع غرباء عن الموسيقى، تحفهم السمفونية التاسعة لبتهوفن. كان أبي يتحدث إليهم منتشياً عن سوريٍّ مقيم في فرنسا، يدعى عابد عازريه، يتحدث عن نهجه الموسيقي، والآلات التي يستخدمها! كان وجه أبي تماماً، بتجاعيده وانفعالاته،...
أعرف جيداً أن خدمات البريد تشبه حائط جدّي الطيني المهترىء، لكنني لم أتوقع أن تكون بهذه الدرجة من التأخر، كأن تصلني رسالة بعد سنة وأربعة أشهر. في أي دِرْج تاهت هذه الرسالة كل هذا الزمن؟ أي أصابع شيطانية خنقت هذا الحب والوله كل هذه الأيام؟ لا أعرف.
فتحت المظروف الوردي الصغير للمرة العشرين، وتأملت...
باب الجارة كان مواربا، آن لمحت أخي يخرج منه متسللا فجرا، وقبل أن يسلّ مفاتيحه من جيبه انتبه إلى أن بابنا كان مفتوحا، وأنني بالكاد وضعت كيس القمامة الأسود في الجهة الأخرى من الشارع، واستدرت فاصطدمت أعيننا قبل أن ينكسر ويدلف عجلاً مرتبكاً.
غرس ذات ليل في يدي رسالة صغيرة لها، لم أفهمها في ربيعي...
(كان الفصل شتاءً، وكانت الريحُ تصفر في الخارج، وأغصانُ الأشجار تتقصّف، فيبدو صوتُها كطلقات الرصاص).
ربّما كان من الأفضل لو بدأتُ بعبارة "كان يا ما كان في قديم الزمان،" وهي كلمات سحريّة تعفيني من شَرْطَي الزمان والمكان. فحكايتي "مقطوعة من شجرة" بلا حسبٍ ولا نسب. غير أنّ أحداثها قد تحصل؛ أو ربّما...
ينهمر المطرُ خيوطًا من دمع. هدّدتُه بأنّني سأغلقُ جميعَ المنافذ في قلبي، وسأسدُّ طريقَ الحنين إليه، وسأعتكفُ مع أوراق الخريف التي تتبلّل بحلول الشتاء.
ربعُ ساعةٍ من الأمطار الغزيرة كافٍ لتغرقَ شوارعُ المدينة وأقدامُ المارّة في برك المياه، ولتغرقَ أيضًا آلافُ القلوب الحزينة.
خيوطُ المطر لا لونَ...