سرد

(1) مهاتفة المدن والمدى تسألني المرأة, تسألني "داليا" يناشدني صوتها في الهاتف الدولي: - من أنت؟.. أأنت السيدة برتقالة؟ وأضحك..- لم لا.. سأكونها..! وتضحك هي الأخرى من دهشة الاستجابة السريعة وأطيح باستغرابها : - من أنت في اشتباك الأصوات المرصودة بأقمارهم ؟؟ من أنت ونبرات صوتي يصطادونها...
منتصف الليل وأنا في مدينة الموتى, والرجال مخطوفون او مقتولون او قتلة, والنساء وحيدات أحسست بخفة غريبة تجتاح جسدي وأنبأني فؤادي أنني قد أستطيع التحليق والتنقل وسط ظلمات الليل, وكأني استعدت قوى بدائية فقدتها البشرية منذ دهور, على الضد مما كنت أكابده في نهارات بغداد وأنا أتعرض للتهديد وربما الموت...
جلس الحاجب الوسيم خلف مكتب الوزير على الكرسيّ الهزّاز .. أسند ظهره إلى الخلف و مدّ رجليه إلى الأمام .٫ سرح بذهنه في عوالم أخرى .. كم هي غريبة هذه الدّنيا .. هو يحمل نفس الاسم و اللّقب اللذين يحملهما الوزير . كان ذلك مصدر حرج لهما معا لكنّ الوزير تمسك ببقائه حاجبا خاصّا له لما اتّصف به من أمانة و...
لا بد انني كنت صغيراًجداً حئنذاك ,لست اذكر كم كان عمري تماماً ,ولكنني اذكر ان الناس حين كانوا يرونني مع جدي كانوا يربتون علي رأسي,ويقرصونني في خدي,لم يكونوا يفعلون ذلك مع جدي.العجيب انني لم اخرج أبداً مع أبي ,ولكن جدي كان يأخذني معه حيثما ذهب. إلا في الصباح حيث كنت اذهب الي المسجد لحفظ القرآن ،...
عندما رأى عبدالفتاح المنغلق فتاته ترفل في الأسود ، لم يفكر قط أن ابتسامتها بيضاء .. فكر فقط في قتل معلمه في الابتدائية الذي أدخل في رأسه أن الأسود لون شرير .. دار في خلده وهو يتأمل بياض عينيها أن علاقته بالأبيض لم تكن سيئة قبل اضطراره اليومي للذهاب إلى مقر عمله أبيضَ بكثير من السوء .. ألهذا إذن...
كان تصوير الفيلم التاريخي الكبير يجري على بعد عشرين كيلومترا من مدينة مراكش.و كنت مجرد تقني مساعد في فريق التصوير الثاني.مجرد ترس صغير في آلة كبيرة تقوم بعمل جبار في خلاء أعيد تشكيله بشكل خارق: كنا نصور فيلم «الرسالة».و كان المشاركون من أجناس وفئات متنافرة.ولكن روحا جماعية عجيبة راحت تبرز وتهيمن...
لايستطيع أن يحدد بالضبط كيف أحس بذلك. لقد حدث فجأة ودون سابق إنذار. كان عبد اللطيف وزوجته في ضيافتهما. تحدثوا عن أشياء جميلة ورائعة لا يذكرها الآن. بلى، يذكرها لكنه لا يستطيع تذوقها بنفس المتعة: تحدثوا عن شكسبير وعطيل، عن فاوست وبيتهوفن وفاغنر، وأبدت مليكة حسا مرهفا في الحديث عن الموسيقى...
دخلت إلى الملهى الليلي. الأضواء الفوسفورية تضيء الظلام. الموسيقى صاخبة. أشعر بثقل في رأسي. أنظر في وجوه الراقصين الشاحبة. لا تزال بقايا البودرة البيضاء عالقة في أنفي. إرتديت فستاني الأبيض المسترسل ذاته. كتفاي مكشوفان. إلتصقت بجسده وشددت على يديه ليمر بهما على لحمي الفاتر. أمررها ببطئ بين فخذي...
كان منطرحا على فراشه تحت المروحة ، عاري الجذع و شعره الأسود الكث يخفي عينيه ، حين أيقظه رنين الجرس. توتر جسمه وإنكمش ثم إنتصب جالسا على حافة السرير. أزاح خصلة الشعرعن جبهته. لم يكن مستيقظا ، كان يسمع الرنين فقط ، وهو الشيء الوحيد الذي أدركته حواسه المخدرة. تطلع بتبلد نحو الباب ثم قفز من فراشه و...
يعرف ان الامر قد حدث معه في صيف تلك السنة المستقبلية، وأن الذين يتحدث معهم الآن لا يفقهون ما يقول. يعرف تماماً انه سيظل ولأمد غير محدود مسجوناً بيقينه أنه جاء من عالم أكثر واقعية. لقد جاء ببساطة من العالم الواقعي الى هذا الواقع المتخيل. ولم يكن يعرف انه واقع ثقيل أيضاً. " ما ان يبدأ واقع ما...
الرياح تعوي كخريف العمر، وحدها الشرفة المطلة من الفندق ومن نفس زاوية الرؤية لمدة عشرين عاما، هي نفسها لم يتغير فيها شيء إلا الوجوه التي أراها، الأطفال الصغار الذين أصبحوا رجالا ونساء، الوجوه التي شاخت وتجعدت، والأجساد التي دب في أوصالها الإعياء والإنهاك، كنت أراه طفلا صغيرا، يلعب كرة القدم، حين...
“حين يسأل المتصوفة بعد ألف عام من نهاية زمن التكيات وصلبها بالخازوق.. أين انتم من الموسيقى ؟ البسطامي والحشد المصطف بجبته من الحلاج وحتى السروجي سيهتفون مثل فرقة كورال: أودعناها بحنجرة فيروز”… قصيدة كتبتها بمناسبة بلوغ فيروز عامها السبعين عام 2005 يقول أبي: نحنُ نصنع الطائرة الشعرية من الورق،...
لسببٍ ما كان عليه أن يسافر! قال إن وجهته بعيدة، ونطق باسم مدينة لم أسمع بها من قبل، لكنّ حروف اسمها تُسلِم إلى الانقباض والحيرة. بدت مسألة سفره كأمر قدري مقرر سلفاً. وفي الحال رأيت مدينته المبتغاة بشوارعها الشاحبة، رمادية اللون. لم يكن هناك ألوان سوى الرمادي الذي يغطي معظم المكان، وبجواره، على...
حينما ترتوين وتمتلئين... بي.. تقفين على رجليك سعيدة منتشية قائلة - أنظر إلى الأثر... أنظر.. إني أسيل بك واتركك خلفي تتجهين صوب زجاج النافذة مترنحة.. ثم تستطردين - المطر غزير. والسحاب كثيف... والزجاج مضبب .. لا نعلم أمن السماء؟ أم من أنفاسنا؟ تصمتين قليلا وتفردين سبابتك. ترفعينها الى مستوى...
قال سعيد : حين خلدت أمي للنوم، فتحت النافذة عن آخرها وأخذت أدخن كنت أفكر في أشياء كثيرة ولم أنتبه كعادتي إلى عمق السماء ولا إلى النجوم أو السحب الهاربة، بقيت هناك إلى أن اقتربت مني أمي بعدما اعتقدت بأنها نائمة، لم أنتبه إلى حفيف أقدامها وهي تقترب، كانت نحيلة، في عيونها حزن عميق، أغلقت النافذة...
أعلى