ملفات خاصة

في رائعة الراحل "محمد القيسي" والتي حملت عنوانا غريبا: "الهواء المقنع"، جسّد فيها الشاعر قصة القائد الفلسطيني "أبوعلي شاهين" في المعتقلات الإسرائيلية على امتداد خمسة عشر عاما، ووصف معاناته وصموده التي مثّلت رمزا لآلام وتضحيات كل الأسرى الفلسطينيين. وقد ظللت الصورة التي جسدها "شاهين" ورفاقه...
" أن قشعريرة الرعب التي تستولي على الأنسان حين يواجه نفسه تعتبر إمارة سيئة على كل حال".نيتشة - إنسان مفرط في إنسانيته. - الدخول للسجن (بغض النظر عن المسبب) أو المعتقل، والمقصود هنا بالخصوص تجربة الحبس الإنفرادي وليس مع جماعة..تجربة تضع الأنسان في مواجه ذاته، إنها بالأصح تختبر الكينونة...
الطريق إلى السجن قصير إذا ما قيس بالمسافات والزمن العادي لرجل الشارع ، لو لم يكن مؤدي إلى السجن فبالكاد أن يشعر به أحد ، لكن حين يقود إليه يكون طويلاً حيث تستحث جميع حواسك في محاولة لسرقة مشاهد أخيرة من الحرية ، الطريق إلى السجن في حال لم تكن معصوب العينين يعني النظر في الشوارع ، المارة ، الوجوه...
مقدمة إن ما حصل في جحيم تازمامارت، من شرور وآلام وتجاوزات وعذاب وانتهاكات جسيمة وأهوال وجرائم وفظاعات على امتداد أكثر من 6600 ليلة ونهار يتجاوز بكثير ما يمكن أن يتصوره عقل بشري. إن جحيم تازمامارت كان يقتل المرء، ليس مرّة واحدة، ولكن عدّة مرّات، كان يقتله في كل يوم، وفي كل لحظة وحين...
المعتقلون سخروا من رؤساء وملوك واخترعوا «لغة» خاصة وألفوا نكتا أخرجتهم من قبورهم القاتلة إلى الحياة.. لم تكن المعاملة غير الإنسانية التي تلقاها نزلاء معتقل تازممارت الرّهيب، طيلة ما يقارب عقدين من الزمن، لتحطم صمودا أسطوريا سجله نحو 30 معتقلا، تمكنوا من مغادرة أسوار المعتقل «أحياء»، وهم أشباه...
إنّه أدب السجون، الأدب الذي ينقش حروفه المعذّبة على صفحات التاريخ سعيًا إلى الكشف والتوثيق. لقد سلكت عائشةُ طريق العديد من السجناء الذين خرجوا ليسجّلوا تجربتهم، وجعلوا السجن تيمةً في كتاباتهم. وكثيرًا ما أخذتني لأتذكّر تجربة نوال السعداويّ في"مذكّراتي في سجن النساء"، أو "حملة تفتيش.. أوراق...
من أثار عصر الأحياء الخالدة قصص بوكاشيو الشهيرة المسماة (ديكا أمروني). وقد مضى على ظهور هذا الأثر الرائع زهاء ستة قرون؛ بيد أنه ما زال حتى عصرنا يحتفظ بروعته وسمو خياله وفنه، وما زال يتبوأ مكانه بين الآثار العالمية الخالدة وقد أوحت إلى بوكاشيو كتابة أثره حوادث مروعة شهدها وهزت نفسه إلى الأعماق،...
الباب الأول من كثُرت لحظاته دامت حسراته قال بعض الحكماء ربَّ حربٍ جُنيت من لفظة وربَّ عشق غُرس من لحظة وقال العتبي أبو الغصن الأعرابي قال: خرجت حاجّاً فلما مررت بقباء تداعى النَّاس ألماً وقالوا قد أقبلت الصقيل فنظرت وإذا جارية كأن وجهها سيف صقيل فلما رميناها بالحدق ألقت البرقع على وجهها فقلت...
سحرُ ليل بغداد لا يكتملُ إلا مع دفءِ أنثى خمرية "سمراء" صفة لطالما نُعتُّ بها منذ الطفولة، في البيتِ وبين أقاربي ذهبتْ سمراء، جاءتْ سمراء، وفي المدرسة طالبتنا الذكية تلك السمراء هناك، فازتْ بالتقييم المدرسي السنوي الأعلى السمراء، أفضلُ من يرسمُ في المدرسة السمراء، أفضلُ من يُلقي الخطابة...
في نهاية خريف سنة 1949، حينما كنت موظفا ً صغيرا ً مستجدا ً في محاكم بعقوبة المدينة، وصلتني برقية مدهشة صباح احد أيام الخميس، لم تحتو إلا على كلمات قليلة؟ " سنجيء صباح الغد الجمعة .." وكانت موقعة بتوقيع عبد الملك نوري. كنت قد التقيت به قبل أسبوع أو أكثر بقليل في مقهى "سويس" حين كنت امضي يومين أو...
(إلى معتقلي الرأي في سجون القهر في مصر) نظرتْ آية إلى الكيس الكبير في يدي، وحاولتْ أن تضبط انفعالها وهي تسأل: "إيه ده؟" في الكيس ظرفان أبيضان كبيران، وكيسٌ آخر فيه أوانٍ بلاستيكيّة صغيرة فارغة للزراعة. أَرفقتُ، مع الأواني، كيسَ قمامة كبيرًا، وكيسًا آخرَ فيه تربة للزراعة، وفقًا لنصيحة...
لم أدرِ أنّ صوتي كان هامسًا حتّى طلب منّي العسكريُّ الجالسُ خلف المكتب أن أرفعه. كرّرتُ ما قلت: "عايزة أسجّل اسمي للزيارة." على شفتيه طيفُ ابتسامة، وعيناه تلتفتان إلى الشارع، بينما يسأل بغير اكتراث: "سياسي ولّا جنائي؟" لا بدّ من أنّه كان يعرف الجواب. "سياسي،" أجبت بصوت خفيض. "الساعة 10."...
لطالما عاشت غالبيّةُ عائلات فلسطين المحتلّة، من بحرها إلى نهرها، تجربةَ الاعتقال في السجون الصهيونيّة، وتجرّعتْ شتّى صنوف التعذيب الجسديّ والنفسيّ. ولطالما سمعنا ممّنْ عايش هذه التجربة، من أقاربنا وأصدقائنا ورفاقنا، حكايا نُسجتْ من أرواحٍ لم تَعرف الهزيمةَ يومًا، بل صمدتْ أمام كلّ محاولات اللجم...
أعوامٌ تمرّ، وما زلتُ أحيا بين أسوار السجن ــ ــ ككثيرين مثلي ناضلوا لأجل قضيّتهم، فدفعوا أغلى ما يملكون. تمّر سنواتُ الأسْر، وتعجز محاولاتُ استهداف قيمنا الإنسانيّة عن تمزيقنا، بل هي تجدّد فينا مشاعرَ التمسّك بالحياة والمحبّة. فإذا كانت الإجراءات الصهيونيّة الغاشمة سياسةً "طبيعيّةً" لعدوٍّ...
مسكونة أنا كغيري ممّن طرقوا بقلوبهم باب الأدب، بهواجس عن الحياة والوطن والذّات، ولا إجابات يقينيّة لديّ. كتبت “ليمونةان” كنوع من البوح، أو تحرير الذّات أو الشفاء غير المقصود والواعي للروح، لم أكتبها لأنشر، ولم أكن قد فكّرت فعليّاً وجديّاً في خوض مجال الكتابة الاحترافيّ، قبل أن أسمع بمبادرة من...
أعلى