مختارات الأنطولوجيا

اجتازت السور المنخفض.. السماء كابية، سكون عميم إلا من نسيم يتخلل الشجيرات التي تبرعمت جوار الشواهد، يهسهس مثل ناي موجوع، يتداخل الهسيس وأنين خافت ينبعث من مكان خفي لربما من حفيف خطواتها المكلومة، ويتصادى وتكبيرة العيد التي تناهت من قباب بعيدة. انتصبت بجسدها وسط التباب الصغيرة المسجاة التي تفترش...
... فلما سطعت الشمس ، وامتلأت الشوارع بالناس ، جاء التكليف فى محل الفرقة ، من أحد أغنياء العصر والأوان لحضور حفل ختان طفله ، البالغ من العمر الثلاث سنوات ، نُبه على ريس الفرقة باصطحاب الفرقة بكامل أفرادها ، عليهم أن يركبوا لنشا لقطع البحر ، ثم النزول لركوب أحصنة تحضرهم إلى قصر الثرى ، ساكسفون ،...
كالعنكبوت كان يتدلى من سقف الغرفة!‏ دخلت أمه في ذلك المساء الأسود غرفته، وألقت كعادتها نظرة على سريره، فراعتها وسادته التي تناثرت أحشاؤها في أرجاء الغرفة، واصطبغت بلون الدم، وكأن جريمة ارتكبت هنا الليلة. كتمت صرخاتها المتدفقة، وتمالكت أعصابها، وحين همت بالخروج من الباب لاحظت أن صورته المعلقة...
-1-‏ - نشأة التفكير في البحث:‏ معروف أن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ) هو أول من اشتغل بالصناعة المعجمية، وقد أخذ في ترتيب معجمه "العين" بمبدأ تصنيف الكلام في أبواب هي الثنائي والثلاثي: الصحيح والمعتل، ثم الرباعي فالخماسي... والخماسي ما كان على خمسة أحرف مثل سفرجل.‏ ويرى الخيل أن كلام...
يعود الشيخ من مزرعته كلَّ مساء على متن بغلته. يشد الرسن ويتوقف بجوار المقبرة على مشارف القرية. وإذا بشواهد القبور تشرئب وتحملق الى عينيه عبر سجف الغروب الفضي كأيادي مفتوحة تتهيّأ لاحتضانه ممتدة من كتل ترابية يتوارى فيها بشر كانوا ذات يوم أحياء يرزقون. قضوا نحبهم وما إن يوضع جثمان جديد في حفرة من...
أتيح لي وأنا في المرحلة الإعدادية (أواسط الخمسينات) أن أدخل عالم الكاتب المسرحي الساخر برنارد شو (1) من خلال مسرحيته الشهيرة "الميجور باربرا"(2) وأكثر ماشدني إليه "سيرة حياته" التي يمتزج فيها الجد بالسخرية وبخاصة أقواله التي كانت تتردد على الألسنة للتندر والتفكهة . وقد استوقفني قوله : "تعلمت...
إلى عينيك اللتين أشعلتا في قلبي جذوة الحب الكامنة وإلى نفورك الذي أضرى تلك الجذوة وإلى عواطفك المكبوتة بألم مرير أزفُ هذه الأنشودة .. حاولي أّلا تكوني قاسية = عندما أنفث شعراً ما بيهْ أي جرم ذلك الأمر الذي = صيّر الألحاظ عني مغضيهْ كل ما في الأمر أني مخطئ = عندما صغت الهوى في قافيه لست يا...
حنانيك ردي عن عيونيَ فتنة = ملكت بها قلبي وضاع بها رشدي سألتك باللون المشعشع وَزّعَت = صنائع ربي منه في صفحة الخد وبالشفة اللمياء, يا طيب ما حوت = من الأمل الوردي, والفاتن الوردي سألتك في إبداع ربي بمقلة = بها رفرف الأيام والطالع السعد دعيني فما مثلي على الحب قادر = فإن ْمهجتي أخفت, فذي مقلتي...
ظلت فى قفص العصافير تحاول الخروج من سجنها الأبدى لتنطلق بعيدًا؛ فلم تستطع . راحت تصرخ من بين القضبان الحديدية دون جدوى فأنهارت داخل القفص فى بكاء متشنج ، ثم هبت فزعة من نومها . تطلعت حولها فرأت عصفور الكناريا فى قفصه حزينا . نهضت من فراشها متجهة صوب الباب الذى وجدته موصدًا بالأقفال . أخذت تهزه...
ما أَشْرَقَتْ عَيْنَاكِ إلاّ خانَني = بِصَبابَتي.. صَبْري.. وَحُسْنُ تَجَمُّلي وَتَحَسَّسَتْ كَفّايَ مِنْ أَلَمِ الجَوى = سَهْماً مَغارِسُ نَصْلِهِ في مَقْتَلي وَتَسارَعَتْ مِنْ مُهجَتي في وَجْنَتي = حُمْرُ المَدامِعِ جَدْوَلاً في جَدْوَلِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ بِلَحْظِ عَيْنِكِ إِذْ رَنَتْ =...
أرى سلمى بلا ذنب جفتني = وكانت أمسِ من بعضي ومني كأني ما لثمـت لهـا شفاهـاً = كأني ما وصلت ولم تصلنـي كأنـي لـم أداعبهـا لعوبـاً = ولم تهفُ إلـيّ وتستزدنـي كأن الليل لم يرضَ ويروِ... = أحاديث الهوى عنها وعنـي سليمى. من عبدتك بعد ربـي = سواءٌ في القنوط وفي التمنـي غداً لما أموت وانـتِ بعـدي =...
جلوس غير معتدل على الصخرة العالية بكآباتها التي منحت الثلج هشاشته تعود الأشرعة ألف عام لتأخذ ما أخذ البحر: صواريَ تثلم الريحَ، تفتّتُ الأرجاء، ثم تمسّد الجبهة المتغضنة للمياه وبحّارة جبارين، برغباتهم ذات البراثن يرجعون إلى عاهرات السواحل، اللواتي خزَنَّ المحار في انتظار عتَّقْنهُ في لهفةٍ لم...
اكتسب اليسار العربى سماته النوعية من نشأته فى إطار التبعية الاستعمارية فى بلدان عربية كانت مستعمرات وأشباه مستعمرات. وجاءت تطورات سياسية متنوعة فى منطقتنا وفى العالم طوال أكثر من قرن بسمات مميزة جديدة. وقد فرض واقع التبعية الاستعمارية قضايا بعينها: فرضت البنية الاجتماعية-السياسية التابعة...
مع بداياته في الكتابة والنشر وتأليف الروايات نشر الروائي الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز تأملات ذاتية تحدث فيها عن محنة الكتابة، وكانت بعنوان «مصائب مؤلف كتاب»، وقال في بعض تلك التأملات إن تأليف الكتب مهنة انتحارية، إذ ما من مهنة غيرها تتطلب قدرا كبيرا من الوقت، وقدرا كبيرا من العمل،...
رغم إن الأديب العربي الشهير عبد الله المقفع قد ترك لنا كتاب «كليلة ودمنة» الذي ترجمه عن الفارسية، كان يكفيه أن يعيش على ترجمة وعظمة هذا الكتاب، فإنه قبل أكثر من 1200 عام وضع أيضا كتابين مهمين هما «الأدب الصغير» و«الأدب الكبير». وفي «الأدب الكبير» ساق المرحوم المقفع نصائح للناس سماها «مطالب»،...
أعلى