مختارات الأنطولوجيا

الأعياد من المراسم المرعية في جميع الأديان الكبرى؛ لأن الاشتراك في الاحتفال بوقت من الأوقات يرعاه المتدينون جميعًا. هو بعض المعالم العامة التي لا غنى عنها في كل عقيدة تدين بها الجماعة، وتتعارف على شعائره. وفي الأديان الكتابية كلها أعياد مقررة تجب على الجماعة رعايتها، يلاحظ في الكثير منها أعياد...
إذا كان للعرب الجاهليين من الأسباب والدوافع وظروف الحياة، ما يجعلهم يرون في المرأة الملاذ الذي يوفر لهم سبل الطمأنينة والبهجة، والماء الذي يعصمهم من الظمأ، فإن نظرتهم إلى الحب وتعبيراته العاطفية والحسية لم تنشأ في فراغ التصورات، بل أملتها عوامل مختلفة بينها علاقتهم الملتبسة بالغيب، وشحّ المصادر...
اختلف البصيرُ طه حسين عن أقرانه المبصرين فى عاداتهم الكتابيَّة، فكان يُملى خواطره مجاريًا بذلك تقاليد العميان، فى وقت يباشرها المبصرون بأنفسهم، لكنَّ الاختلاف الأهمّ مصدره الحال التى كان عليها، فقد كان مشَّاءً فى الإفضاء بتلك الخواطر إلّا إذا أعاقه عائق، ومنعه مانع، وفى ذلك اختلف، أيضا، عن...
وراء فندقٍ فخمٍ في نيودلهي، سورٌ من الخيزران ارتفاعه اثنتا عشرة قدماً، ليحميه من الأكواخ أو أيّ حيٍّ صفيح أو فقير ـ يحمل البؤس أسماء عديدة ـ وينبسط إلى الليل. يستقرّ ما هو محظورٌ هناك وسط الصناديقِ، علب الصفيح، أسطح الأشرعة الممزقة، وسط جداول البراز والنيران الواطئة والظلال الساكنة وهي تومض في...
ما اجتذبني في المؤلّفيْن و منذ البداية هو أولا جانبهما السرّي، الملغز، المثير للاهتمام. لقد تعرّفتُ على بورخيس من خلال كتبه، غير أنّ قصّتي مع كيليطو شيء آخر تماما. اكتشفتُ بورخيس لمّا كنتُ طالبة بفرنسا وذلك حينما تلقّيتُ عام 1982 مجموعة أقاصيص "الألف" ( 1949) كهديّة، بينما تعرّفتُ على كيليطو...
الغرفة فارغة من أغراضه. وحده يجتر ماضيه كبقرة. بل هو بقرة حقيقة لأنه فقد شيئا عزيزا عليه. فقد عقله الذي به يستطيع أن يوهم الناس بأنه على صواب. ولكنه ليس كذلك هو فقرة ضائعة من كتاب الضحك ويعرف موضع السم مندسا في الأوراق. في الدهاليز المظلمة في الغرفة النائية جلس ألبرطو وراء الآلة الكاتبة لينهي...
«حيّ القصبة، هناك وراء الخرائب الرومانية، في أقصى الشارع يجلس أحد الباعة القرفصاء، أمام عربته الفارغة. زقاق مسدود من أحد طرفيه. يُفتح من الطرف الآخر على الشارع، مؤلفاً معه زاوية قائمة. كومة من الجثث تغطي واجهة الجدار. أذرع، ورؤوس تتحرك حركات يائسة. يصل بعض الجرحى ليموتوا في الشارع. يُلقى ضوء على...
هنالك صورة تقفز إلى الخيال عند تناول هذا الموضوع هي صورة هذه الأرملة النبيلة التي جاءوا إليها بعد أن دخل الموت إلى دارها وقالوا لها: أعطنا جثمان زوجك.. أعطنا جسده الميت نأخذه إلى البلاد التي جاء منها . ولا أظنه بدا مفهوماً للأرملة أن يؤخذ رفيق حياتها ويعاد ميتاً إلى البلاد التي تركها حياً وأن...
تتوفر مواقف النفري ومخاطباته على كثير مما يجعل العملين من أبرز قطع النثر العربي أثراً وأشدها حضوراً عبر الأجيال، وتجاوزها لزمنها وسياق كتابتها، وكذلك عبورها للأجناس والأنواع الأدبية وصعوبة تصنيفها، احتكاماً لأسلوبها بشكل خاص. وهي التي لم تلتزم بشكل محدد كما هو شائع في النثر الذي ارتضى كتّابه أن...
في حياة كل رجل لحظة يشعر فيها فجاة بانه مثل غطاء الطبق الذي لا يجد طبقه والويل لمن يفطن الى هذا الشعور الا متاخرا انه يترك عندئذ كل شيء وينقلب مجنونا بتلك الفكرة المسيطرة "البحث عن شطره الاخر". بطل هذه القصة من هذا النوعية من الرجال شاب طموح تخرج في الجامعات مهندسا بارعا درس في مصر ثم الخارج...
الناقد الفرنسي رولان بارت (1915 - 1980) علامة من علامات الفكر النقدي في النصف الثاني من القرن العشرين. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2015 صدر كتاب جديد عنه باللغة الفرنسية عنوانه «بارت: سيرة»، من تأليف تيفاني سامويو نقله أخيرا إلى اللغة الإنجليزية أندرو براون، وصدر عن دار النشر «بوليتي» في 586 صفحة...
كأرملٍ لم يُعقِب أولاداً، تاقَ الرجل لزيارةِ قرية أمه الأناضولية. كانت رحلته الأولى خارجَ مصر، المضغوطةِ بين صحراءون، وقد امتلأت أحلامه بأشجار الصنوبر الذي غبّره الثلج، جمع مدّخراته من عمله بالأرضِ طيلةَ حياته، واستقلّ باصاً عتيقاً إلى الإسكندرية، كانت سِلال القشّ والماعزِ مقيدةً أعلاه. وفي...
في يوم نشرت الصحف أن جامعة القاهرة سوف تمنح الأستاذ عباس العقاد الدكتوراه الفخرية. وفي يوم الجمعة، وهو يوم الاجتماع بالأستاذ، هنأناه. ولكنه قال: «أنا يا مولانا رفضتها..». فقلت: لا بأس، إن برنارد شو رفض جائزة نوبل! ولكن لماذا يا أستاذ؟ قال وكان كلامه مفاجأة ولم يجرؤ أحد على أن يصحح للأستاذ...
لم ألتقِ شكري سوى مرّات قليلة جدّا، أقدمها في التسعينات في ملتقى «مدنين» الشعري، وكنت في رحلة إلى الجنوب مع الراحل الكبير عبد الوهاب البياتي. وآخرها مصادفةً في مطعم البوليرو في تونس في يونيو/حزيران 2012، قبيل استشهاده بحوالي ثلاثة أشهر؛ إذْ قمت حالما لمحته جالسا إلى بعض أصدقائه؛ وسلّمت عليه...
لكأنّي خـلّـفتُ الأرضَ ورائي وأنا أتدلـّى في حبلٍ مرخيٍّ، من لغتي، وسْــطَ كتابْ كان الليلُ على أوّلــهِ (شمسٌ عالقة في السّمتِ، بلونِ القِـرْمٍزِ) حين سمعـتُ يدِي تـُطـبقهُ خـلفي كالـبابْ أدركـتُ سريعا أنـّي أهبطُ في مطلع دالية ابن العبدِ، ولا أدري كيف ولا من أينْ ٭ ٭ ٭ قلـّـبتُ حجارتهُ...
أعلى