ظل عبد الخالق يتتبع الأزقة المظلمة الخالية، ويتجنب الأماكن المضيئة والمطروقة، حتى عبر، بسلام، حى القماير وحى الكبجاب الكائنين فى الجزء الشمالى الشرقى من أمدرمان القديمة، ومن هناك دلف إلى حى أب روف من جهته الشمالية الغربية. كان حظر التجول قد أًعلن، وكان عبد الخالق يسمع، فى ذلك الوقت المتأخر من...
ليس من الغرابة في شيء أن تحظى قصة يوسف، بشقيها القرآني والتوراتي بقدر غير مسبوق من اهتمام الشعراء والمبدعين. ففي هذه الشخصية الدراماتيكية ما ينتزع إعجاب البشر جميعاً ويضعهم في حالة من التماهي مع يوسف، وهو يدافع عن جماله في غياهب الآبار والسجون، وهو ما يوفر للكتاب والفنانين الاستعارات اللازمة...
اليافطة الأنيقة الخفرة بدت في غير مكانها. ففي مدخل البناء الفخم، وعند بوّابته الإلكترونيّة النظرات، لا يتوقّع المرء أن يجد كلّ يوم، بين يافطات مختلفة الخطوط واللغات لأطبّاء ومهندسين ومحامين، واحدة تعلن عن مكتب للخدمات الجنسيّة.
لكن هذا ما حدث للأستاذ الجامعيّ الذي كان يلج المكان للمرّة الأولى،...
قالت له: كنت قد جئت من سدمنت الجبل! فاكر! المهمة التي أوفدتني أنت إليها! من أسبوع! قضيت الليل بطوله في قطار الصعيد! كما تعرف! نصف نائمة نصف مكومة على مقعد الدرجة الثانية.. لا تسمح اللوائح بأكثر منها.
أومأ إليها دون أن يتكلم.
قالت: في أول ضوء للنهار! كأننا في عملية عسكرية! كان كل شيء على أهبة...
جذع السندباد صلب..
وقريتي الجبلية تكتظ بأحراش السنديان، وليس من الغريب أن تصيبني عدوى السنديانة، فأنا من كثرة ما حفرت اسمي عليها ولعبت في أفيائها وتسلقت أغصانها، أصبحت جزءا منها، لذلك كان جذعي منيعاً على الانحناء! وهذه الصفة البدائية جلبت لي الأوجاع المديدة فيما بعد، عندما زوجني أهلي بإنسان...
1.
أعتقد في هذه اللّحظة
أنّ لا أحد في الكون يفكّر بي،
أنا الوحيد الّذي يفكّر بي،
وإذا متّ الآن،
فلا أحد، ولا حتّى أنا، سيفكّر بي.
وهنا تبدأ الهاوية،
كما لو كنت أنام.
أنا سندي الخاص وأستمدّه منّي.
أساهم في إخفاء كلّ شيء بالغياب.
ربّما هذا ما يجعل
من التفكير في شخص ما
شبيهاً بإنقاذه.
2.
يؤلمني...
سبعة سيدخلون الجنة، أولهم يوسف إدريس لأنه يوسف إدريس، وسابعهم بهاء طاهر لأنه نقي وبهي وطاهر، وفي المنتصف يقف محمد مستجاب والذي سيدخلها لأنه أبي، ثم الخامس والسادس الراحلين خيري شلبي وإبراهيم إصلان، يسبقهم علاء الديب: لأنه حنون وطيب وبشوش وأبن ناس طيبين ولأن اسمه علاء الدين حب الله الديب.
لكن...
ـ 1 ـ
رأيتها تزم فمها كما لو أنها تستنفر كل قوتها لفعل شيء...أو للتخلص منه...
قلت قبل أن أرى ما رأيت، ربما هو مغص ألم بها.
ولأني رأيت خاتما، كان حين التقينا يطوق بنصر يدها اليسرى، وأنا أراه الآن، في يدها، فمن السهل التخمين أنها كانت حينذاك، تحاول أن تسله من إصبعها.. ولم يكن أمر الشفتين...
كان في بلدنا غابة كبيرة من أشجار الطلح نمت وازدهرت. لأن الحكومة كانت تمنع منعا باتا قطع أي شجرة إلا بإذن خاص.
في حالة نادرة من تلك الحالات النادرة قطع العريس طلحة.. فقد كان من طقوسهم في الأعراس .. أنهم يمشون إلي الغابة في زفة عظيمة فيقطعون شجرة طلح. ويعودون بها إلي دار العروس.
وأذكر وأنا صبي...
"كلّ شيء ليس إلاّ لعبة من كلمات"
في مقالة عميقة ولمّاحة منشورة عام 2010، (عرضناها بأتّمها على هذه الصفحة قبل يومين) تناولت رواية كيليطو "أنبئوني بالرؤيا"، أوردت الكاتبة والروائية ثوريا أولهري إشارات عديدة رسمت، من خلالها، صورة لهذا الأديب المرموق..
جمّعنا أجزاء هذه الصورة في الشذرات الآتية: (من...
نصوص كيليطو المزدحمة بإحالات نصيّة مضمرة (هي بمثابة العديد من القنابل الموقوتة التي تسعى إلى تفجير مسعى كلّ معالجة تحليلية مهما كانت ساذجة)، تتركني غالبا مُتحيّرة، غير أنّ مؤلّفه الأخير "أنبئوني بالرؤيا" (1) أبقاني مبهوتة . لم أدر من أيّ طرف أتناوله.
الرّسم الموضوع على الغلاف الأوّل استنسخ لوحة...
يبدو لي من غير اللازم، من جهتي، أن أتحدّث عن هذا الكتاب، ثمرة لقاء مع عمل مزدوج اللغة، موجز وكثيف، دقيق ومضبوط.
لكن أهناك من هو أفضل من كتب كيليطو يمكنها أن تتحدّث عن كيليطو؟
إنّ الحديث عن كتاب هو تمرين فيه من المجازفة يقدر ما في الحبّ؛ نخاطر بتكراره، بتكرار أنفسنا، نجازف بقول ترّهات، بمعنى...