قصة قصيرة

كتب جعفر الديري: مسكينة لا أحد لها سوى شقيقها، متواضعة وخلوقة وليس هناك من هو أطيب قلباً منها. جميلة غير أن الحزن على أمها ذهب بحيويتها، ذلك ما تذكره نسوة الحي كلما اجتمعت بهن. لا يتركن ساعة دون أن يحطمن أعصابها بمثل هذه الكلمات، بحق شقيقة زوجها، هذه المغرورة المحتالة، التي تبدي للناس وجهاً غير...
لا أستطيع النوم ، ولا حتى بقادر على البقاء مستيقظاً إلى جانب ذلك ، فإننى لا أشعر بأى شئ مطلقا . كان بالتأكيد شيئاً ضخماً وثقيلا ، لم أستطع حتى رؤيته ، بدا كإظلام مفاجئ وسريع ، فى مثل سرعة شرارة ناتجة عن طرق حجرين . بدأ كل شئ منذ دقائق قليلة ، عندما كنت جائعا وأفكر فى شراء شئ للعشاء . تحديدا قبل...
حين انتقلنا إلى ستوكهولم كانت هيلدا مرشدتنا، وكانت تقيم معنا فى كل فندق ننزل به وتلبى طلباتنا كافة ولو لم تكن فى نطاق العمل . لكن هيلدا تقدس وقت راحتها الخاص، إذ تنسلخ تمامًا عن المجموعة ولا تعطى لأحد فرصة ضئيلة ولو لمجرد الحوار البرئ معها. وعلى الرغم من شخصيتها الفولاذية إلا أن طابع الحياء...
حينما يستوي الليل على عرشه، ويعلن عن سطوته وسلطانه، تصير تلك الكلبة الوديعة والمسالمة، والتي تهرب من الناس مخافة أذاهم، ومن حجارة الأطفال، لبؤة شرشة، ليلا، تنبح بقوة، تكسر سكون الليل بصوتها القوي، تعلن عن سلطانها، تحمي الحومة من كل دخيل. أتقرب إليها صباحا، بمدها بالطعام، أقترب منها أكثر وقد لمست...
طريٌّ في مواجهة الصّعاب ..وشعاره كان في الحياة أنْ ( لا تكن قاسياً فتُكسَر ولا ليّناً فتُعصَر ).. وما كان قاسياً إلا على نفسه ..يؤدّبها..يشذّبها ..يقلّمها .. يقوّمها ..يحاسبها ..ويقهرها . ويدقّ على صدره أسفاً لو نسيَ نفسه ، وتمادى وتقسّى قليلاً على الغير. ويدقّ رأسه بالأرض بدون سجّادة...
يفتح الكدر علي مشهد ليلي .. زحام في كل مكان .. الناس يقبلون , يجيؤون من كل حدب وصوب .. الأصوات تتداخل, تتعالي , ومكبرات الصوت المرتفع , تملأ المكان، الزحام علي أشده .. الأنوار معلقة في كل مكان .. تكاد تخطف الأبصار .. مسرح بدائي .. مصنوع من خشب ملون .. يقف علي بابه رجل .. شبه عار، مفتول العضلات...
كشيوعي منشق عن الجماعة ؛ جلس الرفيق عابدون في أريكته الوثيرة بباحة مزرعته في سوبا.. الباحة تطل على أفق أخضر ممتد حتى النهاية. وقد استدعاني كمحام لرفع عدة قضايا اغلبها تتعلق بتركات وأراضي وخلافه... جلست اليه بكل احترام.. فأنا أعرف أنه أذكى مني كثيرا ، وأنني لن أستطيع ممارسة التجهيل المعتاد كما...
تجاعيد خمسينية.. يا إلهي!! ها انا أعيد الكرة! احتفل بعيد زواجي الذي أعشق خاصة أنه يتوافق مع بداية العام الجديد رغم أنه لا يبالي، أراني أستذكر على مرآة زينتي تجاعيد السنين ما ان أتلمس وجهي خلالها تلك كانت نتيجة اول عراك، والأخرى نتيجة زعلي مع والدته، وهاته كانت بسبب غيرتي حين رأيته يتحدث الى من...
الباص السفري قديم جدا...كانوا يطلقون عليه فورد .. كل حديده يصرخ... لا مذياع ولا حتى زجاج يغطي النوافذ ، الباص الأزرق الذي تنتفخ مقدمته وتتكور جوانبه نصف تكويرة لتناسب حجم عجلاته ، عجلاته كانت هي الشيء الوحيد من هذا العصر. وأما كل مكوناته الأخرى فهي أناجيل صناعة المحركات البخارية... مع ذلك فلو...
قبل عام، فُزت في مسابقة توظيف وصِرتُ ممّن يُمكنهم الاحتفال بعيد العمّال. لحدّ ذلك اليوم، كنتُ أظنّ أنّ الفوز في مسابقة توظيف كان كافيا لكي يعمل الإنسان ويعيش بسلام إلى النهاية...لكنّي كنت مُخطئا. وهذه مذكراتي باختصار، وقد كتبتُها طوال قرابة عام من العمل في وظيفتي الأولى. قبل 320 يوم أنا سبعاوي...
هو عندي حامل القرابين، رغم أنه كثيرًا ما كان يحمل صينية القهوة، يخرج بها بكل حماس من حجرة صغيرة يسميها أهل المكان "بوفيه"، رشيقا يتفادى الآخرين، يخطو كأن الأرض تنسحب من تحت قدميه، ينقر الباب المصقول المغلق بطرف سبابته ويدلف، يضع فنجان القهوة بحرص ويده مرتعشة تمسح بسمته المتواضعة بحركة محسوبة،...
قال خوان كارلوس أونتي: «..ولكن عندما يرغمونك على الانعزال.. فالأمر يختلف تمام الاختلاف». هذه العبارة لأونتي.. نعم لاأزال أتذكر ذلك جيدا.. إنه الشاعر.. لكن من أين أخذتها.. قد تكون من إحدى رواياته.. لأتأكد من ذلك الآن بنفسي.. ها هي رواية «الحياة القصيرة «..أوراقها مالت إلى الاصفرار، لقد...
رجلنا هذا ورب العرش المنجي, رأيناه يركب حماره في هذا اليوم, وهذا يحدث, رغم أننا أدخلنا الأتومبيلات, والميكروباصات إلى شوارع البلدة, بعد أن صارت بورسعيد مدينة حرة, تاريحنا هذا, وبه نؤرخ. رجلنا كان أيضا يغني, ويقول: معايا جنية. أجيب به أيه. أجيب وزة . والوزة تكاكي ..وتقول يا وراكي..يا وراك الشوم...
وقف بجانبى ينظر حوله يبحث عنى كان طويلا لكنه اليوم اكثر طولا واكثر نحافه رآنى مد يده لتحيتى كانت اصابعه بارده بلاحراره وضمه يده خاويه واثار بداخلى سؤلا جدليا .. من هو؟.. جلس على طرف المقعد امسك بالقلم بمنتهى الرقه والحميميه وتحول القلم بين اصابعه لعصفور يشرب من الفراغ الابيض ويلقى كحل الاحرف...
يونس .. يتحدث بعصبيته المعتادة ؛ اسود نحيل لكن جلده متقشف ورمادي من قسوة عمله في مصنع الرخام: - انا عملت في مصنع الرخام منذ عشرين عاما... صمت كعادته فهو لا يكمل جملته أبدا.. الرجال الباقون يحدقون فيه في انتظار اكمال جملته لكنه يخفي عينيه تحت مظلة قبعته ومعطفه الجلدي الأسود وينظر بخط مستقيم الى...
أعلى