قصة قصيرة

أنا جابر بن حيّان، أبو الكيمياء وصاحب بلاط العناصر. اعتزلت الآخرين كما اعتزل شيخي أبو العلاء النّاس.. نفاني الملك المعظم إلى هذا البيت القديم. إنّي وحيدٌ حتى الثمالة، لا أرى أحدًا سوى الحارس المسؤول عن تأمين طعامي وحبسي. نفاني الملك قبل أن أتمكن من تحويل التراب إلى ذهبٍ، لأنّ حسّادي اتهموني بأنّ...
“فاتت جنبنا “..فتهفهفت ريح الصَّبا وريح الصِّبا . لمع ظل ابتسامتها فغرقتُ في الوجه الوثير. تكورخداها كخوختين ناضجتين إذا لم تمد يدك تدحرجتا ثم طارتا كنسرين جارحين لا يغفيان إلا بعد أن يبللهما الحب. يبدو أن غَول الشباب تململ داخلي بعد كل هذا الكُمون. للأسف، لست رجل كلمات.. يبدو أنني يجب أن أعود...
- هذه هى المرة الأولى . - لا بأس . - أشعر بالندم . - طبيعى - سأظل أشعر بالندم . - لن يستمر طويلاً - أعرف نفسى . - أنت لا تعرف شيئاً . - آه . - ألم تستمع ؟ - آه . - هل شعرت بمثل هذا الشعور من قبل ؟ - هذه هى المرة الأولى التى .... - أعرف ، لا تكمل ، لكنك استمتعت أليس كذلك ؟ - ماذا تقصدين ؟ - أقصد...
استيقظتُ قتيلاً. تلمستُ جرحي، كان لايزال نازفاً على الرغم من أن دهراً قد مرّ على موتي. حملتُ سكيناً لا أدري كيف حصلتُ عليها وهرعتُ إلى الشارعِ باحثاً في الوجوه عن قاتلي. كان كلّ شيء يبدو في الوهلة الأولى هادئاً، غير أن نُذُراً بالشرّ تلوح في الفضاء، الذي امتلأ عفونةً وزنخاً، وكلما توغلتُ في...
تركَ الدفّةَ إلى أحد أبنائه، وجاء يترنحُ بزهوِ القائدِ المنتصر ليعلنَ أمامنا البشرى، عودة الحمامةِ وهي تحملُ غصنَ زيتون. ارتفعتْ زغاريدُ النساء ورقصَ الرجال فرحاً بالنجاة، مهنئين بعضهم البعض، مبالغين بكيل الثناء على القبطان وحكمته. اشرأبتِ الأعناقُ نحو الآفاق القصية تبحث عن اليابسة، وقد بدأت...
في قفّةٍ صغيرة وسط دجلة الهادئ، واقفٌ أدخنُ عقْبَ سيجارةٍ وأتأملُ غروبَ الشمس بعد أن رميتُ شِباكي. كنتُ أشعرُ بمرارةٍ، فأنا لا تؤلمني الخسارةُ بقدر ما يؤلمني جهلي في قواعد لعبة الحظ. فجأةً اهتزتْ شباكي. لم تكُ ثقيلةً، لكن لابد أن شيئاً قد علق فيها. سحبتها ببطءٍ وحذر لئلا يفلتَ العالقُ كما في...
ضرب عبد الرزاق صدره بقبضة يده بقوة، كمن ركبه عفريت أزرق... وهو يصيح: يجب أن أفعلها الليلة! لم يكن عبد الرزاق سيء الأخلاق؛ بل تخرج من كلية الطب البيطري منذ سنتين، أنهى خدمته العسكرية قبل أشهر قليلة، حاول أن يجد عملاً في تخصصه، ولم يجد؛ فبقي عاطلاً، حائراً، خامداً يسكن مع وحدته التي تعود عليها...
1- بطاقة بيانات شخصية جداً : أسمى موجود بالضبط أنا موجود موجود موجود ، وهو أيضا الاسم الثلاثي كاملاً . لي من العيون اثنان ، ومن الأقدام اثنان ، وأيضا لي لسان وأتمتع فوق ذلك بحاسة شم قوية جداً ، وإن كنت لا أستخدمها ! حاشية : تتمتع الكلاب بحاسة شم قوية جداً، وهذا يجعلني فى غاية الحرج ! 2- لن أقلع...
كانت الشمس تميل للغروب، وكنت جالسا على ضفة البحيرة، أتأمل تموجات الماء، كعادتي كل مساء، حين أحسست بشخص يقف خلفي ، ثم سمعته يحييني بصوت أجش، يخنقه السعال. التفتّ لأتبينَ مصدر الصوت، في ذلك المكان الخالي من الأحياء، فرأيت هيكلا عظميا متكئا على عكازة سميكة. ورأيته يتقدم نحوي ويجلس بجانبي بهدوء تام،...
1 - حلم على الرصيف على رصيف مقهى دوفيل بشارع الشنزيليزي والوقت صيف، والشمس حامية، والظلال متخفية، والناس زحام لا يعرف الفتور، جلس يسترخي في ظل شمسية يرشف كأسا من عصير مثلّج. راوده حلم وهو يرى الحسان حاسرات الصدور عاريات الأفخاذ يخطرن على الرصيف الواسع جيئة وذهابا، ما بين قوس النصر وساحة...
تأهّبتُ للسّفر في بلاد الله طلبا للحركة ، و عزوفا عن الوقوف . لم تكن لديّ أموال فأودعَها و لا عيال فأوصيَ بهم . كنت خفيف الحمل نظيفا من وسخ الدّار الفانيّة إلاّ من حمار أركبه و زق تمر زادا ، و ركوة ماء ، و برنس صوف للصيف و الشتاء . أمّا البيت الذي أسكنه فهبة من أهل قرية نزلت بها ذات غروب منذ...
حين غادرت غرفتي في تلك الليلة التي لا يمحوها النسيان، كانت الظلماء تنداح على وجه المدينة كالمداد الأسود، وأضواء المصابيح الشاحبة تنبجس الواحد تلو الآخر، تفتق فلول الظلام، والشوارع طنينا مضمحلاّ، والأصوات في خفوت إلا أصوات التلفزيونات وآلات التسجيل التي تنشط في مثل هذا الوقت، وصدى أغنيات فاحشة...
جاء إلى الدّنيا مجهولا وتُرِك دون هويّة، يحيا أوجاعَه مُرتحلا في الأمكنة. شارَف على كهولة قُدَّت من حُزن سرياليّ، حين ينتقل من مكان إلى آخر يسير مُسرعا كأنّه مُطَارَد ، تمتدّ خطواته باحثة عن مُستقرّ على تُخوم رحيل لاينقطع. يتدثَّر بألم حَفر على روحه جُرُوحا غائرة، يلفّ جسده بثياب قديمة مُمزّقة،...
أنا أجهل مصدر الصوت كان نداءً خفيّاً ، وجدتُني أتبعُه دون أن يكون لي ما يحرّكني سوى ذات الصوت البعيد، وأنا المشتاق للبَرَد وللمطر وللثلج ولكل ما يمكن أن يُطفئ جذوةٌ مشتعلةٌ تحترق كلّما أقبل الشتاء. لكن الشتاء هنا لا يلزم سوى لاستكمال التقويم. وأنا الباحثُ عنه أدورُ في كل الاتجاهات علّي ألقاه في...
لا نعرف بالضبط كم مضى على وجود ذلك الحيوان في هذا المكان! ربّما قبل سنوات من حلول الساكن الجديد في الشقّة رقم خمسة، التي تطلّ نافذتها بشكل جانبيّ على التلّة الحجريّة المعشوشبة والواقعة بين مباني آهلة. كانت المنطقة كما يقال منطقة بساتين غنّاء تمتدّ خارج حدود المدينة التي توسّعت، فأكلت الخضرة...
أعلى