قصة قصيرة

بعد أن طاف شوارع المدينة يوما بحاله يستجدي لقمة العيش دون جدوى، عاد عند المساء يتأمل صور الزعيم وقد ضجت بها الجدران، تاه معها بعض الوقت، حتى رآها تتآكل أمام حرارة الشمس ولفح الرياح وتحت رذاذ المطر، حاول تقدير ثمنها الذي راح هباء، أراد أن يرى تلك الأموال تنفق في ما ينفع البلاد والعباد، إلا أن...
لحسن حظ أمي، لم يكن أبي يعارض على ذهابها إلى حمام الحومة كما لم يمنعها قط من زيارة الأضرحة... رافقتها إلى الحمام ذات صباح صقيعي يستحيل معه الاستحمام في البيت.. دخلنا ودفعنا الحساب.. بمجرد ما أماطت أمي اللثام عن وجهها، أماطت الأخريات اللثام عن منغصاتهن... مداخن أمامي يتسابقن لينفثن أدخنتهن...
حملت حقيبتي في يدي دخلت بابا مزركشا بالسيراميك و الفسيفساء ، صعدت درجين ، فتحت بابا دوارا ، استقبلني بلفحة ساخنة ، كلما توغلت في أعماقه كلما ازددت حبا فيه وعشقا ، رائحته تزكم النفوس ، فيه رائحة الداد و الكبريت ، حرارته قطعة من نار جهنم . تفحصت أنظار الناس رأيتها شاخصة مرهقة من شدة الإعياء ، وجوه...
هل تكفي أغنية واحدة كي تخرّّ الحروف ساجدة فوق سجادة وصالك .. من أطلق أول موّال فيها ؟؟ من وضع لحن الشوق على سلم موسيقاها ؟؟ من باح للريح بأسرار القصب ؟ من أيقظ الأميرة بقبلة ؟؟ ربما أغنية واحدة وقفت على جبل المسرات ونفخت بالبوق, فقام الحرف من بين الأموات… هبّت نسمة وأزاحت ستائر العيد عن فجائعي...
فتحت " فاتن " حقيبتها الجلدية التي كانت تحملها معها إلى حفل " القديدة " التي دعيت إليه من طرف صاحبتها " عوالم " .. تناولت المرآة التي كانت بداخلها . وأخذت تنظر إلى وجهها من خلالها . بدت لها خدودها مثل الجلنار وجبينها ناعم خال من التجاعيد والأسارير مثل النهار وتسريحتها الشعرية فاتنة مثل شعر غجرية...
يَدٌ باردة، وحيدة كالبحر كانت يدها، مُذْ راودها الحلم، شَكَّلَ الآخر لديها إلهاً، ولكن ليس كل الآخرين آلهة. تحلم أنه أخيراً سيأتي كي تغور في الرخاوة وأصابع العشق تحرثها، تهرشها، تشيلها إلى عوالم لم تألفها... لكنها تحدس بها، وخلف ستار الحلم، ربما، كان على مريم أن تَتَّقي مع كل فطور صباحي سيل...
باردٌ، كدمشق في يومها الأخير. أرى: يبلع الرمل الماء ولا يشبع. أرى: أركض نحو أختي، التي ماتت قبل أن تلدها أمي، كي أمنحها سرّي. أنا ابن آخر قطرات من شتاء، كالضجيج أتصاعد... حكاية بخار منفيٍّ من إبريق جدي. وجدي، رأس لطربوش أحمر وقمباز لسجادة صلاة تحت مئذنة. .كان شكل جدي مئذنة. " ألفٌ، لامٌ، ميمٌ "...
الفصل 1 حيمنا رسم أول قبله ، ترك على لجسد الشهي بقعا من الحمرة الشفافة ألمثيرة للقرف ربما من فرط الشوق إليها أو من شدة الظمأ يضنيه كانت القبل حارة جدا حتى بدت آثارها كأنها محاولات منه لامتصاص دمها النادر. ومن يومها وهو يستعذب امتصاص دم من احب ، ويريق دم من فكر في حبها غيره ... وكنت أحبها...
* ( الأهداء / إلى الصديق المبدع محمّد فري وهيئة تحرير هذا المطر الملهم ...) الدّغفوص أبو التآليل هوّ أقرب الشّياطين إلى قلبي. ذلك أنّه لا يرشّ الماء البارد ولا يبالغ في إفزاع الزّوّار. ثمّ أنّه جاري الذي يشاركني الرّواق الثالث يمينا ويحتلّ الموقع المقابل لي تماما قرب نافورة الدّم ونسيج سلعوط...
حدث أبو سعيد الخدري أن رسول الله قام يصلي صلاة الصبح ، وهو خلفه يقرأ . فالتبست عليه الصلاة . فلما فرغ من صلاته قال : لو رأيتموني وإبليس. فهويت بيدي . فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصابعي هاتين ، الإبهام والتي تليها . ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد يتلاعب به...
أرادت أن تبدّل لون بشرتها. أمنيتها في الحياة أن تتحوّل سمرتها إلى بياض. تقف صباح كلّ يوم أمام المرآة وتقلّب وجهها وتلعن حظّها متسائلة: لماذا منح القدر والدتها وبعض إخوتها ذاك اللّون النّاصع وحرمها منه؟ لقد قاربت الثّلاثين وما زال هذا اللّون العنيد يرافقها ملتصقا بها ويكدّر عيشها. تزوّجت...
ولد العجل و ماتت أمه البقرة .. لم تكن الأم سوى عجلة اشتراها مولاها بثمن شاق وفرته زوجته منذ أن دخلت منزله إلى أن انجبت له سبع ورثة أولادا وبنات ولا زال بطنها منتفخا ..هؤلاء القوم لم يعرفوا قط طعم لبن أو زبدة بقرة تملكها أسرتهم .. تشوقوا طويلا إلى لذة حليب تجذبه أصابع أمهم من الضرع فينساب حلوا...
ليس لي من كينونتي سوى فخاخها. وليس للمر المعتم الطويل في سيرورتي الخاصة سوى دلالة واحدة: غمد الهاوية. -1- إن لم تخنّي جمجمتي هذه، المحشوّة بالتراب ورخويات الأرض، فإنني أجزم أن هتاف الحرية كان آخر ما التقطتِه أذناي وهم يعبرون بي الممرّ المعتم الطويل، وأجزم قاطعا أنني في تلك الفجوات القصيرة التي...
داهمها الجوع ولم يكن لديها غير رغيف خبز لا تذكر كم مر عليه من الزمن.. فكرت فيه بشهيّة، منّت النفس به كثيرا، ولما أقدمت على التهامه اكتشفت أن النمل قد أحاط به من كل جانب حتى أصبح منظره مقرفا جدا، ترددت كثيرا قبل تناوله لكن الجوع استبد بها فبدأت تتصيد الحيل لإقناع نفسها بصلاحيته، تاهت بعض الوقت...
كان يذوى يوما بعد يوم ، يتلاشى متحولا إلى شبح ، كنا نلاحظ ذلك بسهولة ، ربما لانه الوحيد بيننا الذى يملك جسدا عفيا متناسقا ، وعضلات مفتولة ، تبرز بدقة تحت تي شيرتاته الضيقة التى يرتديها متعمدا ، كان الذبول يضرب ملامحه أيضا ، ويطفئ هذا البريق اللامع فى نظرات عينيه ، لم نكن نعرف سببا قويا وراء هذ...
أعلى