قصة قصيرة

في كل مرة، يبدأ الشّيخُ الكلام بتأكيدِ أَنَّ ما وَرَدَ في فقرةِ الاستهلال، ذاتِ الطّابَعِ العِلْمي، صحيحٌ، بناءً على تجربة شخصيّة عاشَها في ماضٍ سحيق، وبعدها يُباشِرُ سَرْدَ ذكرياته عن التّجربة المذكورة. بهذه الصّورة، يُصْبِحُ النّص القصصي في “كوسميكوميكس” مجالاً تلتقي فيه الكوسمولوجيا – باعتبار...
داخل مخدع التصويت نسي الناخب اسم المرشح الذي كان ينوي أن يمنحه صوته، ونسي اسم الحزب الذي ينتمي له ذلك المرشح، كما نسي الرمز الذي يرمز له ذلك الحزب. انتبه المشرفون على مكتب التصويت إلى تأخر الناخب داخل المخدع. نادوا عليه للخروج لأداء واجبه الوطني. لما لم يتلقوا منه جوابا، قاموا بإخراجه بالقوة من...
-1- .. وبالرغم من كل ما حدث سأحتفل هذا المساء . سأشعل ما تبقى في طويتي من يمام ، وأهز أغصان الذات لأتفقد عصافيري التي أحسست أنها تناقصت بشكل ملحوظ منذ أن حصل ما حصل. سأتعرى وأترك للسليقة تفصح عما تكلس – بفعل ما حدث – في خلجات الروح من فرح ومسرة : أصفق وأرقص وحيدا مثل إله مخبول زاهد عن نصيبه في...
لا ظل فوق الرصيف القاحل إلا ظلي. تركته وانصرفت مومئا إليه بترك عينه على الأمتعة، فهو قد أصبح يفهم تصرفاتي جيدا، خاصة بعد أن قررت أن أشركه في حيرتي وشؤوني، فور نزولي بهذه المحطة القاحلة، مما حمله على الظن بأنني هنت وضعفت أمام غربتي ووساوسي واضطررت اضطرارا أن أتخذ منه وليا ونصيرا، فهز رأسه...
-1- كأن قدميّ لا تبلغان الأرض. كأنني أهرول في مرج الفراغ. مخطوفا أسير في الاتجاه الذي يمليه علي هتفان الروح. كأنّ قارورة خبل قد تكسرت في سريرتي بفعل هبوب فكرة هوجاء، فخفّتْ كينونتي ، وبدتْ مشاعري وخواطري وأفكاري ممسوسة بحبور مبهم، وأنا أنتقل مثل ريح مخبولة من محل إلى آخر، أقتني مستلزمات مشروعي...
مائة ألف نوع من الذباب، ولا واحدة منها تشبه هذه الذبابة المسخ؛ تصوروا أنها قبل صياح الديك قرب طبلة أذني طنت وعلى خدي حطت تلك اللئيمة، ما أفزعها هشي ولا أرهبها نشي، سحبت الغطاء فوق رأسي، وعدت لإتمام حلمي اللذيذ، لكنها بدأت تتزحلق وتعيث ميكروباتها بين ثنايا أصابعي كفي بانتشاء؛ دون أن تكترث لما قد...
يفتح زجاجة النبيذ الأحمر. يتذكر قولة جيمس جويس" النبيذ الأبيض يحرك الأرجل أما الأحمر فيحرك الرؤوس". كان يعبه باستمرار مع نينو فرانك و مع صام بكيت و مع جيلي و مع الآخرين . و لكنه مع ذلك استطاع أن يكتب كتابين لا غير . الباقي زيادات. قال جويس: ـ لم أكتب إلا كتابا واحدا. و لم أكتب إلا عن شخص واحد...
سألتِـني مرّة , كيف أصرِف حاجتي إلى رائحة المرأة , كلما اشتدّتْ بي رغبة في جسدها, ظننتكِ تلمحين إلى مقدار وفائي لك , فقلتُ بأن شهوة الجنس لا تؤرق بالي, لكنك لم تصدقي مقالتي , وبقيتِ تُلِحين عليَّ في السؤال. ليتكِ كنتِ تتصورين حالي , في هذا الركن القصيِّ من الشمال, بين الفصل التعليمي اليتيم , و...
كما يجدر برجل وحيد ، وبائس تغفو إرهاقا ، والحافلة تمخر عباب الإسفلت ، في ظلمة المغيب الشاحبة ... تنتبه إلى أن تلك الفتاة المحجبة تشبه امرأة سكنتك ، ذات شقاء ، على الأقل هذه تتطلع إليها بحرية ، وأنت تدرك تمام الإدراك أنك رجل غير ناضج عاطفيا ، وتطارد سراب استقرار عاطفي ":آه . يا هند !يا جرحا وشم...
في طريقي إلى كليتي بالقصر العيني كنت أسلك نفس الطريق كل يوم : على عتبة عمارتنا البهية أتصبح بوجه عم عطية البواب النوبي يرفع يده يضرب لي تعظيم سلام و يقول بلهجته المحببة : بالسلامة يابنت الغالية , ثم يتوالى بالدعاء للمرحومة أمي كل صباح.لن أنس أنها حتى في أيامها الأخيرة من عمرها كانت تصحو من...
بينما أنا سائر في بغداد وكلي شوق لمجالسة الرشيد ، لم تسعفني النوبات بالدخول من باب البصرة ، فكان لزاما على بغلتي أن تقرع الأظلاف معلنة دخول الغريب من باب خرسان . لم أفكر أن الأمر صار ليحيا ، وعيون البرامكة متوهجة بغضب النزوات ... الشريط المبلط ينعش بروائح التوابل والقماش ،ونسمات الكافور تبشر...
أنا... أنا...قليلا ما أنظر في المرآة.. لا أعرف لماذا...منذ فارقتني إيطو ، وأنا لا أنظر في المرآة... كثيرا ما يقولون بأنني بهيمي في لباسي ،ومظهري... أنت... أنت... قليلا ما تعرف لم أنا هكذا... لم يتغلغل في داخلي هذا النظام الصارم الذي طبعت نفسي عليه... أهو نظام أم فوضى؟... لا أعرف... هلا سألت...
الطابور على مد البصر، الساق ملتفة بالساق، والمناكب متشابكة، والأجساد تتدافع بعنف. التصق الكل بالكل..وتطلعت الهامات إلى الأعلى، تبحث الأنوف فيها عن نسمة هواء بعد أن عز في الأسفل.. وأنا .. في آخر الطابور أكاد أختنق، بل أختنق فعلا، أحس بالضغط يجتاحني ويكاد يقصم صدري. ألقي نظرة إلى الأسفل أتلمس...
قد تحاكم العالم وأنت في عقر دارك ، فتسافر إلى حيث تلفحك شرارات الاتصال والاحتكاك والاستعارة الثقافية. هشام ناجح . "ستكون أول من يطلع على السر إذا وصلت باكر إلى جزيرة خوان فرنانديز . عند بداية الغابة يوجد الباب الخلفي على يمينك يسطع بتوهج العلامة النحاسية الكبيرة . لاتطرق الباب بقوة لكي لاينزعج...
كلما ذهب زوج عمتي ناظر المدرسة في عمل خارج القاهرة ,كان على أن أذهب للمبيت مع عمتي.شقة عمتي تقع في حي السبتية , تطل غرفها الخلفية على شريط السكك الحديدية و تقاطع القطارات الذاهبة و الآتية من الصعيد و الدلتا. الشرفة المطلة على السكك الحديدية كانت كابوسا بالنسبة لي,كلما واتتني الشجاعة لأقف هناك...
أعلى