كنتُ بينهم في مهمة..
ومن كانت حبيبتي يوما كانت موجودة أيضا...
كيف اتفق أن يحضر الجميع في المكان نفسه؟..
لعلها بركة الأماكن، فهي كفيلة بأن تسع الجميع دائما،(هذا ما تعلمته من أمي التي لم تعرف غير الخيمة، والأرض والبئر، وخدمة أبي التي تعتبرها بركة أخرى..) مسكينة أمي غاب عنها أن بعض الأماكن...
أنت تعرفني ، ولا تعرفني ، إذ لم تتعرف عليَّ في الشارع، رغم أننّي استوقفتك هناك، أمام المكتبة الظاهريّة ، ربّما صادفتني في كشك البرامكة، أو كشك الآداب ، أو أبصرتني مع بائع متجول للصحف في كراج باب مصلى ؛ وضعت ربطة الخبز ، وكيس الفاكهة جانباً ، ونقدت البائع ليرتين فوق ثمن الصحيفة الرّسمي ، وقرأتني...
اعتقدتُ أنّ هذا كلّه يعودُ لكَ ولهذا الشهر اللعين. كم من المؤلم أن ننسب حزننا وخيباتنا لكَ، نلصقها بغيابك، فتصبح أنت الذكرى التعيسة التي تدق باب ضميرنا. تراكم غيابك عبر السنين لم يخفّف شيئاً من الحنين. هجرنا النسيان فبتنا لا حول ولا قوة نواجه خيبتنا كل يوم.
في يوم رحيلك أنا وحيد مجدداً دونك...
لا داعي للنظر إلى موطئ القدم، فالذي أمام عينيك يشعرك بالغواية ، يأخذ بك إلى ما بعد النظر، يأسرك تشكل الأمواج، تقترب أكثر تجاه الشاطئ، تداعب الرمال رجليك في نعومة، علمها البحر احتضان الوجود، لم تعد تدري كم مر عليك بالمكان، العمر هنا امتداد أسطوري ، لا فرق بينك وبين الإنسان الأول، عناق الطبيعة...
كان من الممكن أن ينصحه بطريقة لطيفة ..يستسمحه من أجل حسن تقدير الموقف ..ذاكرا له حق الجار ..وكلمات من ضمنها أن الحرية الشخصية تنتهي عند الاضرار بالآخرين ..لكن عجرفة المعلم عبد القادر العبادي كونه جزار ويسكن اقاربه بالجوار ..وله من أبناء العمومة الكثير ..لو حدثت مشادة وارتفعت الشوم والعصي...
لم أكن يوماً امرأة .. كنت دوماً سرداً لائذاً بنصه ..
سرد تختبئء فيه المعاني وتتزاحم الصور .. وتقيم الكلمات احتفالاً سرياليا لحضور الزنبق اللغوي في حديقة النص.. اللغة امرأة رطبة رقطاء الجلد تنزلق من خاصرتي تقف فوق جسدي البارد المستلقي على فراش الدهشة تضع قدمها على صدري وتطوّح بالقدم الأخرى فوق...
الحكاية رقم ( 2 )
حكاية الست ثريا .. إمراة مقهورة
ثريا من قرية كفر أبو علم ..بفتح العين .. فليس لنا مع العلم نصيب ( بكسر العين )
متزوجة .. ام لثلاثة اطفال .. ينادونها : أم سيد
حسنين زوجها .. عامل أرزقي .. يعمل بغير انتظام .. عامل إنتاج ممكن .. فرد أمن لا مانع .
حسنين حالة من الجهل ..
ثريا...
تلك النقطة السوداء تنمو كالشيطان..تنمو حمراء بلون الدم..بتخثره..برائحته المقززة، تنمو في كونها المظلم..ثم تقفز منه كلاباً وذئاباً وخنازير وحشرات وديداناً وأزهاراً وبشراً..ثم تزحف مثقلة بألألم، بالجوع، تزحف لتفكك تلك الشفرات المنقوشة على سطح أرضها الوعرة..تلك الأرقام المقلوبة، النجوم المعتمة،...
لا أحد كان يعرف من هو، ولا من أين أتى حتى يتولى طهو خبز ساكنة القرية المنجمية في الفران الوحيد بها ظروف ذاك. تعارف عليه الناس باسم "فْرَنْكْ"، وظل بعض المتطفلين يبحثون عن سبب إلصاق هذا اللقب به، وعن علاقته بتلك القطعة النقدية التي كانت تهدى للأطفال في المناسبات والأعياد ليشتروا بها ما لذ، وطاب...
بسسسس.. أنت
همس ملك الموت بينما يربت على كتف عمار الطويل.
عمار الطويل، و الذي كان يستعد -في منامه- لتقبيل نهدي جارته النافرين؛ تمطى بكسل، و مسح اللعاب الذي تناثر على جانبي شفتيه، ثم دعك عينيه و قال:
ثواني بس يا أم العيا...
و عندما التفت، و طالع وجه ملك الموت الموميائي، بعينيه شديدتي الحمرة، و...
(الحياة مستشفى ، كل نزلائها تتملكهم رغبة تغيير الأسّرة)*
بعد اكتشاف إصابات محلية خصصت المدينة جناحا بأحد المستشفيات العمومية للحالات التي ظهرت عليها الأعراض الأولى لفيروس كورونا .
كيف أصابت الحُمّى الحاج عامر واحتدّ سُعاله ، وهو الذي اتخذ كل الاحتياطات ؟. قبل الحظر الصحي اقتنت الحاجة زوجته كل...
يمكن للأصدقاء والأرواح أن تأتى على مهل يناسبها، لكنى فى شوق لأن أبدأ.
جهزت كل شيء مناسب للوحدة: المقاعد الشاغرة، زجاجات البيرة المشبرة، أطباق الفول السودانى و الذرة المقرمشة، الجبن، ربما كان نوعا أو نوعين، كان البائع فى السوبر ماركت قد غمز بعينه لما سألته عن الجبن الخزين، نظر للكيس الذى أحمله...
ولدنا متلاصقين. نتلاقى في الخاصرة وجزء من الظهر أكاد أقول أنه يحملني على ظهره او ربما أشكل امتدادا متطاولاً لمنتصف جسده .أجمع الأطباء أن حالتنا نادرة ،رغم أننا بقينا نحن الاثنان على قيد الحياة. طبياً في مثل حالتنا يموت أحد الطفلين ليعيش الآخر ، يمكن أن تجرى عملية لفصل المولود الأضعف ، كنت أنا...
لماذا أحوم دائماً حول هذا المنزل القاتم في الحي المنعزل؟!
ضبطت نفسي متلبساً بالوقوف لأوقاتٍ طويلةٍ فوق سوره القصير، المغطى كله بنباتات الزينة الشائحة، أتأمل باب المنزل، ونوافذه ذات الحواف المتآكلة، بذهولٍ ينسيني كل ما حولي، حتى أن قطاً كاد يأكلني، حين تسلل بخفةٍ، ذات صباحٍ، واعتلى السور، مقترباً...