سرد

اِستقلّتْ مقعدا وسطا في الصفّ الثاني من سيّارة الأجرة. الوجه المنعكس على المرآة الخارجيّة صفحة مجعّدة لامرأة شاحبة رشَم عليها الزّمن كلّ تواريخه القٌلّب. قدّرت أنّها في مثل عمرها أو أزيد بشقاء غير قليل، ومثلها ربّما، محمّلة بكيس كبير من عبوات الأدوية وفواتير مكلفة. لحافها صوفيّ كالذي تلتفع به،...
ماذا تعنيه الذكريات؟ لقد اكتشفت أن الذكريات ليست صورا ، ليست وجوها بل ولا حتى مشاهد تغوص في ضبابية الوعي ، الذكريات وخزات من ألم. إنها لا تذكر سوى وخزات من الألم قد ارتبطت بوقائع فقدت أبعادها وبقيت الوخزات. تنخس القلب خادعة إياه فيظن أنها مواقف ما. كانت ملكة الوخزات ؛ عندما تلفتت لجنة الاستماع...
هو أسوأ بكثير مما يبدو عليه ، لم يفهم نفسه يوما ، لم يكن قد أوغل فيها ، يفتقدها كلما بحث عنها ، فولعه بالنساء افسد عليه ذكاءه ، شغفته حبا أنجلينا جولي و نيكول كدمان و فينيوس و أخريات لا يحصيهن رقن له و خفق قلبه لهن ، بالنسبة له كل حب إحياء لذكرى حب سبقه ، عاش مغامرات حب و نجا ، فالحب...
الطابق الثاني، انتظر دوري منذ ربع ساعة تقريبا، ما كان يقال عن خط الاستواء اصبح قديما، درجة الحرارة قد تجاوزت الخمسين على ما اعتقد، هناك رائحة كريهة لمعقمات طبية او ما شابه، صبيتان يجلسن امامي يطلقن نكات لا اكاد افهمها، السكرتيرة طيبا جدا كفاكهة طيبة. من الشرفة المطلة على سوق شعبي ارى سقوف...
هل كان يعلم عبد الودود، أنه بمصاحبة العفريت، سيصبح مستقبلا مثله، وأحيانا كثيرة يتفوق عليه. عملا بالمتداول والمتعارف عليه من أن التلميذ يمكن أن يتفوق على استاذه؟؟ لم يكن أحد من أبناء الحي على علم من أن عبد الودود يصاحب العفريت، يتحدث معه في الخفاء، يملي عليه الاخير أشياء ويفعلها وفي الاخير تكون...
أمسيت أرقب تنفس المراعي وبعض الخبيث يسكن صدري وفمي.. رفض المطر سلوكي الغبي فأطفأ جذوة سيجارتي برذاذه.. تكاسلت عن التدخين وعن الغناء للشياه.. راق لي منظر الغيوم الغامقة السواد وهي تتشاغب مع بعضها البعض على مساحة واسعة من السماء.. أمسكتْ ببصري لما رأيتها تناور لإغراق الوديان وتكوين السيول، والخراف...
ظنوا أن جعبته امتلأت من كثرة الحكايات، وتهالكت من تشبث أبطال حكاويه بخيوط الدمية للفوز بدور البطولة في الحكاية الجديدة، فقرروا الهرب والبحث عن معجبين للتصفيق لهم عند سرد الأحداث، كانوا يظنون أنه فقد القدرة على الإمساك بخيوط الدمية، تخيلوا أن قلمه الرصاص الذي رسم أدق تفاصيلهم هو سيف خشبي لا...
سألت طفلة: - بماذا نحتفل يا ماما فأجابتها: - بعيد الظهور الإلهي... حين رأي يسوع على نهر الأردن روح الله تهبط في شكل حمامة. قالت الطفلة: - روح الله؟ قالت ماما: - روح الله على شكل حمامة... قالت الطفلة: - روح الله؟ أجابتها: - بلى .. في شكل حمامة... سألتها: - روح الله؟ ردت: - نعم...
كانت تقف ساهمة أمام اللوحة كما لو أنها تقف أمام مرآة ذاتها. لم يشأ أن يقطع خلوتها; سحب نفسه بهدوء إلى ركن في نهاية الصالة حيث يوجد بار صغير. جلس إلى أقرب طاولة ومن مكانه راح يراقبها. كانت لا تزال متسمرة أمام اللوحة لدرجة أنها لم تهتم بالمرور على باقي اللوحات. طلب زجاجة جن كاملة; وراح يفكر...
ينتمي الروائي اللبناني ربيع جابر الى الجيل الجديد من الشباب العربي الذي دخل غمار الكتابة الروائية بأسلوب جديد، ولغة سلسة، وحكايات من نسيج التاريخ، ومن الزمن الماضي المستعاذ بالصور الذهنية، وتراكم القراءة في طيات الاحداث التاريخية التي ما فتئ الروائي يعيد ترميمها من جديد في قالب حكائي يبدأ من...
تحكي "فاطمة" لزميلاتها أنها تحلم، وفي الحلم تكون خارجة من بيتهم؛ فتحاذيها دجاجات، وتدخل بين قدميها وتخرج أرانب وقطط ناعمة. "فاطمة" رائدة فصل (6/2) الذي أدخله يوميا. معها طباشير الفصل ودفتر الغياب. خطها جميل وتكتب عناوين الدروس كأنها ترسم. من تلقاء نفسها، بادرت بكتابة قائمة جديدة بأسماء الفصل،...
كانت ساعات معدودة، لكن تبدلت فيها بشكل لا يوصف، دخلت مثقلاً؛ محني الظهر، خرجت لا أشعر بوقع قدميّ على الأرض. هبطت الدرج، تلقتني الشمس بأشعتها الحمراء؛ مازالت مستديرة رغم ميلها نحو الغروب. نز العرق من كل جسدي، ضقت بالمعطف؛ كان الجو باردًا قبل معرفتي بالأمر. اعتقدت أني سأنتقل بالتاكسي إلى الفندق...
بعد انقضاء الظهيرة بوقت طويل ، وانحدار الشمس نحو الغروب ، كان هناك رجلان يمضيان فى اتجاه واحد متجاورين ، يتحاوران حول اسئلة كونية لا نظير لها ،عن سيرورة العالم والتطور ، ماهو مادى او هيولى . الظل المائل للرجل ( أ ) يتماهى معه ،مقلدا تحركاته كأن الطريق مرآة ارضية . الرجل ( ب ) وهو الذى يطرح...
لم يضع نفسه في موقف العارف. كان ينفش شاربيه و ينظر بعيدا. ربما كان يستعيد على ضوء ما كان يسمعه ،خطواته الأولى على مسار صفحات غربته الطويلة. و ربما كان ينتشي لكونه ضمن الخلود في ذاكرة مخاطبه لكون الغريب لا ينسى أبدا شبيها له التقاه على عتية مسار غربته. كان يعي أن هذا القادم في حاجة إلى من يصغي...
كانت أحلى البلحات في سبيطة المدينة، قابلتها والزمان مختل... كانت تعرف كيف تصنع الفرح، إبتسامتها تسلبك تجذر الأشياء في أعماقك السحيقة، حتى نظراتها بذات القدر من العمق [ليس العمق المجازي، عمق القاع إلى السطح..] .. دافقة في غير إبتذال، مدمنة للفرح.. ذات مساء .. وحين كانت تغني: آه بارنتو وآه من...
أعلى