سرد

– جعفر الديري زملائي الأربعة يحملون نعشي. هذا كل ما حظيت به من تكريم. لا أهل، لا أصدقاء، لا جيران، ولا أي من أهل الإيمان الراغبين في الثواب الجزيل. فقط أربعة يحملون نعشا قديما، تفضل به أهل القرية الظالم أهلها، الممعنة في إذلال كل غريب يبحث عن لقمة عيشه، بعيدا عن أهله ووطنه. ساروا في خطوات...
رغم مرور شهور عديدة توقفت خلالها حكاياتي مع القطط، إلا أن قطة جديدة ذات ألوان غريبة ومتداخلة أصرت على الظهور بقوة في فترة من حياتي يسودها الاضطراب والقلق، كان هذا بعد وفاة أمي بما يقارب السنة، وانقطاع علاقتي بالقطة المشمشية الأولى(1)، (3)، وخروج القطة المشمشية الثانية(2) إلى مصيرها المجهول قبل...
يخرج من بيته صباحا إلى مقهاه الأليفة خلف الشارع الرئيس. ينتظر الرواد المداومين ويشرع في تناول " السبسي"، يملأ " الشقف" ويعب عبتين، يتصاعد الدخان من خياشيمه ويلاحقه بعينين تدب إليهما الحمرة رويدا رويدا. كلما قاربت ميكة الكيف من نهايتها صغرت عيناه. يشفط جبدة واحدة ويمد عصا لفاثة إلى واحد من مجمعه...
تلعب الشمس بأعصابه كما لو أنها أفاع تتلوى داخل قبو من لحم ودم.. صحراء شاسعة تبطن في أحشائها نفايات البشر على اختلاف أشكالها.. جحيم مهجور صنعه الانسان المتحضر ليدفن في مطاويه ما انعدم من أشيائه الأثيرة.. رائحة متعطنة جدا تثقب حواس الجن والانس خلعت عليها حرارة الشمس جرعات من سمومها الفلكية..تتماهى...
غزارة المطر الشتوي كتمت نفسي ، ركبت دراجتي الهوائية ، وحلمت بحمام سماوي يغسل جسدي ، أحسست بلسعات حبات المطر المستفزة على وجهي ، دائما كان السير تحت المطر حلما من أحلامي ، وكأن ماء السماء يطهر النفس من قذارة الأرض ،عصفت ريح قوية فتطايرت أوراق الشجر وحطت على الأرض ، وكانت الطريق خالية من البشر...
– جعفر الديري كان الطقس شديد الحرارة، والشمس ترسل أشعتها فتصهر العظم قبل الجلد. والملاحِظ صاحب الوجه الذي يشبه وجه الذئب، مجتهد في تنفيذ أوامر المسؤول الإنجليزي، فهو يراقب العمال بانتباه شديد، متصيَّدا أخطائهم، على أمل الترقي في وظيفته. ووحده اتخذ من حجر ملقى، مقعدا، وأخرج سيجارة، راح...
عدت للتوغل بين تلابيب الذات بحثا عن بلسم جرح لا أحس ألمه . فعادت مضغة اللامبالاة في لتكون علقة الدعة و جنين الحصافة . و نسيت ما كنت أبحث عنه حتى كرهت الاهتداء إليه . و مضيت قدما أحتسي علقما لذيذا آخر أسكرني حتى قبّلت نفسي نفسها ثانية في مرآة اليقين . فخرج منها محارب أزلي شرس لا يشق له غبار . له...
جئتِ حاملة أسرارك الصغيرة في حقيبة يدك، مسافرة صغيرة قادمة من مدينة أخرى، وفي رأسك أفكار غامضة حول عالمك الجديد، صامتة وخجولة ومشدودة إلى مقعدك، ولم تلبثي حتى استجمعت ثقتك ، وتردّدت أنفاسك منتظمة في فضاء الغرفة الدافيء، لم أدرك حينها لِمَ كنت مشدوداً لمتابعة تفاصيلك الدقيقة، صديقي البليد الذي...
ما رأيك...؟ تخيل أن تلك الفتاة هناك .. تلك الفتاة الرقيقة والتي تلعب بأطواق الهيب هوب المضيئة.. تحرك خصرها النحيل فتتراقص الحلقات المضيئة حولها... نعم تلك الفتاة التي ترتدي حذاء قصيرا يظهر ساقين لامعتين ومكتنزتين وزغب أبيض يشع بضوء الشمس على حواف الساق ؛ ذهبت يوما إلى رحلة خلوية ، دقت وأصدقائها...
أصبح طقسا مقدسا، أن أصحو كل صباح وأتلمس قلبي المثقل بتنهيدة طويلة وأبدية، تنهيدة تبكي بصمت وأنين داخلي، لا شيء يبعث على تهدئة ثورتها سوى الموسيقى والكتابة. إنهما هبة الوجود. في الكتابة أقف عند باب الحزن صامتة أحرض قلبي على تقبل كل هذا الدمار والكتابة عنه بشجاعة كاملة، ودون أدنى فكرة دخلت معترك...
لقد قضوا حاجاتهم و انصرفوا و ما عاد بالحمام العام للبرج احدٌ إلا أنا , في عجالة أمسك ممسحة البلاط لتنظيف الحمام سريعا قبل مجيء زوار جدد أخرج من الحمام تاركا الممسحة خلف الباب عائدا الى الكرسي الخشبي الذى خصصته شركة الحراسات الخاصة التي اعمل بها لي. يخرج من المصعد رجل مكتنز الجسد مهوش الشعر...
بدأ " التطبيق" الجديد يكتسح الحي الهامشي والأحياء المجاورة، وامتد إلى عمارات السكن الاقتصادي المتراصة. فقد بدأت عاملات المصانع الشابات، والأجيرات ذوات الدخل المحدود، وتلميذات الثانويات والطالبات يتزاحمن في النقل العمومي وهن آخر ( شياكة ) كل ما يرتدينه موقع من كبريات دور الأزياء والعطور...
الليلة يطوف بنا الملك طوافه الأكبر.. فدعونا نعرف يا أحباب يظهر قادما في ضوء العواميد الاصفر المتعكر، يمشي متطوحا في عباءته الصيفية الكاشفة لمفرق صدره المشعر، والاكمام المحسورة عن عضلات بعروق منفوخة، تلمع صلعته لمعة زيتية محببة، نقوم كلنا من علي الحصيرة الكبيرة المفروشة جنب جدار الجامع، يرمي...
مام هذا الشاب الثلاثيني، سبع دقائق وعدة ثوان، ثم يموت بعدها! عرفتُ ذلك من خلال قُدراتي الخاصة، حين رأيتُ وجهه، وتابعتُ خطواته في الشارع القاهري الهائج. كيف أُخبره بالحقيقة، دون أن أتسبب في موته المُفاجئ بالسَّكتَة، قبل انقضاء الدقائق الباقية؟ لا لا، وهل أنتظر حتى أُفكر؟ أسرعتُ نحوه واستوقفتُه...
أعلى