سرد

عندما جمعت أول باقة نعناع نجحت في زراعتها، تورطت بها. احتضنتها بأصابعي كما لو كانت شيئًا هشًا يسهل تهشمه بمجرد ملامسة، وضعتها في السلة على طاولة الطعام وجلست أتأملها، بحب وقلق، لا أعلم ماذا أفعل بها ! رغم كل خططي لاستهلاكها قبل الزراعة. الآن لا أدرى.. أأحتفظ بأوراق النعناع دون إهدار جمالها في...
لم أكن أتصور أبداً , بأني سأراها في عرس جارتي .. أخرستني المفاجأة .. دار في خلدي المثل السائر .. ( رب صدفة خير من ألف ميعاد) .. جلستُ في وجوم .. بعدما أُصبتُ بدوار .. داهمتني الظنون .. كان علي أن أتماسك .. حيال هذه النظرات , التي توشك أن تخترق الجسد النحيل .. تداخلت الأصوات بالزغاريد .. سماعات "...
1_ لقد سقط الرجل، كان يحتضر منذ أن أستفاق صباحاً، لقد ظل يهذي طوال الليل، وبقي يكتب اشياء في رأسه، قد أتعبته تلك الساحة التي بدت و كأنها لا تنتهي، كان يشعر بخفة و جمالية خصوصا لمنظر أشعة الشمس التي تلوح من وراء البناية القديمة لأحدى الوزارات، لكنها الأن تبدو ثقيلة عليه و عند كل شخص يمر...
بالأمْسِ مَرَرْنا بالغَدِ ، رَكِبّْنا جُنْحَ القَصِيدةِ وطِرْنا، قابَلَنا الغَدُ وفَاهُهُ مَليئٌ بالدُخَانِ ، وضَوضَائُه الصّامِتَة تَطْحَنُ العَظَمْ ، فطَفِقْنا نَرْكُلُ الأصْواتَ كَمَا تَرْكُلُ الأُضْحِيةُ آخِرَ أنْفاسِها ، مِنْ جُلُودِنَا يَخْرُجُ الضّوءُ ،وما إنْ يُلَامِسُ الهَواءَ ،حَتّى...
نهضت كعادتها، تستأنف الصبح في سكناتها، تورق على الأمل الفائض أن يعجل خواءها و يروي مسام جسدها الأهيف، أن يداعب وجهها الفياض بنسمات حبلى من مقتطفات الربيع. الطقس شاعري، يحتشم على وجهها البيضوي، يلاعبه بقطع من الهبات المتسربلة من نافذة الغرفة الرومانسية عابثا باحتوائها. يشعل فيها أنوثة متلهفة لشوق...
الحر يسلخ الشحوم من الأجسام والراقصون يدكّون الأرض بأقدامهم.. الجيوب مفتوحة وأنوار العرس و العرق يسحّان على الثياب وعلى ساحة الرقص.. أعقلة تضحك وأخرى تتقافز على الجماجم المنتشية.. شابان متلاحمان بسيفيهما يعرضان رقصة الحرب بزيهما العسكري.. الشاعر الكبير عبد الله الناشي شاعر القرية المجدد ينشد...
ركب الكهل سيارة "فورد" واتجه عائداً إلى القدس. العرق ينـزّ من بدنه دون انقطاع، يحاول الابتعاد ما أمكن عن جسد المرأة التي لم يجد له مكاناً إلا لصقها، (ذلك فأل حسن على أية حال) يبتعد قليلاً، لأنه غاطس في العرق، ولا يحب أن تنفر منه المرأة التي تفوح منها رائحة عطر أخّاذة. ينشغل عن المرأة محاولاً...
تتلاشى الظلال تدريجيًا، وكأن السحب الداكنة قد ملّت الإطلال على المكان، تاركة المباني الإسمنتية تتصدى لأشعة الشمس المنسابة، تتلمس أطراف أصابعي الجنيهات القليلة الراقدة في قاع جيب بنطلوني الجينز الضيق، تنزلق عيني فوق قائمة الأسعار الجاثمة أعلى الجدار الرخامي، أحرّك أصابع قدمي داخل الحذاء محاولًا...
ذاتَ لَيْلَةٍ مُطَيْرة في مطلع العقد الثامن من القرن الماضي، إستفاق مِنْ شروده عَلَى صوت صغيرته المدللة، فوثب مذعوراً قبل أنْ يهرعَ حافي القدمين وقلبه يسبق أوسع خُطُوَاتِه صوب حجرة والدته الَّتِي تَعِدها كُلّ ما ورثته عَنْ أبيه. أصابه الذهول لفترةٍ من الزمن وهو يحاول لملمة أفكاره خلال انشغاله...
كانت الغيوم المتناثرة في فسحة السماء، عاجزة عن حجب حضور الشمس وظهورها، وهي تصب بأشعتها البنفسجية على أجساد الكون العارية. والصخور القابعة منذ آلاف السنين في تلك البقعة النائية، تفرز من أجسادها مخزون الحر، حيث تبدو على مرمى البصر كأنها ألسِنة نيران بيضاء، او أبخرة ماء مغلي، قد انبلجت، و تصاعدت...
قالت عندما نصحها أحد الاصدقاء باقتناء بلبل: لا أتحمل أن أحبس طيراً… أتعذب.. لطالما سمعت والدتي تقول: الطيور خُلقت لتطير . عادت بشريط ذاكرتها بثوان الى أيام طفولتها… ريم طفلة في الصف الثاني الابتدائي متفوقة بدراستها كما هو حال أخواتها وأخيها، رفضت قَص شعرها اليوم وقالت لوالدتها: أحبه طويلاً،...
1 الحبل ثمة حبل ملقى على الطريق ،نظر اليه الرجل ،وقال: الحبل متكور كأفعى ، قالت المرأة : حرره من ثعبانيته . قال الرجل: كيف؟ قالت: غير من وضعه ، اجعله انسيابيا ، أمسك الرجل الحبل وسحبه فامتد أمامهما ، ولكن الثنايا التي تشكلت هنا وهناك جعلته يتشبث بشكله الثعباني مما جعل المرأة تشمئز ، بينما ارتأى...
أمرني الطبيب باتباع حمية مضادة لليأس بحفنة من أقراص بيضاوية قاتلة للإكتئاب وأخرى وردية يقول أنها نقية جدا تساعد على الغفو وتمنح العقل الباطن الكثير من الأحلام المزهرة... كتب أيضا عن وصفة سخية بالعسل قال أنها ستضرب السعال في مقتل وتفتح شرايين صدري وشعبه الهوائية ستتسع ليمر الهواء محملا بالسلام...
يعيش في حالة اكتئاب مفاجئة، حياته بشكلها العام جيدة، فلماذا يساوره هذا الضيق والضجر؟!، هل هناك أسباب ومداخل تؤدي لهذه الفقاعة التي تزاحمه وتريد أن تخنقه ؟!، لعل الظروف تكدر حالة العيش، ولكن لماذا لا تذهب عنه هذه الضيقة التي تعصفُ به؟!، مَرَّ سابقاً بحالات مشابهة ولكنها تزول مع الوقت بزوال...
« الكل على ما يرام طالما أنك تؤمن بأفكار الأب الأكبر فالوفيتش: « إن الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج هي الوسيلة الوحيدة التي ستوحد المجر». كان هذا آخر ما سمعه لوران من عمه الذي يبدي حماسا منقطع النظير في الإيمان الراسخ بالطرح الجديد. العربة على أهبة الاستعداد لمغادرة بودابست اتجاه الحدود، لتدرك...
أعلى