سرد

أمسيّا يرتعدان برداً ويقتاتان الخوف داخل تلك "القطية" المنعزلة النائية، فى قرية تدخل ضمن شريط القرى الذي يعاني خطر الإنسان أكثر من الحيوان المتوحش ملوال" فى الثانية عشرة و "ميرى" تعيش عامها الثامن، يتيمىّ الأب لمغادرته الحياة بسبب الحرب.. يعيشان تحت ظل أم تكافح لتأمين ما يملأ الجوف ويعين على...
وقف المرشح ـ الرئيس فوق المنصة ، بعيون غائرة في غياهب الذاكرة التي سيستعين بها في لفظ الكلام في هذا اليوم المشهود ، و الذي يحتاج منه كسب أوراقه العديدة التي باتت مصالح متنوعة و كثيرة ... استعان باستنشاق عطره المسجل بماركة باريسية رفيعة و عريقة ، جلبتها له زوجة أخيه الفرنسية هدية ، و حتى يتغلب...
انتصب أمامه بوجهه البولندي لا يطبق حراكا، كان كمن حكم عليه بالإعدام ينتظر إشارة إطلاق النار ليجر في الأخير كجثة نتنة ظلت مطروحة ولم يعرف بها بدء. ودون أن يبدي شيئا، كما لو أن الكلام ضل طريقه إلى الحلق، أرصى يديه الطويلتين المعروفتين حول فصديه الأعجفين ووقف رافعا رأسه إلى فوق مثل جندي يطيع...
بعد أن اختطفتني عنقاء الغربة وحملني جناحاها الأسطوريان وحلقا بي في سموات بعيدة. شرقية وغربية. لعقت شفتيها وقد امتصت رحيق عمري ومن ثم فتحت نافذة زمن الضياع ورمتني منتوف الأعضاء مثلما تسقط الحديا ريش العصفور الصغير. وجدت نفسي أقف أمام باب الدار التي نشأت وترعرعت فيها. دار جدي لأمي محمد ود عوض...
بيدين متشابكتين كان علي و فاطمة يسابقان الريح بين المروج الخضراء تارة و تارة أخرى فوق التلال المترامية تسبقهما ضحكاتهما المتوهجة , و في أحايين كثيرة يهرولان وراء قطيع الماشية لا يملان من الركض و الضحك ، و حين تختفي الشمس معلنة رحيلها يكون تعب اليوم قد سلب كل طاقتهما فيلوذان إلى حجر الجدة...
ترحيب ابتسامة وشبه انحناء، بخطو هادئ تتقدم، بدوره يتقدم النادل أمامها مجانباً يكرر حركاته وابتساماته: مرحبا للا مرحبا، تفضلي... بخطو هادئ تتقدم، ملقية نظرات جانبية في غير اكتراث إلى طاولات الزبائن، ،مطعم رومانسي جميل بألوان وظلال خافتة مريحة، منعرجات صغيرة مصطنعة، موسيقى رخية عذبة بلا مصدر ولا...
باغته وجهها المذهل حال دخولهم الغرفة.. كانت تجلس في الركن المواجه للباب لامةً ساقيها تحت كتلتها وتخالس النظر وكأنها خجلة من الحضور. الغرفة تضيق بالمائدة الطويلة المصفوفة عليها أطباق من مختلف أنواع اللحوم المشوية والفواكه والخضر والخمرة.. أفسحوا له الطريق مرحبين.. خطا مقتربًا من جلستها. ارتعد لما...
منه كان يأتي الضوء، ويُرى الناس والشجر، وتُسمع حركات شتى، منه كان يظهر الظلام وصمت المخلوقات. كان منخفضاً، يكاد يلامس الأرض، وعبره كان يُرى العالم الممتد من ثلاث جهات، عبره كان يُعرف ما يجري داخل الغرفة في الطرف المقابل. عند حلول الظلام، وإضاءتها. دائماً وجِدت يدٌ كانت تفتحه للنظر والسمع عبره...
ما كنت واثقا منه إلى درجة اليقين الذي لا يعتريه شك هو أنني كنت تافها، وتحت شمس مدينة "المرس" الصغيرة التي لا تغيب أبدا عن مخيلتي ثمة من كان يعاديني على ذلك كون أنني كنت في اعتقادهم خبزا سهلا على طبق خفيض لا أبحث عن أي شيء و لا أطمح إلى أي شيء و هذه رواية أخرى، و صادفتُ جماعة و صرت أدين لها و...
استيقظتْ فزعة على دويّ صوت مروع. فركت عينيها بيدين مرتعشتين.. تنبهت بنظرة غائبة لسقف الغرفة وهو يتداعى، لأربعة جدران تستقطبها دائرة مغناطيسية هي مركزها.. واتسقت أكثر مع الغربة الموحشة وهي تفتح جناحيها السوداوين محلقةً فوقها. تحركت قليلا لتشعل لمبة الأباجورة القريبة منها.. فجأة اتسعت حدقتاها...
عشقْتُ الظلمة والوحدة، لكن لقاءَك يا " بو " بدّد وحدتي، وأنار ظلمتي. بأحد الزوايا المظلمة وجدتك، صحيح كان الأمر صدفة، لكنك كنت تتربص بي بكل تأكيد. كان لديك نية مبيتة لتحرمني من عشقي. أعرف نوعيتك، تصر أن تنتقم من كل محبي الظلام والوحدة. أنانيتك فاقت كل الحدود. أنت لا تحب أن يشاركك أحد الزوايا...
كان مدمن خمر، ورغم ذلك فقد عاش طويلاً، وحين ذهبت لحضور جنازته، بالكاد كنت أكتم ضحكاتي، وأنا أستحضر المواقف التي جمعتني به، كان يكبرني بجيل أو رُبّما أكثر، ولكنّ مجالس الشُرب والمنتديات الثقافيّة والمساجد،كانت أكثر ما يجمع الناس، ويؤلفهم أو حتّى يفرّقهم، في تلك الحقبة العاصفة من تاريخنا المشحون...
لف حول الطاولة الكبيرة التي تتوسط المكتب بكرسيه المتحرك، اتجه نحو المكتبة، تأمل رفوفها المثقلة بأمهات الكتب ـ كما يقول ـ تناول مجلدا من بين مجموعة لم يقرأ منها غير أغلفتها الخارجية٬ مرر أصابعه اللامعة على الحروف البارزة والمحفورة على الغلاف، خبث في داخله أوحى له “أنت الموظف السامي”، نظر إلى صورة...
"كل بقاء يكون بعده فناء لا يعول عليه، كل فناء لا يعطي بقاء لا يعول عليه" ابن عربي عاد للتو من جولته الصباحية التي يقوم بها كل يوم، ليتفقد ما يؤول إليه تدبير كل شؤون ضيعات ومؤسسات، وجد نفسه يوما مشرفا عليها ومهموما بتسييرها؛ ولا يمكنه في أي من الأحوال أن يتخلف عن أداء مهمته. يضع حقيبته جانبا،...
أعلى