سرد

قال وهو يتحسس قمة رأسه: حاول أن تنسى. دفعت وجهي إلى الناحية الأخرى ، وراقبت ذرى الأشجار وهبوط الليل ، أو ما خيل إلي أنه ليل ، ثم تساءلت: هل تظن أن الأمر تم من غير ألم ؟. هز رأسه، وقال باقتضاب: من غير ألم. ثم أضاف: ما رأيك لو أشعلنا نارا هنا ؟. *** تشاغلت برهة بإشعال النار ، إلا أن فكرة الموت من...
الكل أصبح خلفك..أصدقاء وجنود وكلاب سائبة تعتاش على أشلاء الشبيبة الكل أنت تتقدمهم ..حروب وأحلام وسعادات صغيرة الآن أنت تعتاش على الندم وبعض الذكريات السقيمة عن السياسة والأحزاب الفاشلة ليس أمامك من مهرب نحو الأمام في خريف العمر..الآن .. أنت ..تتذكر مافات كركرات البراءة واندهاشات الإكتشافات...
وضعوا له اسما (خليل ) ولأبيه (لازم) وسموا جده (ابنيه ).فأصبح اسمه الثلاثي بالتمام و الكمال (خليل لازم ابنيه) . اسم جر عليه حتى سنوات قريبة سخرية راح يعاني منها منذ أن بدأ يعي و يقرأ ( القراءة الخلدونية).. التي لم يعد يتذكر منها إلا عبارة (إلى متى يبقى البعير على التل؟). سماه والده خليلا ، وسمى...
وجدوا الرصاصة في عنقي .. لم يمهلوني .. أخرجوها ضاحكة .. مات منهم ثلاثة .. { أبقيت الرابع ــ تقول الرصاصة ــ ليصف إلى غيرهم ما رأى } .. وهي تضحك آمنة ، تواصل الرصاصة :{ ليس أكثر من عنقك مأوى، فما أبأسهم إذ أخرجوني … أخفقت محاولات طبيب أن يقنع رؤوسا تحيط به ، ليبقي الرصاصة حيث لمستها أنامله .. {...
هناك صور قبيحة للحرب .. صور بعيدة الاحتمال بالنسبة لجنديين عاشـــا زمن البطولـــة و الانكسار في أشد المواقف غموضاً . لم يكن أيً منهما غريباً عن الآخر لكن الغيرة الشديدة تسوقهما وسط معمعة الحرب إلى المخاتلة التي لا تخلو من المصادفات . ما لا يقبــل التصديق إنهمــا أصبحـــا عدويـــن لدودين ، ما...
لم أتزوّج لأنّني، ببساطةٍ، أحببتُ فتاةً قالت لي: "صوتُ كارم محمود هو أنا؛ إنِ قبضتَ عليه صرتُ لك." "شِيَم،" الفتاةُ الوحيدة الّتي أحببتُها، كانت ترى العالمَ موسيقى وأصواتًا. حاولتُ كثيرًا أن أشدّها إلى الواقع، وإلى لمس الأشياء على حقيقتها، لا إلى اعتبارها ألحانًا فحسب. لكنّني لم أفلح. مرّةً...
هذه القصة حقيقية، إهداء لوائل الناجح أتذكر أنّ جدي كان مثقفاً، عُرف في شبابه أنّه أول من تعلم من أبناء المدينة، أرسله والده إلى إحدى المدارس الإيطالية بطرابلس، تعلم صُحبة السوريالات، قال له والده عندها: برا، معاش تولي. والده كان فلاحاً نشأ على حرث الأرض وزراعتها، يحمل على كتفه حمل أبناء...
قعر البئر سحيق; الظلام دخان أسود كثيف غطى جدران الصمت وصلت خيوطه لسقوف الأمل ; والجو كله خانق يحبس الأنفاس. بمعول يصم أذن الزمن القاسي و ويجفل سكينة الأرواح; أرواح الأسلاف; يحفر الفأر البائس قلب حلمه أو شبر قبره بموالة نملة لا تعرف الشفقة طريقها الى جسدها المنهك. ومع كل ضربة معول يخرج زفير من...
رائحة العرق يفحها الجسم فى تؤدة وصمت ، رائحة أعرفها ، تشبه رائحة الجنود المتوحدين في الصحراء ، تذكرني بأيام الجندية والقوة والفحولة الجنسية والآن وأنا أسير في شوارع المدينة النظيفة ، تواجهني الفتيات بجمالهن الصارخ ، أذرع بضة ووجوه ملونة وشعر لا أعرف لونه ، أما الرجال فألامس في أيديهم رائحة الترف...
سمعت الصوت : " الجبل ياسارية.. الجبل" ورأيت: طائرة العدو تطير ، وتكرهني ، دمرت بيتي بقنبلة ، ودمَت قلبي بقنبلة ، ودمت قلب محبوبتي بقنبلة - وكنت قد سمعت الصوت -. لم يعد قلبي في بدني ، فحملني ذلك على قطع الصحراء . لم يلمني أحد ، ولم بيصق في وجهي أحد ، ولم أسمع أية إهانة ، ولم يَرِد اسمي على فم...
وجوه العيال حيثما نظرت نحيلة رقيقة شاحبة غضة. عيونهم واسعة دعجاء كثيفة الأهداب تملأ القلوب حنانا. لكن الجباه إذا تشق بهذه السحجات البنية، إن الرجال إذن يرتابون، تغيم آفاقهم بسحب الخوف. وحينما تسخن الشمس فى الضحى، وتتلوى البهيمتان تحت النير فى محاولات أليمة، وسلاح المحراث يشق الثرى الهش، والرجل...
ها هم قادمون من الجبال والكهوف والجدران والغيران زحفا، جريا، مشيا، في عيونهم سخط ومكر واحتيال، مُدَجَّجين بالأسلحة والنيران، على جباههم علامات جرم وإجرام وانتقام، رايتهم مزينة بالدماء، أصواتهم نكرة تنفر منها الأسماع، غايتهم كسر الروابط وتلويث الأنهار وحجب الشمس. ترفض الأرض أن تكون فرشا لهم...
ظل سليم يلعب طوال النهار جوار الحديقة التي أقامتها البلدية و لم يتمّ تجهيزها بالألعاب و أدوات التسالي إلا من أرجوحة و أرضية بحاجة إلى تهيئة ، لم تتح له الفرصة للعب بها هو أيضا ، لكثرتهم كان دوره بعيدا، أحيانا يتأرجح بعضهم مرتين أو أكثر مفتكا دور آخر وهو سعيد بذلك ، بينما سليم ينظر إلى لعبهم...
الصبّ تفضحُه عيونُه و تنمّ عن وَجْد شؤونه* تغنيت بها أمامه ذات مرة.. فبكى، ثم سرعان ما مسح دموعه بكم جلبابه الفضفاض، وحدجني بعينين يمتزج فيهما التحدي بالرجاء: ـ أين الفضيحة؟ أم أنك بحت بسري؟ شملتني رجفة خوف وشفقة، وسرت قشعريرة برد كسهام كتيبة رماة اخترقت ظهري، وأنا أهز رأسي بقوة نافيًا،...
تلقفتني ظلمة الزقاق، ينغمر جسدي بالهواء الحار، كأن سياطاً من حريق تلهب وجهي، الأرض تحت قدمي تتشقق عن براكين من نار، تتلضى الحرائق تتسلق ساقيّ تتسرب الى دمي. ظلام كثيف يغشى عينيَّ فلا أكاد أبصر الطريق، حرائق تندلع بين قدميَّ، ظلام على الجدران. أين ولى القمر في هذه الساعة كيف نضب الهواء؟ في...
أعلى