(1)
الجنرال الذي رأيته مسجى على السرير المقابل أثناء دخولي الردهة كان غارقاً بإغفاءة , بدا لي كثير الشبه بالموتى , يقتنص لحظة صحو من بين هلوساته المستمرة أثر الاقراص المخدّرة والحقن التي يزرقونها إياه يوميا …
أقراص صغيرة زرقاء أو وردية ترفده بها امرأة سمراء ممتلئة تزوره في الردهة بانتظام , بدا...
في البدء :
" لو نعلم ماذا تفعل أيادي الآخرين في الخفاء لما صافحنا أحداً "
انتهت من إعداد طعام العشاء , عمرت المائدة بأطايب الطعام , تذوقته مرارا قبل إنزاله من على النار , حرصت على أن تكون نكهته شرقية خالصة فطعمته بحبات الهيل والكازو والدارسين والصنوبر والتوابل التي يحبها , كنست المنزل وبخرته ...
مثل برتقالة تعطش بصباح أخيلة خريفها ، أعمارنا دهنت بريقها بطين التخفي رهبة من شيخوخة مبكرة .ورغم هذا يقول الحب في منطق هيام الروح والقلب المجروح : إن العاطفة مثل غيمة صيف لا تمطر إلا والشمس طالعة .
ولأنني أحب البرتقال لأنه يمنح البحارة أمل الوصول إلى المرفأ ولا يصابون بالإسقربوط ، صرت أتفاءل...
خمسة أيام وهو يقبع بين شجيرات القصب ، لم يعد يتذكر ان للطعام رائحة بطعم العافية ولا ذلك الماء العذب ،هل بالأمكان أن يرفع رأسه ولو لبرهة ،هل يستطيع هذا الرأس المثقل بعذابات الوهم الذي غادرته تباشير الفرح والنصر ؟كيف السبيل الى الخروج من هذا المستنقع الآسن؟ ..هم امامة لايبعدون عنه سوى مائة متر...
تراءى لروح الحمامة ولاسيما في الآونة الأخيرة بأنها ستموت قريبا، ومع كل الاحتمالات لذلك الموت الوشيك كانت تكابد بجمع الأعشاب المتيبسة لبناء عشها على مقربة من مزرعة العقيد صاحب الجسد النحيل المصفر، والوجه المتيبس الشبيه بجلد ضفدع أنهكته الشيخوخة.
كانت الحرب واحدة من أسوأ أمراض العقيد. لذلك كان...
بدأت رحلتي العاشرة كحلم بلا بداية أو نهاية... لم اخطط لهذه الرحلة... وجدتني اعد العدة كالعادة.. قررت أن تكون آخر رحلة.
لا بد أنكم تتساءلون من أكون... كل كتب السيرة والحكايات تعرفني.. بحار الأرض و محيطاتها تخافني... عجائب وغرائب عشتها، عندما أحكيها للسائلين والفضوليين لا يصدقون، يفتحون أفواههم...
كان ذلك بالتحديد في منتصف كانون الاول من شتاء 1996 وتزامن فيها بالنسبة للسيد سارو سارويان تاجر الخزف الأرمني موقفان لن يبرحا مغادرة الذاكرة حتى يعودا بقوة إليها نظرا لتأثيرهما على حياة السيد سارويان وحياتي في الوقت عينه. إذ صادف بالمناسبة الأولى انهيار السوق للمرة الثانية خلال عام واحد حيث بلغ...
تعرف نرمين زوجها جيداً، فهو من النوع الأول الذي يقال عنه- إنسان- من فئة الناس، لا كائن من صنف البشر! في ناموسها تمقت الذين يدبون على الأرض، كالقطط، كائنات حية، بشريه، لكنهم قطط تائهة تعيش حياتها، بطولها وعرضها من أجل الأكل والشرب والتكاثر. لكن زوجها هزار كان مختلفاً، رجل صالح، مفكر، له قلب أبيض...
ـ 1 ـ
أستلقى على ظهرى . تتقاطع اليدان خلف الرأس ، أتأمل تكوينات النشع فى السقف ، وفى أعلى الجدران ..
أحدثت الرطوبة نشعاً ، تقشر به طلاء الجدران عن أشكال ، صغيرة وكبيرة ، مستطيلة ، ومربعة ، ومستديرة ، ومفرطحة ، ومشرشرة ، ومتداخلة . أتصور الملامح والشخصيات والأحداث .
تفاجئنى الأشكال...
قال عبد الله الصامت، المُغني الضرير، وزميلنا في قسم التاريخ، وهو واقف تحت ساعة جامعة القاهرة، التي أصبحت مختلة .. وعقاربها واقفة، وكنا في صباحٍ بارد من يناير الثامنة والستين:
ـ لماذا لا تنصت في مثل هذا الجو البديع يا عبد الصادق إلى أغنية نجاة التي تتهادى إلى آذاننا من شارع بين السرايات...
يلح فى تغيير مكان اللقاء .. ربما ضاق بالنادل الذى يمر عليهما كل خمس دقائق ليسأل
- أتريدان شيئا ؟
- هل كل شىء على مايرام ؟
ربما شعر بالسأم من أعين صاحب الكافيتيريا وهما تختلسان النظر إليها .. ربما يريد فى هذه اللحظة أن يختزنها تحت جلده ! أو يغلق عليها أزرار المعطف ثم لايفلتها فلاترى أحدا ولايقع...
كان لقائي بها محض صدفة ، رتبتها أقدار عشوائية .. ضمتنا جلسة دافئة في شقة صديقي مصطفى، ذات ليلة من ليالي نيروبي المضمخة بروائح الشاي ونكهة النعناع . كانت أنثى في لون النحاس البراق . ذهبية الخدود، عمانية الأبدان ، نجدية المقل .. قالت لي جدها من أطراف ممبسا، عربي الملامح ، جذوره هو الآخر تمتد إلى...
أتتني زرقاء اليمامة محذرة حين غِرة
فأخبرتني بما رأته همسا
ولما صحوت لم أدر أكان حلما هذا أم يقظة
حينها تدثرت بصمتي ثلاثاً
فاحتشد أناسٌ من كل فج عميق جموع كثيرة من شتى انحاءِ المدينة؛ أحياءها البعيدة والمجاورة، جيرتي و عشيرتي أحبائي وأعدائي و الشامتين؛
تهامسوا تناجَوا وأختلقوا الأقاويل
كلٌ يتحدثُ...
الساعة الآن تمام الثالثة و النصف صباحا ، انا الان في أحد مشافي الخرطوم ، انظر عبر نافذة الغرفة رقم 7 إلى اتساع الظلام بين أزقة الحي الهاجعة حول المشفى . الان هذه غرفتي وحدي ، إلى حد ما تشبه غرفتي تلك في المشفى الاردني قبل عام من الان ولسخرية القدر كانت تحمل الرقم 77 . . . هل علي ان اتشاءم من...