سرد

عبد الزهرة عمارة الوقت .... صباح يوم قائظ ...... رياح تموز الملتهبة تلفح الوجوه فتزيدها سمرة على سمرة .... في هذا الوقت صادفني صاحبي المحامي عبد العظيم جودة وبادرني قائلا ــ متى نعبد الله ؟ دهشت لقوله وقلت متسائلا ــ ما الخبر يا استاذ ؟ ــ هل تعلم أن الاسلاميون يعبدون الحكومة ويقدسون...
زفت سلامة بائعة اللبن الى حسون البلام بعد جذب وتراخي من عمها المتسلط القاسي القلب في حفل بهيج حضره شيخ القرية وكل من في القرية .. كانت سلامة بنت السادسة عشر من عمرها فتاة أية في الجمال الريفي الطبيعي .. وجه مدور أبيض تقاطيعه متناسقة جذابة .... فرعاء ناهدة الصدر ...ضفائرها سوداء طويلة تنحدر...
بنت البندر أرضٌ بور، انقطع حبلها بعد وفاة طفلتها، وزوجها كحبات مطر. يعطيها دمية ابنتها المعطرة، يتحسس خصلات شعرها إلى أن تنام كل ليلة. تتذكر تلك المرة التي التقطت فيها روحها بصعوبة؛ التقط زوجها ثعبان ميت رمته عليها أمه، لأنها متيقنة أن زوجته “مشاهرة”. عندما احتضنت ابنتها تمكن منها اللون الأزرق...
أخذت لحظات أتأمله فيها خلسة قبل أن ينتبه لوجودي. كان مثل وطن، كلما غبت عنه وعدت، أسرتك ألفته، وفاجأتك محبتك له! راقبته وهو شارد يدخن بأريحية. اجتاحتني مشاعر شتى كتلك التي عشتها مع كل خطوة سرتها في طريقي لهنا. خطوت إلى مقهى سوق الحميدية حيث انتظرني. رفع رأسه فرآني، فضحك. كان جميلاً وأنيقًا،...
مقصورةٌ في عربة قطار. رجلٌ جالسٌ ناحية اليمين وامرأةٌ ناحية اليسار. الرجل الذي يتظاهر بقراءة جريدة، يلقي بنظراتٍ شبقةٍ على ساقَي المرأة. وفي لحظةٍ من اللحظات يطوي الجريدة، يضعها جانباً، يعقد ذراعيه أمام صدره، ويتنهّد. الرجل: لم أستطع أن أمنع نفسي، يا آنستي، فعليَّ أن أقول لك إنّ حضورك يُوتِّرني...
لا تشكُّ مطلقاً في صدقيَّة كانون الثاني، ولا تعترض على مجيء شباط مهموماً ومغموماً وحائراً. حتى آذار تستقبله بأذرع مفتوحة. هي ممتنّة للأشهر كلّها والأيام أيضاً. كما أنها تحاول جاهدة أن تمرِّنَ نفسَها على الوضع الجديد؛ لتنسى ما عوَّدها على سماعه. هي الآن في صالون التجميل، تحت أنفاسِ بخارٍ صادرٍ من...
قابلتُه أوّل مرّة في القطار، وربّما كان آخر لقاء فيه. قد تتساءلون عن أيّ قطار أتكلّم؛ ففي بلادنا الشاسعة، توجد العديد من الخطوط الحديدية التي تمرّ فيها القاطرات بدون إعياء وهي تجرّ أذيالها. أنا أقصد ذلك الذي يربط المدينتين ب و ج، وبالضبط، الفضّي ذو الرقم ستّة. حدث اللقاء أوّل الخريف، ربما...
الخير شوار جلس الكاتب، واسمه محمد كاحل، في زاوية من غرفته المبعثرة على حافة سريره الغريب وهو يلتفت إلى النافذة بين الفينة والأخرى، وكأنه ينتظر شيئاً مهماً. ليس في عدّته سوى بضع من الأوراق من نوع "البيفتاك" وقلم حبر جاف أزرق مكسور في الأسفل، إلى درجة أن مستعمله إذا أراد كتابة شيء ما فعليه...
نعم إنني فتاة صغيرة أفترش الشارع أبيع مناديلي للمارة ويعطونني ما تجود به أيديهم من مال يساعدني العيش فأنا لا أعرف لي بيتا ولا أبا ولا أما ولا أعرف غير تلك السيدة العجوز التي تجلس بجواري ليلا في الميادين و الشوارع العامة و أنام بجوارها نهارا في تلك المقبرة التي من المفترض أنها لا تأوي إلا الأموات...
جمجمة عجفاء على المنضدة المزدحمة بكتب الطب.. أصفر.. أصفر.. كان وجهها.. رائحة الموت تملأ أجواء الحجرة.. من مقعدها هبت البنت.. بالفرشاة أمسكت.. بالذهن تدور الأفكار.. عاجزة هي عن الخروج الفكرة تمشي متباطئة .. لجد سأرسم لكني أخاف أن أنسى الشارب فينهرني ويغضب مني.. إذن الأب سأرسم.. حمراء.. حمراء كانت...
فيك عشرة كوتشينة ؟ وتبدأ سهرة كل ليلة ... العتمة تسرح في جنبات الحارة ... جدران حائلة انهارت محارتها فبان لحم الحيطان لدناً مشبعاً بالرطوبة ... نجوم شاحبة متقببة على بيوت ضمت في حناياها هجوع الخلق وسكن الأشياء ... عِرَس تمرق من تحت أعقاب بيبان ... نباح كلاب في صحن الليل ، يفزع العابرين في...
بدأت الأمطار تهطل في وقت مبكر من صباح هذا اليوم. كانت خليدة متكئة على حافة النافذة بالشرفة العليا، تتطلع بإعجاب إلى الأمطار التي كانت تنزل بكثافة، وتشق لنفسها مجاري صغيرة وسط الرمال. لم تتحرك من مكانها. كانت بمفردها في البيت المطل على البحر. زوجها سافر إلى جنوب البلد ليطمئن على أمه. قضت خليدة...
بعد منتصف الليل بقليل، عند خروجه من محطة الوقود، وهو الوقت الذي يفضل فيه إطفاء راديو السيارة والإنقطاع عن التحدث مع نفسه، رأي تمساحاً يقطع الشارع الخالي بخطوات ثقيلة، كان كعادته قد أنزل زجاج النوافذ وأسلم نفسه لهواء منتصف الليل وهو يسير في الشوارع الخالية، بضوء مصباحي السيارة يحفر الظلام متوغلاً...
في اللغة العربية، ثمّة فرق جوهري، بين الدار والمنزل. في حين أن المنزل بوسعه أن يكون فندقاً، أو استراحة مسافر، ليس بوسع الدار أن تسمى داراً، من دون بئر وشجرة جمّيز. إنها حكاية قديمة، تعود إلى عشرات السنوات. في ما بعد، أصبحت أسطورة، تتردد في عائلتنا، من جيل إلى جيل: قام جدّي بقطع عدّة أغصان من...
عزيزي مصطفى تسلَّمتُ رسالتَكَ الآن، وفيها تُخبرُني أنَّكَ أتْمَمْتَ لي كُلَّ ما أحتاجُ إليهِ لِيدعمَ إقامتي معك في جامعةِ "كاليفورنيا". لا بُدَّ لي يا صديقي من شكرِكَ. لكن، سيبدو لكَ غريباً بعضَ الشيءِ أنْ أحْمِلَ إليكَ هذا النبأ. وثقْ يا مصطفى أنني لا أشعرُ بالتردُّدِ أبداً، بل أكادُ أجزِمُ...
أعلى