سرد

قريبا موعدنا. الساعة الثانية، أوج الضوء، قلب النهار. يموج شارع الحبيب بورقيبة بالألوان، صفو يوم شتائي ضاحك. تدعوني المحبة. أختار المكان الأجمل، الأكثر رفاهة، رغم فقري، هدية لحبيب عائد. بهو النزل المرخم الفسيح. المجالس متباعدة. الهدوء رائق. الجلاس قلّة. والفضاء الرحب لا تلوثه كثافة الدخان. جلسة...
يشهد الله، أن كلّ شيء قد تمّ في وضح النهار حينما كانت البنت عائدة من الحمّام، تحمل في يدها اليمنى ملابسها التي اتسخت، وتقود بيدها اليسرى أخاها الصغير الذي لا يعرف حتى الآن شيئاً من شرور هذه الدنيا، فيمضي معها بكل براءة وهو يثرثر في وداعة واطمئنان. والرجل – يشهد الله – يمضي خلفهما، خلف...
ولد فارس المواز بغير رأس، فبكت أمّه، وشهق الطبيب مذعورًا، والتصق أبوه بالحائط خجلاً، وتشتَّتت الممرضات في أروقة المستشفى. ولم يمت فارس كما توقع الأطباء، وعاش حياة طويلة، لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ولا يتذمر ولا يشتغل. فحسده كثيرون من الناس، وقالوا عليه إنّه ربح أكثر مما خسر. ولم يكفّ فارس عن...
سكنت الحركة . الحارة ترقد هادئة مستكينة كطفل شقى مشاغب هده التعب فاستسلم للنوم . الهواء مشبع برطوبة ثقيلة لزجة . الليل راسخ صامت . صمت تعمقه قطرات الماء المتساقطة من صنبور الحمام , ويخدشه نباح كلب من بعيد , وشخير الجار المزعج . فى نافذة مقابلة , الجارة بقميصها الشفاف الباهت الحمرة ونهديها...
1- القط لا أحد يعرف من جاء به ﺇلى هذه الحانة ولا أحد يتذكر متى كان ذلك ٬كأن وجود القط هنا ! قد تمّ خارج الزمن . صاحبة الحانة ٬المرأة البدينة ٬ لا تجيب بشيء محدد حين يكون موضوع السؤال قط "حانة مارسيليا " " مغاوْري " . هذا هو لقبه الذي حصل عليه من رواد البار فضلاً عن الركلات التي تطال مؤخرته كل...
تنتظم براريكنا في مجموعة من الأزقة يجمع شتات أطرافها حيٌّ صفيحي يدعى "الكاريان"، يضم مهاجري القرى القريبة من مدينة الدارالبيضاء والبعيدة عنها. تختلف لهجاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويجمع البؤس بينهم على حد سواء. يظهر القهر على وجوههم الشاحبة، يشتغلون بعضلاتهم القوية طيلة اليوم، متفرقين في مشاغل...
"يا شاويش علي" قفز "الشاويش علي" برغم سنواته التي قاربت الخمسين، قفز وكأنه يعلن عن شبابه، قفز من على كومر البوليس واتجه نحو الضابط، فرفع تحية بإخلاص أدمن التعود أمام الضابط "سالم". "نحن حندخل على الحلة جوه، أنت أنزل هنا كش لينا "كلتومايه" لمن نجي راجعين نلقاها هي وعدتها بره، ما تتهاون معاها...
الله أكبر بذلك الخوف الأبي تجاه الموت ترتجف الأصوات مرددة التكبيرة الأولى في صلاة الجنازة، مساء حزين، ريح متكاسلة تلامس شواهد القبر مكثفة ذلك الخوف الأبدي الميتافيزيقي، قلوب واجفة، نباح كلاب بعيد، نجوم تحاول أن تخترق شبكة الغبار التي تحاصر الأفق فتبدو النجوم شفيفة وشاحبة شحوب هذه اللحظة التي...
قطة بيضاء، لا ليست بيضاء تماما، هناك بقع سوداء على فروها الناعم، الأبيض في كل مكان، محاصر أنا بالأبيض، تلال من الجليد متناثرة هنا وهناك، بيضاء عتبات البيوت وسقوفها، حتي الأشجار فقدت سطوتها الخضراء وثقلت أغصانها بالجليد، ليست كل الأشجار لان منها من يبس وتعري من خضرته وحدها شجرة عيد الميلاد من...
كانت في مخيلتي دائما، صورة الرجل الذي يمشي في الصحراء الشاسعة حافي القدمين، دليلا على التيه، وعلى فقدان الدليل .. راجعت هذه الصورة في خواطري الثقيلة وأنا أبدو بنفس المظهر الآن.. في عمق الصحراء.. حافي القدمين.. كنت قد خرجت من قريتي، دون نية عودة.. خرجت منها هاربا وطالبا.. هاربا منها إذ سئمتها...
“هل نسيت شيء ما ؟”. سألت نفسي وأنا أجلس لإحتساء كوب من الشاي بعد جولة مضنية في سوق الخضروات. تأكدت من تمام أغراضي ثم تنفست بعمق. كان الرصيف يعج ببائعات الشاي. و روائح النعنان والقرنفل، طغت على عشوائية المكان فبدى ملهماَ ومستدرجاَ للمارة. لم يكن هنالك الكثير من الزبائن هذه المرة. لم أجد شيء جدير...
وصلها عند الظهيرة ....... ملابسه العسكرية عليها غبار الحرب ودخان البارود .. وصلها لتوه من الجبهة حيث حرب الخليج أوشكت أن تندلع طرق الباب عدة طرقات سريعة فتح الباب ...... وفجأة وبدون استئذان سقطت عليه واحتضنته بقوة وراح بدوره يطوقها بذراعيه ويشبعها لثما وتقبيلا قالت له وهي تعانقه ــ حمدا على...
دائما ما أصل متأخرا - أذهب إلى هناك كل يوم جمعة - عندما يكون خطيب المسجد على وشك الانتهاء من الخطبة الثانية ، وبمجرد الانتهاء من ركن سيارتى وغلق أبوابها بحرص خوفا من عبث الصغار، يكون الخطيب قد شرع فى إقامة الصلاة . أسير مهرولا نحو المسجد محاولا ألا تفوتنى الركعة الأولى ، ألحق بالكاد...
إهداء لأميمة، وعشّة، وسلافة يخرج الصوت من الراديو: "الرواية في مجملها صيغت بشكل يفتقد للسلاسة. وعند المحصلة، فإن القارئ لا يستطيع أن يخرج بنتيجة أو معنى مفهوم. فيها اختلاط غير واضح المعايير بين ما يمكن أن يكون واقعياً وما لا يدخل إلا عبر باب الخيال. مثلاً، في مشهد النهر الذي يبدو من إحدى...
حرارة أجسادنا تفوح من المسامات وفوق أجسادنا - ونحن في الشتاء - يمكن أن تسلق شيئا من البطاطس والبيض، فقد نصت قرارات (الخليفة) علي أن نعرق في الشتاء ونلبس الثياب الصوفية في الصيف. وإلحاقا بما ورد، وجب أن تكون بيوتنا مدفأة في تموز (يوليو) وآب (اغسطس)، ومبردة في شباط (فبراير) بعكسه يعاقب المخالف...
أعلى