قصة قصيرة

رغم وابل الشتائم واللعنات التي كان يدفعني الألم للتفنّن في تركيبها، وإطلاقها على نفسي، آملاً أن تتيقّظ من غفلتها في المرات التالية، فإنها لم ترتدع أبداً! كرّة أخرى كنت أسهو، أو يستغرقني شاغل، فلا أتنبّه إلاّ بعد أن يرتطم رأسي بالعارضة الحجرية الواطئة التي تعلو مدخل الدار القاطن فيها، ويكتوي بألم...
قالت زهرة لأخواتها: (ما أتمنّاه أن تكون الحديقة، التي سيحملوننا إليها، مواتية لنا: شمس دافئة وهواء طلق!). أيّدتها زهرة متفتّحة حديثاً: (وعندئذ نُعطيهم أحسن ما عندنا من رائحة طيبة). فاعترضت على قولها زهرة أخرى: (أتظنّن أن حديقة بين البيوت يمكن أن يتوافر فيها، من الهواء والشمس، مثل ما لقيناه...
عندما أفكّرُ فيكِ، تَسْخن في داخلي حصاةٌ، يأتي طيرٌ، ويهبط على حافّةِ قلبي، تتفتح زهرة خشخاش منثور(1) فجأة، وأخرى تَنزف خلسةً. *** عندما أفكّرُ فيكِ، تتزيّنُ شجرةُ برقوقٍ بأكملها بالأزهار، وتبدأ في الدوران كالمجانين؛ وإذ تدور، تتساقط منها الأزهار... زهرةً زهرةً؛ تتقلّص وتصغر وهي...
كانا يتقدمان بخطاهما في الشارع، دون أن يتجاذبا أطراف الحديث. وكانت الضوضاء المنبعثة من السيارات عالية صاخبة. حان موعد الغداء، فقالت الصبية: “لا أريد أن أتناول الطعام، لست جائعة”. دخلا إلى مطعم، وجلسا في إحدى زواياه، أخذا يتأملان الشمس الساطعة، والشمسيات الحمراء المارة في الطريق، والمبهرة للنظر...
هذه قصة حقيقية.. كانت هناك فتاة ساحرة الجمال من عائلة كريمة تعيش في قرية، وكان يتمنى أناس كثيرون أن يتوسطون في موضوع زواجها، ولكنهم لم يصرحوا عن ذلك قط. لم تكن الفتاة قد تعدت الخامسة عشر أو السادسة عشر من عمرها في ذلك العام، عندما ذهبت ذات ليلة من ليالي الربيع للوقوف عند الباب الخلفي ،...
التقمَ الروحَ الجسدُ... وقمري قد خُسِفَ ولن يكتملَ مُجدّداً ! تلكَ هي آخرُ التمتمات التي تنهّد بها فؤادي عند استقبالي الصارخ لهذا الخبر المشؤوم... هنا كان آخر لقاء معه عند مسكنِهِ الجديد. - بنظراتٍ بائسةٍ قلتُ له: أتتذكّرُ صديقي أولَّ لقاءٍ دارَ بيننا؟. - دعكَ أولاً من هذا،...
قطار رقم " 80 " مميز ــ القاهرة / أسوان ــ يخرج من المخزن ببطء شديد , أجلس مكاني في هدوء .. أنظر لصديقي النائم على كرسيه , وقد أنتفخ بكرشه , أخرجت سيجارة أشعلها , وأنا أتابع الزحام , والتدافع علي أبواب القطار , مع جلبة وصياح , يتمكن بعض الركاب من الجلوس علي الكراسي .. وقد أخرج بعضهم رأسه من...
رأيته بين السحاب.. لونه أسمر مثل الشوكولاتة البنية، وجه كبير، مستدير كأنه يملأ السماء، كان يظهر ويختفى بين سحب زرقاء وبيضاء، يحرك فى الهواء عصاه الخيزران ويبتسم. عند الجميزة فى الساحة الواسعة خلف بيتنا قابلت فاطمة صاحبتي، وحكيت لها كيف رأيته فى السماء..عجوز أسمر مثل جدى قبل أن يسافر عند ربنا،...
أرقبه كل صباح عندما أجىء الى هنا مبكرا متسللا من دارنا .. يخرج من تلك الحجرة العلوية ذات الباب الواطىء منحنيا يحمل فى يده هذا الطبق الكبير فارغا من حبات البيض الكثيرة التى تجمعها له جدتى من عشش الدجاج المنتشرة فى صحن الدار حولنا كل صباح. ينزل درجات السلم ببطء .. متطلعا لما حوله .. يجدها فى...
في كل مرة تذهب للقائه تأخذني معها، أسمع صوتها في الصالة تطلب من أمي أن أصحبها. تضحك أمي وتسألها عمّا ستشتريه؟ تقول: خيط تريكو، أو صوف، أو متري قماش حرير لبلوزة. وتسألها أمي: من أين ستشترين؟ وتقول: من العتبة، فالأسعار بها أرخص كثيراً. أوضحت فيما بيننا أنها تقول العتبة لأنها الأبعد، مما يسمح...
مشهد لا يمكن أن يعود شخص لسرده. على ضوء القمر المسترسل بفجاجة، تبزغ قامات من على جدر منخفضة وتهبط كحجارة ثقيلة - داخل السور - وتثب من مكان هبوطها عجلة ربما تنفض أرديتها البيضاء وربما لا تحرص على ذلك، تتشعّب خطواتها في سباق محموم، وتندس هناك بسرعة فائقة وكأنها تلعب لعبة الاختباء، ليعود الصمت...
للقصصي الشاب أبو المعاطي أبو النجا لا شيء، لا شيء، غير أن الأقدار أرادت أن تسخر فلم تجد غيري لتسخر منه، أو أنها أرادت أن تمثل مأساة ساخرة فلم تجد غير قلبي مسرحا يصلح للتمثيل!! لا شيء غير ذلك؛ وإذا لم تصدقني فأستمع قصتي. . . كانت أواصر القرابة الوثيقة هي التي تجعلني أتردد على منزل (فتحية)،...
كانوا ينحدرون من محطة "الأوتوبيس " في الطريق الممتلئ بقطع الأحجار الحديثة القطع وجبال الرمل والزلط، بينما انتصبت براميل القار ضخمة على جانبي الطريق، كانت الأم تتطوح بينهما، وقد حمل الولد حقيبة قماشية تضم الشُريك والبلح، أما البنت فكانت تشعر بالبرد مستسلمة لكف أمها، وتتطلع إلى الشواهد الممتدة في...
اغلق باب الخزنه الضخمة بعد ان سوى من وضع الرزم المالية فئة الخمسين جنيه بحرص وعنايه قبل ان يجلس خلف الطاولة الممتلئة بلفائف الاقمشة ويزفر في ضيق وهو يراقبه في غيظ وضيق .. جلس على الارض امام دكان الاقمشه الفاخرة في احدى برندات السوق العربي مرتديا جلبابا بات من الصعب التعرف على ملامحة ولا التكهن...
سطا التعب عليها ونال الإجهاد بعضاً من حيويتها. تباطأت خطواتها، وتخلفت عن أخواتها ومع كل ثانية تمر تتسع المسافة بينهن أكثر ويزيد البعد. في هجير لا يتحمله حيّ كانت ماضية وأكثر انشغالاً بحالها من أن ترى أمامها، لكن ليس للحد الذي يجمِّد إحساسها، شعرت فجأة بأن الأرض أصبحت أقل قسوة وأن الغيوم انتصرت...
أعلى