قراءة: مسرحية (خريف التماثيل) للمؤلف والكاتب المسرحي (عمار نعمة جابر)
توطئة:
حين كتب داريوش شايغان مؤلفه( الأصنام الذهنية والذاكرة الأزلية) في تصور علاقة الانسان بالحضارة ومفهوم الماضي العالق في الحاضر دون تفعيل منحى تطور في المثل الأخلاقية والمعالم الإنسانية والفهم الأيديولوجي المترف...
شخوص العمل :
امرأة في الثلاثين من عمرها
الزمان : لا زمن للبوح
المكان : لا مكان محدد للوجع
فكرة العمل :
تموت الاوطان حينما يموت الانسان فينا ....
ملاحظة العرض :
لا جغرافيا محددة لمسرح العرض , البقع الضوئية الملونة وحدها تحدد مكان الممثلة وطبيعة بوحها .
الفصل الاول – المشهد الاول...
(لوحة بيضاء كبيرة في عمق المسرح ، الرجل يقف أمام اللوحة ويديه الى الخلف ، نحن نسمع حديثة فقط ، وظهره للجمهور طوال الوقت ، لا نعرف ملامحه مطلقا . تنتشر على جانبية طاولات عليها مجموعة من الفرش ، والالوان ، وأدوات للرسم)
الرجل : في العادة ، هكذا تبدأ الحكاية ، لوحة بيضاء ، غير محددة ، ولا تشير الى...
أي لـغة وأي خطاب يمكن أن يقال أو يستقيم قـوله ؟ أمام الوجه المكشوف والبشع الآن تجاه ( اليوم/ العالمي) ( للمسرح) الذي أمسى أياما تداخلت فيما بينها بسرعة متناهية؛ منـتجة عرضا " مسرحيا" دوليا / عالميا/ كونيا / بطله " فيروس" يُـمـسرح أحداثه بكل وثوقية وجرأة متناهية النظير !
" فيروس" يمارس فعله...
آخر النهار
يطلق الله صفارة إنذار
يسحب الشمس مثل حمار منزلي..
من ذيله السفسطائي..
هذه لعبته الأبدية المكرورة..
ومن سر هذي الخيمياء..
يصنع الليل والنهار..
وعلى ركبته المضيئة
ينام متصوفة ومجاذيب..
ويظل يحدق في العالم..
بعين شبه مغمضة..
روح شبه محنطة..
يسقط الحصان من أعلى البرتقالة..
وتقشر أرواحنا...
أريد أن اكتب مسرحية عبثية الآن..
لا أعرف عن أي موضوع..لكن لنبدأ ولننتظر التداعي الحر....
المسرح: (وصف المسرح شيء مهم في كتابة المسرحية، لكنني أرى ان هناك مغالاة كبيرة من الكتاب المسرحيين، فهم يتصورون- في كثير من الأحيان انهم يتعاملون مع سينما وليس مسرح، فيكثرون من تحديد مواصفات المسرح..) لذلك...
فــرقـــاء التـحْـريم:
من عجائب الأمور في مجتمعنا الإسلامي؛ أن قضية تحريم الفن عموما والتمثيل/ المسرح ( خاصة) أنتج فرقاء و جماعات توهج الجـدل بين الإباحة / التحـريم ؛ بحيث كل فريق يدلي بحججه وإثباتات الإباحة ( أو) التحْـريم بمقتضى نصوص الشريعة ، واستنادا لرأي أهل الإسلام وذلك من خلال التأويل...
شخوص المسرحية:
الرجل
الضابط
القاضي
نادل المقهى
مجموعة شرطة
المشهد الأول
(شارع في مدينة عصرية تختلف كثيرا عن مدننا، شوارع متداخلة، أضواء مبهرة، سيارات تطير بمسارات تظهر بوضوح مثل خيوط مضيئة. الرجل نائم على سرير قديم في وسط الشارع.. صوت من مكبر صوت يُسمع)
الصوت: الى جميع وحدات حفظ النظام والقانون...
شخوص المسرحية:
1- السيد
2-المستشار
3- المخرج
اصوات جلبة في الخارج، يدخل المستشار الى غرفة السيد.
المستشار: سيدي.. سيدي (يصمت قليلاً، ينظر حيث أصوات الناس الآتية من الخارج)
(الأصوات تزداد)
السيد: ما هذه الجلبة؟ ألم احذرك أن لا اسمع صوتاً وأنا نائم؟
المستشار: لم أصدر صوتاً سيدي. أنا حريص على أن...
شخوص المسرحية:
الأول
الثاني
المكان: ساحة جرداء، خلت من كل شيء باستثناء رايات ثبتت في عمق المسرح بألوان مختلفة، خضراء وصفراء وزرقاء وسوداء وحمراء.. لا توجد راية بيضاء ابدا.
صوت من الخارج: في زمن عربي، او هكذا كان من المفترض ان يكون زمنا عربيا، اختلط فيه كل شيء، وخلا من كل شيء. المروءة...
✍ من أين يأتي الأدباء الروس بكل تلك القدرات الخارقة حين يكتبون؟.. في مسرحية الوعد ل(الكسي أربوزوف)، يسطر الأخير حوارات تقول كل شيء بجمل لا تقول أي شيء، حوارات شملت كل أحاسيس الحب، دون أن ينطق أبطال المسرحية الثلاثة بكلمة الحب صراحة، وبدون سماجة ولا مباشرة، يعزف أربوزوف لحن الحياة، فينزع المعنى...
" كم تمنيت ، ان املك لنفسي ولكل هذه النساء ، غير النعي ، ربما لا غير اقدارهن ، ربما ، او ربما لأحرك قلب هذا العالم ، كي يفهم ، اخبرهم ان النساء ما عادت قادرة على الاحتمال ، أكثر مما احتملت (تتحرك) لكني لا املك سوى حفنة من النواعي ، لذا سأواصل النعي ، وبصوت كافي ، كي تسمعني النساء في كل مرة ،...
عمار نعمة جابر مؤلف عراقي لأكثر من ستين نص مسرحي حين تتعمق في نصوصه تجده منشغلا بنقد المؤسسات المنتجة للثقافة التي تروض العقل والذوق والسلوك وتسبغ على الثقافة صيغا نمطية وتصطنع قيما ثقافية هزيلة امتدادا لكشف المسكوت عنه , ويعد النقد الثقافي فرع من فروع النقد النصوصي العام , اذ انه احد فروع اللغة...
المسرح:
مكب نفايات، متراكمة وعالية كَتَل.
يجلس بوب على الأرض قُدام التل. يرتدي شورتاً قصيراً متسخاً وجسده عارٍ من أعلى. وهو -أي بوب- أسمرٌ عجوز، ربما في الثالثة والستين من عمره، جسده نحيل وكرشه تبرز للأمام. لديه شعر وشوارب ولحية بيضاء ويرتدي نظارة سميكة. يغرز مغرزا حديدياً بين أظافر قدميه...