ملفات خاصة

ـ في المابين إحساس محمد شكري بالحياة كان أقوى من إحساسه بالموت· يطيل الحديث كثيرا عن الراهن ـ الواضح· لايجهش بالآتي ـ المبهم إلا لماما· بيد أن احتفاءه بالحياة كان يتضمن شعورا خفيا بأنه يعيش في المابين: مقيم ـ عابر في آن· وما كان يتظاهر بعكس هذا الشعور· حينما يكون في حالة انتشاء بيِّن،...
ــ لست شاعرا ولا ناقدا: قال النادل لشكري، ونحن نجتاز عتبة (إلدورادو): "قبل قليل جاء إلى هنا شاب يسأل عنك"· تجلى الاهتمام في عيني شكري: "ألم يذكر اسمه؟"· رد النادل: "لا، لكنه قال إنه سيعاود المجيء"· جلسنا· بعد نصف ساعة· اقترب من مائدتنا شاب في العشرين من عمره· يبدو مرتبكا: ــ عفوا،...
يوميات صباح 8 - 3 - 2001· مطعم (الريتز) محمد شكري يستفسر الزبير بن بوشتى عن موعد وصول أدونيس إلى طنجة· يستفيض الزبير في الحديث عن الإجراءات التي اتخذها فرع طنجة لاتحاد الكتاب لاستقباله· شكري ينصت· وأحيانا يعلق: "مزيان· ممتاز· ما عندي ما نسالكم"· بعد نصف ساعة غادر الزبير لارتباطه بمواعيد كثيرة·...
حسبنا الضحك ونعم الوكيل الساعة السادسة والنصف مساء· مطعم (إلدواردو) هادئ· مائدة شكري خالية· لم نتواعد على لقاء· قال النادل: "اجلس تسناه· دابا وهو جَا"· كنت أحمل معي "سبعون دقيقة حكايات " لعبد السلام العُجيلي، استغرقت في القراءة· ــ ماذا تقرأ؟ ألتف إلى الصوت الآتي من خلفي· إنه محمد شكري· ــ أقرأ...
صُحبة المُوتْشُو وسيدة الحانات: كنا نستعد لمغادرة (الريتز) تعالى صوت المؤذن يعلن صلاة العصر، بادرني شكري: ـ هل تصلي؟ ـ حاليا لا· يضحك يمسك بيدي يقول: ـ أنا فقط أتساءل، إن الله يناديك! قرب سينما (غويا)، اعترضتنا امرأة في الخمسين من عمرها· تبدو مضطربة نفسيا· في ملامحها بقايا جمال آفل: ـ شكري·...
كأنك تعطيه الذي أنت سائله: العيد الكبير على الأبواب· الساعة تحبو نحو السابعة مساء· أزور شكري في (إلدورادو): يجلس وحيدا إلا من كأسه· يرتدي معطفا ويلف عنقه بشال صوفي بني· منهمك في قراءة صحيفة إسبانية (أظن أنها "إلباييس")· نتبادل كلما التحية· يدعوني إلى الجلوس· يتفطن إلى مزاجي المتعكر· ــ ما بك؟...
* لو عصرت المغرب لن تجد أكثر من عشرين مبدعا، وربما أقل من ذلك! كلُّنا ننتظر الموت : أسابيع بعد هذا اللقاء، كنت بصحبته في نفس المطعم، حدَّثنا عن مرض محمد الكغاط، ومبادرة الملك محمد السادس بإرساله إلى فرنسا للعلاج· قال شكري بأسى: كلُّنا ننتظر الموت· لم يعد ثمة شيء ننتظره غير...
قبل رحيله بأيام أربعة، كنا في مهمة أنا وهو ومحمود الورداني وبعض الرفاق الطيبين. كنا نعاين شيئا ونفحصه.. لاحظته هذه المرة ساكنا وهادئا، فلقد كان يبدو خلال أيامه الأخيرة منكسر الخاطر، وحزينا. وكنت أستغرب من تغير الأحوال بالرغم من اقترابي من معرفة الأسباب!! كان يكتفي بالكلام القليل، ثم ينتهي منه...
"أما بعد، فقد اختفيت، ولكنني لم أمت" متشائل إميل حبيبي "الذين نحبهم لانودعهم· لأننا في الحقيقة لانفارقهم"· أحلام مستغانمي "ثمة شخص يحرس لك الذكريات· ينتظرك هناك، ويتعب قليلا قبل ان تصل· وعندما يدركك النوم، تغدر بك الاحلام· (فاطفىء قناديلك يا مجنون)··· "· قاسم حداد "ما يحدث لايسترجع بنفس الشكل...
أحسهم ولا أفهمهم: ذات ظهيرة شتوية، هاتفته· قال: - " تعال إلى شُقَّتي إن أردت "· وجدت عنده الفتوغرافي رشيد الوطاسي· حدثنا عن الشعر· قال: ــ "هناك شعراء أُحسُّهم ولا أفهمهم، وشعراء أفهمهم ولا أحسُّهم"· سأله الوطاسي: ــ مثل من؟ قال شكري: - أدونيس وسعدي يوسف، من ناحية، و أحمد عبد المعطي حجازي، وعبد...
هذه نُبذٌ وشذرات انطلق حسن في رصدها صيف 1995 بعد مصافحة أولى للمرحوم محمد شكري، وانتهى منها في يوم مشهود حمل فيه نعش إنسان ـ صادق مودة، وأعجب به ـ إلى مثواه الأخير يوم السابع عشر من نونبر 2003· يروي حسن على لسان الأنا وقائع حدثت له مع شكري، يسمي أمكنة، ويأتي على ذكر دقائق وجزئيات وتفاصيل معيش...
ـ 1 ـ لأن الموتى لا يعودون، ولأننا لا نستعيدهم إلا ونحن أحياء، فقد شغلني موت الكثير من الأحبة، ومن بينهم العزيز الراحل محمد شكري، حتى أصبح هذا الانشغال يهيمن على الكثير من لحظات حياتي. لا يمكن للمخلصين للأموات ـ كما هم مخلصون للأحياء ـ أن يستثمروا الموت في شيء، ما عدا في يقظات الذاكرة التي...
الإهداء إلى صاحب الصبوات والكبوات الليلي النهاري إلى من حَوَّلَ جراح الذات إلى جراح للكتابة الكاتب الراحل محمد شكري وقت للوقت أيها الذاهب في طريق لا جدوى من ذهاب في طريق. لا حاجة لبكاء على حريق. لا ربيع ولا خريف فالأزمنة كلها والفصول كلها والتواريخ كلها تأتي إلى زمن الكتابة. ولا حاجة للندم على...
بحلول يوم الأربعاء 12 يوليوز 2017، تكون قد مرت ستة عشر سنة على رحيل الكاتب المغربي محمد زفزاف، الذي فارق الحياة فجر الجمعة المصادفة للثالث عشر من يوليوز2001، بمصحة “المنبع” القابعة في زنقة بيرن، تماما خلف كاتدرائية “السيدة لورد” بمدينة الدار البيضاء. وكان زفزاف قد قضى بضعة أسابيع بهذه المصحة،...
* إلى عبدالسادة .. مع التحية كلما اقتربت من الحديث عن تجربتي، بدايتها أو بدايتي، أنكمش.. أتضاءل.. حتى أكاد أختفي. تجربتي قصيرة جدا، وإن امتدت، بشكل أو بآخر، إلى ولادتي. أهرب دائما من الحديث عنها. ربما لأنني لا أملك ما يستحق الحديث حوله.. أو لأنني أخشى أن أفتح نافذة في عالمي الصغير، يخرج من...
أعلى