قصة قصيرة

لملم أوراقه ببطء .. استدار قائماً .. نظر في ساعة الحائط .. بينما الشمس تنعكس من الزجاج .. يخرج نظارته السوداء .. من جاكت البذلة الرمادية , يرتديها .. يقترب من الدولاب .. يمسح بيديه ذات العروق الناتئة أحد الرفوف .. يمسك دوسيهاً .. تآكلت ألوانه الرمادية.. ينفض عنه التراب .. يحملق بعض الشيء.. نحو...
تمشي مختالة في حركاتها بثوبها الأبيض وكأنها امراة من ثلج. نعم من يرمقها من بعيد يخالها تمثالا رومانيا متقن الصنع . بخطى هادئة تدنو تارة و تبتعد تارة اخرى من امواج البحر الهادئة و كأنها محتارة ، كأنها تريد الالتحام بأمواج البحر و الاختفاء بين جزيئاته و تفاصيله . او كأنها قررت الذهاب لأعماق البحر...
كان صغيراً ، فلم يكن عمره قد تجاوز الثانية عشرة إلا بشهر واحد، لذلك لم تك لديه الكثير من ذكريات العمر والحياة لكي تتدافع متزاحمة في رأسه الصغير ذو الشعر الناعم الحديث الحلاقة ، والعينين شبه الناعستين ، والأنف الحاد الشامخ والذي كان دائماً ما يسمع الناس يشبهونها بأنف والده (صالح) أو الشيخ (صالح)...
أحمد ود إبراهيم أحد أعلام القرية الشباب الذين تعلموا مؤخرا بعد تراجع نظرية القرية التي تدعو لعدم التعليم وذلك في العام 1881 بعد النظرية الشهيرة التي تقدم بها جده بأن التعليم يفسد روح الشباب ويوقعهم في المعاصي والتهلكة ويساعدهم علي مناقشة آبائهم في الكبيرة والصغيرة, درس الفلسفة والاجتماع وشغل عدة...
كنت تجلس على طرف السرير عندما تشخص لك طيـف ) باتريشـا ( وهي تضحـك بأقصى ما عندها من غبطة ، لكنك عندما سمعت الجدة وهي تتـنفس الصعداء بتؤدة ، نظرت أنت إلى البن الـذي كان يغلي ، ودخل طفل صغير عار متسخ بالطين ، قلت لحظتها : ; أتـذكر هذا يا جدتي دائماً .. رائحة البن المقلي .. الدخان الخارج من الكوة...
عند البكور وانثيال خيوط الفجر ، جثمت جموع العطاشى من الرهود الفارغة والدناكيج اليابسة بباب القرية متمحنة ، أخرجت القطاطي والأشجار ألسنة لها جافة متشققة بحثاً عن شربة ماء، فتضاحكت سحاباتٌ عابرة شامتة وبصقت فوق الجموع - أمشوا يا عواسيب. تعانقت قطاطي ود جعيكيك المعصوبة ، منسحبة في أنصاف دوائر ،...
أرق طويل طوال الليلة الماضية لم تكن السيدة (نون) تجد له مبرراً نهضت باكراً هذا الصباح ربما أكثر من المعتاد بما يزيد عن الساعتين... تحركت بهدوء ... وقفت أمام المرآة .... بدأت بتأمل وجهها ... عيناها الشاحبتين ... قدميها المتشققتين .. إتخذت قراراً حاسماً ... سوف أبدأ فوراً فى اتباع حمية شديدة ...
1/ مقطع : ..... والطريق أمامنا يمتد ، يتخذ شكل الفراغ ، تركض ، تلهث ، والباص القديم الذي ينقلنا ينطلق بقوة وينشرح الصوت الذي ينبعث من ماكينته رتيبا طويلا : ااان . نااااان بينا يقطر صوت المغني حزينا علي رأسي ، ثمة بحر يشدو ، من زمان أليف أغنية العودة ، أغمضت عيني ، ا نثال اللحن إلى لساني ، ارتعش...
و ترانا منثورون علي الرمل نخط كل ما علق بخواطرنا من تفاصيل الحكاية ، كما أن حادثة اختفائهم ثلاثتهم لم تك عادية ، كوجودهم تماما ، كذلك الذي يمزق خيوط الذاكرة ، لاحوا في الأفق الموشح بالقلق وتلاشوا كغرباء اقرب إلينا من كل ذواتنا خلف تلة تشهد آخر لحظة في حياة الشمس التي علمتنا كيف يمكن أن نموت كل...
" لا يمكنك أن تكون مؤمنا حقا إن لم تبلغ المقام ..وحين تبلغ المقام فلا يمكنك العودة إلى عالم الفساد" لا زالت كلمات معلمه هذي تنقرع في رأسه ، وحين تحاول الاختفاء يسرع فيلتقمها ويعيدها إلى قفصه الدماغي... "لابد أن أبلغ المقام..".. وسار هانزو تقارع قدماه صلادة الجبال قارسة البرودة ، فصعد وهبط...
إلى : ل فرح تعرّفتُ عليها اليوم, حين زرت صديقي في عمله القريب من عملي. لأول مرةِ أراها، سلّمتْ من الباب، دخلتْ، قدماها لا تكادان تفارقان الأرض، فيتمايل قوامها الرشيق بشكلٍ أخّاذ، جلستْ على الكرسي المقابل لي مباشرةً، وعيناها لا تهدآن على حال. إحساسٌ غريبٌ جعلني أشعر أنهما مصوبتان نحوي, وكلما...
عاد من المدينة خالي الوفاض، وحده الذي يعرف تفاصيل ما جرى، لا يعرف عن نكباته هناك أحد سواه، ولذلك كان جوفه يستعر نارا عند استعادة تلك الصور، وحتى لا يدري بمآسيه أحد روّض نفسه على الصمت وعلى البشاشة، فإن أرادها تسرية عن النفس قال متمتما: أهل المدينة نصّابون، قلوبهم نحتت من الصخر، أهل المدينة لا...
لم تكن تدرك جيداً،وبشكل قاطع،متى تعود بمفردها إلي هذا المكان مرة أخرى،كما وعدت النادل العجوز،وهى تنهض من مكانها بصحبة صديقتها التى رحب بها النادل ترحيبا حارا متواصلا،طوال مدة القعدة التى تجاوزت الساعتين تقريبا. قضت فيها على أربع زجاجات من البيرة الساقعة/المشبرة كما كانت تقول للنادل فى كل مرة...
مهداة إلى نعيمة الملوكي، أستاذتي بالقسم الثالث ابتدائي بمراكش، السنة الدراسية 66/65 زمن القحط والفقر... كان، وكان قسمنا المختلط يعكس أوضاعنا الاجتماعية. رغم تفاوتاتها الطبقية الضئيلة، كنا متساوين في شكل لباسنا ومظهر القهر على وجوهنا... حتى الأوبئة لم تكن تميز بين فقيرنا ومترفنا. "سواح" مرض...
كان عبد العزيز، وكنا نسميه تحببا “تَعِيزَّا”، مِلْحَ جماعتنا، ومُنقذنا من الملل، وصانع فرجتنا. وحين أتذكر اليوم، بعد كل هذه السنين الطويلة، كثيرا من الوقائع العجيبة، أجد أن تَعيزّا كان في الغالب هو مُبدِعها، وبطلها، وضحيتها ! أذكر، من بين كثير مما أذكر، أننا قرأنا في حصة القرآن الكريم قصة...
أعلى