التفت أسرة رابين حول مائدة العشاء، وبريق السعادة يتألق في عيني رابين وزوجته كيفيرا حاييم، وهو يقول:
- نسور الجو نفذوا اليوم أكثر من مائتي طلعة. أتمنى أن يأتي يوم نتخلص فيه من هؤلاء الأغيار.
فترد زوجته في ملل:
- لا أظن أن ذلك اليوم سيأتي.. ستكمل ذخائركم قبل أن تقضوا عليهم.
يومئ رابين برأسه...
(الخطبة الاولى لحي سليطة
حذار :اصغوا اليّ جيدا انا حي سليطة الاقرب لمركز اللواء وانا المتارجح بين المدينة والريف والمحتفظ ببقايا الثورات والشاهد على خرائط التعذيب والامال الكاذبة وزرق ابر التخدير...طلابي في المتوسطة تتفوق علما على الشهادات الجامعية القادمة انا لا اصدق ان يسيل دم على ترابي لاجل...
لقد أقبل الشتاء إلينا باكرًا، وكان الجو باردًا، حتى إن النَفَسَ التي خرجت من أفواهنا، كانت مجرد مليمترات قبل أن تتجمد. مشينا في مساحة بيضاء ناصعة، وغطى الثلج أجسادنا، حتى لم يعد من الممكن تمييزنا، بَدَونا كأشباح تتحرك في وحشة الأرض وصمتها. قوة مسلحة تخترق طرقًا صخرية، لا حياة فيها، عالَمًا...
أقبل الليل ملتحفاً عباءته السوداء، طامساً لوحة القطاع بفرشاته السوداء، يتخلَّله وميض القنابل التي تنهمر على دفعات متقاربة، فيتداخل دوي القنابل بسارينات سيارات الإسعاف وأصوات انهيارات المنازل. ثمَّة بيت في أطراف القطاع ينبعث منه بصيص ضوء، بالداخل امرأة في العقد الثاني من عمرها ذات وجه طفولي وجسد...
شرع الجنود في التفتيش العاري للأسرى، هذه أول مرة يتعرض فيها لتفتيش كهذا، وهاهو الجندي ديفيد يعبث به، ويطلق قفشاته الماجنة، والتي يصف فيها جسده النحيل، هذا الجندي قد تجاوز حدود الوقاحة وهو الآن على مشارف حدود المجون والخلاعة، إذ يصف أعضاء حساسة لنبيل الدباغ حتى نبيل نفسه لم يلاحظ ذلك فيها، وكان...
كانت الأزقة الضيقة، والمتعرجة في ضواحي العاصمة الصاخبة، تفتقر إلى مجاري الصرف الصحي، ومنظمة لتصريف المياه. ما إن هطلت الأمطار الغزيرة، والمتواصلة في منطقتنا، حتى أصبحت الشوارع الفرعية المزدحمة مستنقعات موحلة؛ جعلت من السير على الأقدام أمرًا مستحيلًا، وتعذر المرور فيها، ولكن الأمر كان مختلفًا...
تشير سعاد إلى نبيل ملوحة بيدها من خلف الزجاج السميك، وهي تضع سماعة الهاتف على أذنها ضاغطة على السماعة بإمالة رأسها في تركيز واهتمام شديدين، فابتسم لها، وبدت ابتسامته باهتة وحزينة من خلف الجدار الزجاجي، ومظاهر الانكسار والاكتئاب تجعل من وجهه ممسحة رمادية رثة لم تغسل منذ وقت طويل، وبدت لحيته ذات...
الجميع شاركوا في أحداث الثورة حتى ابن أبوسيف الذي ضبطناه أكثر من مرة يسطو على البيوت يسرق أيّ شيء، ملابس قديمة، حلل ألمونيا، فلوس، دراجات.. أيّ شيء، المهم أن يخرج من البيت بغنيمة تكفي لشراء سيجارتين على الأقل من عند نوسة تاجرة المخدرات، كان كتفًا بكتف يشارك بجوار الشيخ عبود والإخوة، يشاركهم في...
بلغ عدد عناصر دورة الأغرار، التي أنا منها إلى ما يقارب الأربعمائة فرد، وكنّا بعد حصة، درس الرّياضة، الذي ننفذه، ونحن بكامل بذلاتنا العسكريّة،وأبواطنا السّوداء الضّخمة، ولكن.. كان مسموح لنا، والحقّ يقال،أن لا نضع على رؤوسنا الحليقة (السّيدارة)، التي يغطس كامل الرأس بها.. كنّا نهرع لإستلام الفطور،...
حزَّمت سعاد أمتعتها وهي تهيئ نفسها للسفر إلى سجن ريمون، وهذه أوَّل زيارة له منها منذ أن سجن زوجها نبيل الدبَّاغ قبل ستة أشهر، لم تألُ فيها جهداً من محاولة زيارته فيها، إلَّا أنَّ جهودها وجهود أقربائها لم تكن مثمرة إزاء تعنُّت حكومة الاحتلال في إصدار تصريح الزيارة لها، حتى أتى يوم الاثنين الماضي...
في الصّفّ الرّابع الابتدائي، شدّد علينا أستاذنا، (المعرّاوي) الخناق،
بحجّة أن مستوانا التّعليمي هابط، فأخذ يحاسبنا، ويعاقبنا، ويضربنا، ضرباً مبرحاً، على تقصيرنا، لعدم حفظنا لدروسنا، أو لإهمالنا كتابة وظائفنا، الكثيرة، التي لا ترحم.
وخطرت له.. فكرة أن يراقبنا، خارج المدرسة.. فكلّف ثلاثة، من...
في طريقه إلى السّوق الرّئيسيّ، كان (جدّي) يمرّ، متّجهاً إلى المقهى الوحيد، الذي يكتظّ بأبناء البلد والغرباء، في مثل هذا الوقت، يلتقون هناك، يرتاحون ، ويشربون الشّاي، ويلعبون بورق الشّدّة، أو بطاولة الزّهر، أو بلعبة اسمها
(الضّامة)، وكان المقهى، يتحوّل في المساء إلى حانة، يقدّم فيها العرق، و...
ج8 والأخير
محمد عبد الهادي
كلما وصلني خطاب من سمر يحتوي على مجموعة صور جديدة لأمل يزداد ندمي على القدوم للعمل هنا، فرغم استقراري بالمعمل وارتياحي التام لزملائي وللمشرفين على إدارته، إلا أن شوقي لرؤية ابني البكر يطغى على كل اعتبار آخر، طلبت منها أن تقوم بتصويره شهريا لأتابع ولو من بعيد مراحل...
7
محمد عبد الهادي
ازداد التصاقي بعشرات المصريين البسطاء الذين تعرفت عليهم هنا، كان أغلبهم يعاني من مظالم كثيرة لكنه لا يستطيع لأغلبها دفعا، تحكمهم لقمة العيش والخوف من العودة مكسوري الخاطر .. مفلسين كما جاءوا، كان أغلبهم قد استدان ليتمكن من القدوم إلى هنا .. فهل يعود مدينا ليحمل هما فوق هم؟ في...
(جزء 5)
محمد عبد الهادي
في تطور لم أسع إليه وقع بيني وبين مدير الشركة صدام حاد، بدأ الأمر باستمرار مسؤولي الشركة في انتهاج سياسة واضحة لإرغامنا على القبول بالتخفيضات المتتالية في النسب الشهرية التي نحصل عليها أو الرحيل، كانوا على ما يبدو يستغلون التوافد المتزايد للعديد من الخريجين الشباب على...