خطواتها بطيئة ، تتعثر فى بقايا خفقات القلب ، التى تخفيها فى المعطف الأسود . حين تتوارى الشمس ، تخرج الى عتمة الشارع ، وتدخل الى ضوء الذكريات .
منذ متى ، وهى تحرص على عناق هذا الطريق ، المغطى بالأشجار ، والذى يصبح فى الشِتاء ، طريقاً لها وحدها ؟؟؟
يسقط المطر ، تفتح مظلتها الخضراء ، تكمل السير،...
تعي ذاكرتي ذلك المقطع من أغنية كنا نرددها صغارا؛ لولي حجر ، كفر مجر" الكثيرون كتبوا عن بلدانهم، عن البئر الأولى التي روت نفوسهم العطشى، غير أن قريتي تبدو - في خيالي - الأبهى والأجمل،لا أحب البكاء بين يدي الزمن، فقد ترك بعض آثاره على جسدي فصار واهنا، وعلى ذاكرتي المعطوبة، بل وعاطفتي المتدثرة...
من بين كل ما خبره " أبو العجايب " في تطوافه في دنيا الله الواسعة، وما حشا به رأسه من معلومات متباينة من خلال قراءاته الغزيرة، فإن فكرة واحدة لا تبرح مكانها في كهف ذاكرته، وتظل تلح عليه بالسؤال :
- هل حقا أن أسماك " السلمون " التي تبصر النور في الجداول والروافد التي تُكوّن عند اجتماعها نهر"...
بعد شد وجذب من جانب أهلي و تعنت من جانب أهلها تم زواجنا المبارك كما سطرت يد القدر، بعض أقاربي لم يعجبهم قراري رفضوا الإستجابة لدعوتي يوم زفافي، الذين أتوا مجاملة تاكلت دواخلهم بنيران الغضب و التذمر، حاولت أن أنال رضا أمي و أبي لكنهما وافقا على مضض دون أن تغمرهما أيات السعادة، لو لم أكن ابن بارآ...
أصوات فقط..
صيحات نوارس..ونعيق غربان..وأمواج تتحطم فوق بعضها..هكذا يجلس ويستمع لها داخل غرفته..كما لو كان يعيش في سبعينات القرن الماضي وليس من مواليد التسعينات..جسده خدِر..فهو بالكاد يرى بُقج ملابسه معلقةً على الجدار..وصنم الإله بين شمعتين.."الهند"..همس ورفع صورتها بأصبعين ثم حدق فيها.. حدق...
أوجز حياته بتلك العبارة التي قرأها مرة في مكان ما لم يتذكر أين؟ لكنها ظلت راسخة في ذهنه وعقله وفي اعتقاده انها أطرت كل ايامه فلم يجد وسيلة غير ان يكون محاط بكل حروفها بدقة، عشرون عاما دون خلاص الوحدة قضمت أظافره، اخذت تنال من لحم أصابعه لم يعد لظهره من يحكه له، لكنه يدرك جيدا ان ما حك ظهرك مثل...
- نحن في الواقع نحصل على معاشنا مبكراً، هكذا هي الدول النامية، فعندما تعمل بلا أجر يكفي تغطية كافة إحتياجاتك، وبلا طموح في التطور، فأنت في الواقع تعيش في سن المعاش. وقد تجادلني، وتقول بأننا رغم كل شيء نقدم خدمات مهمة للجماهير، حسنٌ، وهذا ما يفعله المتطوعون أيضاً. لذلك فباعتباري كنت أحد المعاشيين...
مت و ما تزال حيا أنت والريح التي تبكي
تهز البيت في المساء
حرمتني من نعمة الضياء
علمتني ثقل غياب الكلمات وعذاب الصمت
والبكاء..
الشارع الميت غطى وجهه الصقيع
والأبواب أغلقت إلى الأبد
ثلاثة منها أطل في غد عليك
مقبلا يديك
لزوم بيتي وعماي واشتعال الروح في الجسد
عبد الوهاب البياتي محنة أبي العلاء...
وقف ملكٌ من ملوك الزمن القديم أمام مرآة فضية ذات إطار مُذهَّب، كانت المرآة أعجوبة جديدة غنمها فى حربه الأخيرة من مملكة شرقية، فنصبها حُرَّاسه على حائط مواجه لسريره. أخذ يطيل النظر إلى جسده بداخلها، يرفع يديه، يضحك، يُبرز أسنانه، ثم يصمت مراقبًا كل خلجة من خلجات وجهه، أو رفة جفنيه، أو فكرة تُولد...
نصيب الملائكة
___________
- ما الذي نجيده حقاً؟
- العيش وفق إمكانياتنا المحدودة..
- أن نقتل الطموح؟
- بلى..
وخرج من الباب الخاطئ فوجد مكتباً عتيقاً وعلى الطاولة زجاجة كونياك وكأس مقلوبة، وشبكة عنكبوت تلمع في الظلام..وفأر يعبر يتشمم التراب العالق في الأثاث. فأغلق الباب.
- غرفة جدنا؟
- كما هي...
دقاتُ ساعةِ الحائطِ التي تواجه فراشَها صارت كمطارقَ من الصلبِ تدقُّ رأسَها بلا هوادةٍ، مزَّقتِ السكونَ القاتلَ الذي يُحيطُ بها، فتحتْ عينيها المُجهدتين اللتين لم تريا النومَ منذُ أوتْ لفراشِها عقبَ صلاةِ العشاءِ كما تعودتْ في السنواتِ الأخيرة..
توقفت الساعةُ التي أعلنتْ عقاربُها عن تمامِ...
لقد أصيب القصر الامبراطوري بالصدمة، الوزراء بل وحتى العبيد والخدم والنسوة، جالوا في كل ردهات القصر، وهم يتناقلون خبر الرسالة التي جاءت من التيبت..
"سونغتسان المجنون"..
"يا للجراة .. يا للوقاحة"..
"إنها الحرب لا محالة"..
عقد الامبراطور تانغ تاي تسونغ مجلساً طارئاً ومغلقاً مع الحكماء ووزيره،...
لياليي طويلة كئيبة كما يقول المثل فاتني قطار العمر سحق بهوسه وصوت صافرته على أيام سكة زمني الذي اتخذته عربة تنقلني وأمنياتي، جموح احلام شاب، لم تسنح له الفرص أن يخوض تجربة الحب .. كانت للوطن نصيب سنين أنهكت أغلبنا والكثير فارقتهم الحياة باتوا شواهد وصور جامدة دموع أحبة تُذرف لتبرد حرقة الفؤاد من...
يهربُ قسرًا من مُتتاليةِ أسئلتها، تُطارده وهو هاربٌ لا يريد الفكاك أو النجاة من الهرب ولكنه هكذا يفعل، لا يحبُّ أن يرتكبَ في حقها إثمًا غير مبرر، أقسمَ لها أنه يحبها ولكنه يخشى أن يحمّلها طاقةً تندم عليها، مرغمٌ على التصدي لكل أسلحتها على الرغم من ضعفه وهوانه ، يعرف حقيقةَ نفسه المثقلة بالألم...