ما بين اليقظة والنوم أراه يبتسم، بعينيه حياة لا تعرف الموت، ضوء وهاج ينبعث منهما، ابتسامة تتألق فيهما لترتسم على ثغري، ينشرح لها قلبي الحزين.
استيقظ، أنظرُ إلى الشخص الممدد إلي جواري ، ينظر لي، يبتسم، أنظر إلى عينيه، أجد ابتسامة ذابلة وعينان وصل إليهما الموت، لا حياة بهما، تتراءى لي صورة...
تعجبني طريقتك في الشرب... تُدني الكأس من شفتيك ببطء، تتناول رشفات صغيرة جدا، تتذوقها في فمك، تبتلعها... فتسري في ملامحك لذة، وتحلق في سمائك فراشات...
هكذا قالت، وهي تضع كأسها فارغة على مائدة زجاجية تفصل بين أريكتينا، عليها قنينة «جاك دانييلز» ومرمدة وقارورة ماء... على حِجْرها كان «روكي» يضع رأسه...
في أولّ يومِ دوامٍ لها بدَّل معالم وجهه، أزال شعرلحيته الممتد بين شحمتي أذنيه من الناحيتين ليجعلها مربعة الشكل، أخفى الشعر الأبيض بصبغة سوداء، تطيَّب بعطرٍ من إحدى الماركات العالمية، ارتدى جزمةً بيضاء تتناسبُ مع لباسه، قال لها وهو يفتح باب مكتبه : لايدخل عليَّ أحد إلا بعد استشارتي، دخل وأغلق على...
فى الثانية والنصف صباحا فرحت بصداقته , تأملت صورته على الفيس , خصلته المتهدلة على جبينه , وملامح وجهه الممتلىء , خضار ذقنه الذى يشبه تينة بشوكها , أهدابه وهى تطاول شواشى البلح الأحمر والأصفر فى البر الثانى وقد دنت لعينيها من بعيد , أمامها هو الآن على الشاشة الضوئية بضغطة زر ! , كانت دائما تود أن...
روحك المتعبة لم يشغلها اكتمالك.. نموك الذي فاق أقرانك لم يجلب لك سوى الذبح على أبواب الرغبات المتصابية .. ضاعت من عقلك كل الأحلام الأنثوية بفارس الأحلام.. تلاشى اشتهاء الأمومة وسحر الالتقاء الأول .
طفلة كنت تتدلى ضفيرتك المخملية فوق ظهرك الغض, تمسكين نقودك المعدنية بحرص كما علمتك أمك كمن يمسكك...
لايمرّ عليّ يوم دون أن اُطالع شبحه الفضيّ المُنساب يترامى عن بُعدٍ ، تتلألأ قطرات ماءه العذب ،و تنساب أمواجه الرقيقة في صفاءٍ ورونق ، يسرّ الناظرين ، كُنتُ صغيرا اشاهد من فوق سطح بيتنا القديم خياله ، اتسائل في دخيلةِ نفسي مُقشعرِا في وجل: تُرى إلى أين يتدفق هذا السّيل العرمرم ؟! .
ما أشدّ...
للموتِ طقوسٌ خاصةٌ في مدينةٍ أقصى أحلامها تأمينُ مساحةٍ ضيّقةٍ تتّسِعُ لقبرٍ، الجميعُ هُنا لا يملكونَ أسْقُفاً يلوذونَ بها منْ بردٍ أو حرّ، لكنّهم يقتطعونَ منْ لحمهِم ليسْتروا آخرَتَهم. أم هادي الدّاية تأخذُ على عاتقِها مسؤوليةَ تشجيعِ المتزوجينَ على كثرةِ الإنجابِ، رغم معرفتِها التّامةِ بحجمِ...
أجلس بالمقهى والنهار يستأذن فى الانصراف. أضع ساقا على ساق، وجسدي مسترخٍ فى مقعد البامبو المريح. أمسك فنجان القهوة بإصبعين.. الفنجان أقرب إلى فمي.. وعيني فى اتجاه الباب الزجاجى الذى فتح ببطء لتخرج منه سيدة تضخ عطرا وتسبقها هالة من ضياء. لا أذكر ماذا فعلت بالفنجان؟ ولا أدرى إن كنت رشفت القهوة أم...
أنظر من الشرفة. النهار يعطيني ظهره ويمضي. أعمدة الإنارة تصحو. والمصابيح تضيء فتلقي على جدران المنازل ظلالا مراوغة. النوافذ المغلقة تخفي حكايات. أنتظر أن تصحو أمى من النوم لأحكي لها.
كيف أبدأ؟ هل أحدثها عن حسين المُحمَّدي.. زميلي الذى يكبرني بعشر سنين.. ستسمعني بهدوء.. ثم تتسع عيناها دهشة من عصف...
حسم أمره وكتب وصيته وأودعها بيده في خزانته. لا يعرف من الذي سرب مُحتواها. سمع أولاده يتهامسون، وزوجته تسمعهم وتبتسم، ثم تنهاهم عن الثرثرة. لا يذكر أنه تحدث مع أصدقاء النادي في هذا الأمر. ربما دارت حوارات حول أهمية الوصية وضرورة الوفاء بها. من حقه أن يكتب وصيته، وعلى الورثة تنفيذها ما دامت لا...
على النوتة يشترون طلبات البيت، المندوه البقال ذمته لامعة كالرخام، والولد الصغير الممصوص الوجه، ناجي، يتهجى الحروف والأرقام بصعوبة. يكتب على اللوح الإردواز بالطباشير حروفًا يمسحها، ويحاول طول اليوم أن يتذكرها. يجري بأعوامه القليلة وخطواته القصيرة ليحضر الحاجات لأمه، يطبق على النوتة بشدة، يجري إلى...
صحا شحته وحلمه اليومي المعتاد يكاد يكتمل. أربعون عامًا والحلم يصاحبه في المنام والصحو، يحتويه ليلًا فترف على وجهه ابتسامة مترددة. قبل زواجه كانت أمه تقوم من عز النوم فتغطيه وتراقب ابتسامته فيهتز فرحًا. بعد زواجه أوصت فايقة أن تأخذ بالها منه وتتركه لحلمه اليومي حتى تفرش وجهه ابتسامة الأمل. سألتها...
انفتح باب الغرفة، وإذ به يندفع كالسهم نحو سيدَّته القابعة على كرسيها الهزاز تنتظره بفارغ صبر، عندما التقت عيناهما، لم يشعر بنفسه إلا وقد ارتمىفي أحضانها، وأخذ يعانقها بلهفة قائلًا:
– وحشتيني، وحشتيني أوي.
– شهر ما أشوفكش! كنت هتجنن!
– إنتي روحي، ولا لحظة فارقتي خيالي. بس اعمل إيه؟! غصب عني...
رأى العتبَ على النظرِ؛ عسى أن يتحَسّسَ ألواناً جديدةً من الطفولة.
الأبُ قاضٍ والعينُ عليها حاجبٌ يحميها إلا من شرِّ حاسد.
الابنُ سعيدٌ بمصافحةِ طبيبِ عيونِ موسى كفِرْعَوْنَ ناشىءٍ؛ يتوكَأُ على عَصَا أبيه، له فيه مأربٌ ليسَ إلا. الطبيبُ ساخِرٌ وعدساتُه عيونُها سحريّةٌ تبحثُ عنْ مخرجٍ للوصولِ...