نحن نعيش، دون أن نشعر بالوطن من تحتنا،
أحاديثنا لا تُسمع لأبعد من عشر خطوات .
وحيث يوجد ما يكفي لنصف حديث،
فإننا نتذكر الجبليَّ في الكرملين.
أصابعه الثخينة الدهنية كما الديدان،
وكلماته صحيحة كما الأوزان الثقيلة،
وشارباه ” الصرصوريان ” يضحكان،
وتتلألأ رقبة حذائه.
ومن حوله أوباش من القادة بأعناق...
كاتدرائيّةٌ تَنتصِبُ حيثُ كان قاضٍ رومانيٌّ
يحكم على شعب أجنبيّ: متهللةً وبَدْئيةً، كما كان آدم
في أوّلِ الزّمان، باسطةً تعاريقها، القبّةُ المقوّسةُ
على هيئةِ صليبٍ، تُلاعبُ بخفة عضلاتَها.
إلا أنَّ التصميمَ الخفيّ ينكشفُ، ما إن ننظر من الخارج:
فها هي متانةُ مِحزم المَسانِد تحافظُ
على أنْ ينامَ...
العابرون سريعًا جميلون. لا يقيمون في مكان كي يتركوا فيه بشاعة. لا يبقون وقتًا يكفي لترك بقعة في ذاكرة المقيمين.
الذين أقاموا طويلاً معنا تركوا بقعًا على قماش ذاكرتنا لا نعرف كيف نمحوها.
بقعٌ مؤلمة، أينما كان على المقاعد، بحيث لم يعد يمكننا الجلوس.
المقيمون طويلاً يسلبون مقاعدنا. يحوّلون أثاث...
مــا نـجــيـدهُ
غير القلق , والركض وراء احلامنا . . !
العودة الى بيوتنا بأرجلٍ محطمة
ووعودٍ خرافية .
المــقهى أناي الآخر
طالما لم يعد من مكان هناك
جلوسنا المزمن
يثير استغراب الشارع
و . . . حنقه
نحتسي الوقت كالآخرين
السعال يطوقني بمحبةٍ غامرة
موظفة...
التقيتُه أول مرة في باريس، كان ذلك منتصف السبعينات، وكنتُ أزور باريس لمقابلة أستاذي المشرف على عملي في أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه. في مقهى “بريغرودين” في حيّ السان ميشيل التقينا، هو المنفي من وطنه بسبب فكره اليساري ومواقفه النضاليّة، وأنا الباحثة عن المعرفة التي لم أُمنَح إمكانيّة تحصيلها...
رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ = أحسن الأيام يوم أرجعك
مَرَّ من بُعدِك ما رَوَّعَني = أَتُرى يا حُلْوُ بُعدي روّعك؟
كم شكوتُ البيْن بالليل إلى = مطلع الفجر عسى أن يطلعك
وبعثتُ الشوقَ في ريح الصَّبا = فشكا الحرقة مما استودعك
يا نعيمي وعذابي في الهوى = بعذولي في الهوى ما جَمعَك؟...