قصة قصيرة

يدرك تمامًا أنه ليس وحده, لا بد أن كثيرين يشاركونه المكان, تلك الحمامة الراقدة على بيضها في مدخل المغارة, يراها ويسمع هديلها الخافت, وهناك آخرون, لا يراهم عيانًا, يشعر بوجودهم, ربما يرونه من حيث لا يراهم فليس كل من يراك تراه, لكن ذلك لا يرهبه بأي حال ولا يجعل قلبه يغور في جوفه كما اعتاد أن يفعل...
يبحث الناس، في بداية رحلة في القطار، عن مقعد جيد، والبعض منهم يلقون نظرة متفحِّصة على من يجاورونهم ممن اختاروا مقاعدهم، ليروا إذا ما سيكونون جيراناً جيِّدين. ربما يكون مساعداً أن يحمل كل منا لافتة صغيرة عن العادات التي ستجعل منا مزعجين محتملين، أو غير مزعجين للمسافرين الآخرين من مثل: لن أتكلَّم...
الاسم .. لم يعد يهمني فكيف يثير اهتمام غيري؟! العمر .. 24 سعادة مختلسة الحالة الاجتماعية .. نزيل عرض حال: أنا إنسان عادي لا يجيد رواية القصص. جاري النزيل رقم 11 مثلا بارع في صنع البواخر من نثار الحصى وأعواد علاقات الملابس، جاري الثاني ينحت تماثيل مستخدما الإسفنج. سأشرع في قص الحكاية، حكايتي...
(الحوار في الأصل باللهجة المصرية. . .) انبسطت حقول الأرز حول القرية الساكنة الشاحبة، وهدأ الليل الفضي إلا من ضفادع تنق، ونسمة ترف فتحرك أغصان (الجميزة) الكبيرة التي ترسل فروعها فوق شاطئ النيل من جهة، وفوق (الدَّوّاَر) الواسع في شرق القرية من جهة أخرى؛ وسفر البدر الجميل الساحر، ففضض عباب النيل،...
ينبغي عليّ أن أعترف أنني، على الرغم من عدم إعلاني الأمر على الملأ، كنت معارضاً بصورة شخصية لخطط عمتي في الزواج. وقد قاسمني والدي وإخواني وزوجاتهم الشعور نفسه. فقد كان الأمر ببساطة زواجاً غير متكافئ من وجهة نظرنا. فمنذ أن كنا صغاراً تطلعنا دوماً إلى أن تعثر عمتنا على زوج. وقد كانت علاقتها بوانج...
تلك هي واحدة من غيباتك الكبرى. لا سلطان بيمينك يا ولد، ولا صولجان تهشّ به قطيع الحروف التي حرنت، وأنت ما زلت قاعداً عند بوابة المفتتح. أكاد أشمّ عطر غواية، أو عفن فخّ منصوب عند موضع وشاية عتيقة، قلت مرة، أن امسحوها بلحيتي، واعصبوها في رأسي والناصية، فهي - وحقكم - آخر غيبات حكواتي المدينة...
ليس هناك تدبير مسبق.. نعم هذه هي الحقيقة.. هذه الأشياء لا تحدث وفق خطة.. أن يحك النهار ظهره فجأة بالدنيا، فتشرق الشمس، ويستيقظ الخلق، وتتفتح الأزهار، وتستدير الأوجه الكئيبة من الأرض، وتعطينا ظهرها، وتبتسم الحياة فجأة ابتسامة خجلى، متعجلة، وتحين منها لنا نظرة عطوف، ويدها تربت على أكتافنا في...
وكنتُ أصغي للميكرفون، وأنا ألعب في مساحة النور أمام صوان العزاء، وأرى في ضوء الكهرباء مكبر الصوت المعلق على جميزة عم «عبد الغني بدر».. كان المقرئ يستعيد كلمات الله الكريم سبحانه «أينما تكونوا يدرككم الموت»، وقتها قلت في نفسي «الموت يتبع ابن آدم حتى باب قبره».. بعدها جريت ناحية الولد «شعبان» ابن...
المكان شبيه بمرآب فسيح، بسقف واطئ ونوافذ صغيرة شبيهة بكوى مفتوحة على ضوء النهار وصخب الشارع. الطاولات متناثرة هنا وهناك مثل أطياف أعياها الحلم، تنتظر ما تني تنتظر في فراغ الليالي، وصمت الحواس كل صباح قدوم الأجساد التي ستجلس إليها، المرافق والأيادي التي ستستند إليها، الوجوه، الملامح، الرغبات،...
تتفرع أغصان شجرة الزيتون على شباك الغرفة الكبيرة المفتوح على خرافة يرددها القريون عن عنكبوت تسكن البيت القديم الذي يتراءى على الهضبة. عنكبوت مسخ تضخم شكلها وهي تواصل أسر الأرواح المدنسة. لقد علقت بين شباكها وجوه غريبة على القرية، رجال بشعور ولحي مشعثة، ووجوه متفسخة وراء النقاب، ملامح هلامية جاءت...
نظرت إلى جدّتها نظرة مرتاعة، بئيسة، كذلك الصباح المفجوع بفاجعة البطن المكور بعد ثلاثة أشهر قمرية.. فحصتها العجوز بلمسة واحدة بيدها المرتجفة، وصرخت فيها صرخة مكتومة: - من كان بك يا فاجرة؟ لم تفهم كلمة "فاجرة"، كانت غريبة عنها. ظنتها مدحا أو مزحة من جدتها العجوز، كافلتها بعد وفاة والديها...
أقف نافراً أمامه، أيها السيد أنا غاضب، ومزاجي سيء جدا ووجودنا في هذا الوضع يشكل خطرا علينا نحن أعني الإثنين أنا وأنت فقط، ها أنت قد أغاظكَ خطابي ولجأت إلى تصنع الضحك الكاذب، كلما ادعيتَ أمراً فَنّدَتْهُ الوقائعُ فأنت الذي كنتَ تبحثُ عنّي وما بحثتُ عنك يوما، جلستَ تخططُ بخبثٍ وتهرفُ ليلَ نهار تذل...
لن أنتظركِ أيتها الحافلة التعيسة، طيلة شهر ناقص، أسبوعا على ما أتذكر، جعلتِ من عمودي الفقري حبات مسبحة منفرطة، أعرف أنني سأعود إليك بعد أيام، لكن اليوم هو يومي، يوم القبض على المرتّب الذي لاحقته شهرا كاملا كما يلاحق سلوقيّ لاهث أرنبا بريّا. إنّ ثقل النقود في جيب سترتي الكشمير جعل قامتي أكثر...
اختفى فرانز كافكا من المكتبة. لم أجد له أثرا يذكر بين رفوف الكتب في رواق الأدب العالمي. آخر ما أذكر كان وجه الكاتب الذي لا يوحي بأيّ تعبير لأوّل وهلة على غلاف روايته “المسخ” بجانب حشرة كبيرة، كان ذلك الأسبوع المنقضي. ما شدّني إلى التعرّف على عالم الرّوائي الغامض هو ملامحه المرتبكة. ملامحه التي،...
في مراتع الطفولة الأولى , وعلى ضفاف فصل اللهو والحركة الدائبة في البحث عن مصدر للتسلية والدعابة وجدتني انقاد في كل مرة إلى لعبة جديدة تأسرني بمفاتنها وطقوسها , وكنت أعكف على ابتكار لعبة المرايا وفي محاولاتي الغريبة تلك كنت اضطهد إخوتي الصغار في امتثالهم الدائم لرغباتي التعجيزية وتسخيرهم القسري...
أعلى