نصوص بقلم نقوس المهدي

في حارتنا باب خشبي كبير، دار عليه الزمن، جعلته الفئران ملهى ليليا، كنت أخاف المرور جواره، عليه تصاوير مفزعة، تسكن الشياطين البيوت العتيقة التي هجرها أهلها، سمعت عنه حكايات روتها جدتي؛ يوما ما كان يضج بالحياة، نوافذه كانت مشرعة، البنات الجميلات كن يترآين من نوافذه، شعورهن السابحات مثل اغصان...
وأريج كما تقول أحلام مستغانمي لا ترتب أثاث نفسها لتبهر أحداً ، ولكنها تمتلك القدرة على أن تفاجئنا وتُدهشنا متى أرادت ذلك . وقد فعلت بإستعادتها لنص نخب ضياعنا الأخير والذى نشرته فى القارئ/ة السوداني/ة يوم 20 أبريل 2021 . . وهى أيام وتواريخ مثلت منعطفات مؤثرة جداً فى حياتى . كتبت تعليقى المبتسر...
بات من المعلوم لدي أني، وفي كل مرة، بقدر ابتهاجي بإتمام كتابة رواية ما، يسكنني حزن ما على انتهاء مشواري معها. وبات معلوما أيضا أن مرد ذلك هو إحدى الإجابات على السؤال الذي لا يكف يحوم حول الكتاب، مقذوفا مرة من الآخرين، ومرة نابعا من الكاتب نفسه، حول الدافع وراء الكتابة. وهو سؤال بقدر ما يتكرر...
خار مهزوما بعد مقاومة مستميتة لشمس حارقة وأرض جافة، ألقى فأسه، حاول تجفيف وجهه بكمه الذي تحول لإسفنجة مشبعة بالطين والعرق، لاذ بالشجرة الرابضة على رأس الحقل، رأى ظلها الباسم مقبلا، نهض حاملا عنها الجرة وبؤجة محكمة الربط، ارتكزت على ركبتيها نصف جالسة تفرج البؤجة عن أرغفة عجفاء، قالت بأسى: ثلاثة...
اعتاد البعض في مجتمعنا العربي على زمِّ صوت الأنثى وكبتِ توهُّجها وصدِّ ميولها وتعلُّقها بموهبة ما، اعتقادًا منه بأنَّ صوتها عورة. فنلاحظ مبدعات كثيرات انسحبنَ خجلًا وأحيانًا ضعفًا منهنَّ لنظرة الآخر. ولكن بالمقابل نجد مبدعة خرجت للعالم ساخرة وغير آبهة بما يتلقَّفها من تأويل وقراءة تعسُّفيَّة...
لم يكنْ الراحل شوقي بغدادي محضَ شاعر كبير يلهثُ وراء الحرف الأنيق، والجَرْس الرقيق، والمعنى العميق، والأسلوب الرشيق، بقدر ما كان شاعراً رسالياً يحملُ رسالة إنسانية سامية تتجلى في تعاطفه العميق، بل في تماهيه المطلَق، مع المستضعفين في الأرض بمختلف أجناسهم وانتماءاتهم. جاء في ديوانه الأخير الذي...
كان ذلك في بورما[1]، صباحٌ مشبعٌ برائحة المطر، ضوء شحيح يشبه لون صفيحة المعدن الصفراء يتأرجح فوق الجدران العالية لساحة السجن. كنا ننتظر خارج زنزانات المحكومين، وهي صف من الحجرات بواجهة من القضبان الحديدية المُدبلة تشبه أقفاص الحيوانات الصغيرة، قياس كل واحدة عشرة اقدام في عشرة، فارغة تماماً من...
واصل سيره في خطه المسترسل نحو الأمام كالعادة ،توغل أكثر فأكثر، لاحظ شيئا ما ملقى على الرصيف شكله مغر،انحنى ليكتشفه . آه! التقط الشريحة ، قلبها يمنة و يسرة، لا خدوش بها إذا دسها خفية في جيبه بعد تفكير و تأمل . راوده الشك و بعض الهواجس فراح يسأل نفسه : – ما الذي تحمله قطعة صغيرة كهذه، و لمن...
أحسَسْتُ أنَّ عقلي توقَّفَ عن الاستيعاب، أنَّ ذِهني لم يَعُد قادرًا على فصْل الخُيوط عن بعضها، أنَّ عَيْنيَّ ترى السَّطر الواحد من أوراق تلك القضية، سطرين أو ثلاثة، على هيئة تموُجاتٍ ترُوحُ وتجيء. توقَّفتُ فورًا عن القراءة، فما جدواها إنْ كان من يَقرأ لم يَعُد يفْهَم ما يقرأ. رحِم الله عُمرَ...
سؤال يبدو بسيطا وان إجابته سهلة مباشرة، وقد يتصور البعض، خصوصا عندما تكون الدماء ما زالت حارة، دماء الثورة، أن الإجابة ممكنة حيث يتحكم في التقدير الانحياز العاطفي سواء مع الثورة وشعاراتها واحلامها أم ضدها . ولان الثورة هي فعل جماهيري مركب تشارك فيه طبقات وفئات اجتماعية مختلفة سعيا وراء أحداث...
لا تكتمل المعرفة دون اختبارها عملياً بالمشاهدة والشم واللمس.. فالإحساس هو أساس بناء المعرفة. وحواسنا الخمس، أو الست هي ما تشكل ما يسمى بالمعرفة الإمبريقية، والتي تفوق بقيمتها ما تمنحه الكتب والمحاضرات النظرية، وهي التي تقربنا من الحقيقة، وبناء تصور أعمق وأشمل حول أي ظاهرة، أو حدث تاريخي.. من...
وأنا أعيد قراءة مقاطع من رواية " مدينة الله " لحسن حميد تساءلت إن كان كتاب القدس ناقشوا الرواية وأبدوا رأيا فيها . الشاعر المتوكل طه طبع الرواية وكتب فقرة على غلافها ، ولا أشتط حين أزعم أنه يجامل ويكتب موضوع إنشاء ، تماما كما هي أشعاره ونصوصه الكثيرة جدا في القدس ، مع فارق هو أن أشعاره هي قصائد...
تبدو الساحة الثقافية مترعة بكثير من عوالق إن لم تكن أحجارا وجلاميد تقف عثرة كأداء في سبيل المبدعين الذين يلتمسون طريقهم وسط عوالم من كهنة عجائز استبدوا بالمقاعد واحتبسوا الأوراق والدفاتر مرتعا لهم؛ يقربون من أحبوا ويقصون من كرهوا؛ في غيبة من معايير النقد الأدبي أو جماليات الإبداع، يبحث الطليعة...
أعلق قصائد غير مكتملة لشعراء الصدفة تمائم للوقت بدل الضائع ارسم بخطوط كفي وجه أمي الغائب من المنفى للتراب أقتصد في فك شفرة الحضور المكتظ بالتسابيح أبحث عن معاني الغياب في الذاكرة وفي الساعة الرملية المترنحة على الجدار الأملس اكشف عن وجه البياض في بريق عين المريد وفي ابتسامة الغيمة وسخرية القمر...
الليل وحيدٌ هذي الليلة لا سُمّار ولا عشاق ولا أطفال شوارع غاب القمر وفارق صورته في النهر النهر حزين يتأرجح في العتمة محض خيوط سوداء ينسلها الريح ولا ينكسرُ الليل وحييييييييد هذي الليلة من ينتظرُ مرّ الليل الليلة مثل غريب فوق فِراشي لم يُوقظ قمصان النوم ولم تنتبه الغرفة حتى السترة فوق المشجب...
أعلى