قصة قصيرة

سيارات فخمة، من خارج الإقليم كما تدل على ذلك لوحاتها الترقيمية، مركونة بمربد المحكمة هذا الصباح. الحركة في الردهات و الطوابق دءوبة أكثر من المعتاد، و الهواتف ترن من كل ناحية دون انقطاع: مّا حادة تمثل اليوم أمام القاضي بتهمة الضرب و الجرح المفضي إلى عاهة مستديمة مع سبق الإصرار والترصد. قاعة...
ممددة في شحوب الموتى جدتي. التهمها المرض و الإنكسار فتضاعف حجم سرير السنديان. بيد مرعوبة أجفف العرق المتصفد من جبينها. تصحو لبضع ثوان، تحاول فتح عينيها المنهكتين، تصدر عنها تنهيدة طويلة موجعة ثم تعود أدراجها. حشرجة الريح ، القمر اللامبالي البارد خلف النافذة و شبح الموت المرابض في الغرفة النصف...
عندما يدفأ طقس مراكش أو يحترّ، في منتصف النهار، ويخلو الدرب من السابلة، ويلوذ الأطفال الضّاجّون اللاّهون بمنازلهم، تخرج زاينة من منزلها لتعبّئ جردلين من الساقية المجاورة؛ كانت خشيتها كبيرة من أن تسمع ما يخز مشاعرها، أو تلتقط عيناها الحزينتان نظرات الإشفاق والإستغراب المصوّبة نحوها كالمدي، لهذا...
في البَدْء كانَ مُعلـّماً.. نفثهُ بابُ مركزِ التـّكوين إلى' أقصى' الجَنوب.. ومع ذلكَ فقد كانَ يهزُّ خنافِرهُ للسّماء.. وعندما رأى هيْأتهُ على' المِرآة وهو يلبسُ الكوستيمَ لأوّلِ مرّة قرّرَ مُباشَرةً أن ينزعَهُ إلى' الأبد، بعدما ذكـّرهُ بأفراد أوركسترا الأعراس.. وقالت ابنةُ خالـَته، الـّتي لم...
الخريف، مالت الشمس نحو المغيب، تسللت خيوطها الدافئة من بعيد، ترسم ألوانا وظلالا لغسق جميل وحزين. وضع الكتب والجرائد على المائدة، بدا متعبا وحزينا، جلس متهالكا على الكرسي، طلب قهوته بإشارة من رأسه، وراح ينظر لحركة الشارع بنوع من اللامبالاة، نظرة يائسة، كان ينظر، ولكنه لم يكن يرى، لم يكن يسمع...
كنت أزعم أن الرحيل إلى الجنة قبلة للمتراخية أذهانهم النبيهة وأدعو إليها سبيلا حتى رصفت لذلك السبيل في المنعرجات الشاهقة حيث أناطح السحاب فيما القوافل تتوافد أفواجا أفواجا، وكنت أنا الزاهد والشاهد وكنت أنت المترنحة على أطراف مخي تعبثين بأنظمة الدفع والكبح الفارزة للكلام الهادي إلى الصراط...
"هل ستحبني يوما...؟؟" يتساءل كل ليلة. يسكب آهاته الملتهبة على ورقة بيضاء، ينسج مشاعره المشتعلة في رسالة أو قصيدة شعرية، يتأمل صورتها المثبتة على شاشة جهازه المحمول، يشم أنفاسها المتدفقةَ في شرايينه، بريق عينيها، يشعل شمعة قلبه المهجور، قُبلتها البريئة ذات قطار تُحرق جسده المتعطش للحظة اللقاء...
كثيرون يسألونني لماذا أنتم الأبناء الخمسة، ثلاثة أولاد وبنتان، عدا الأخ الصغير السادس جئتم كلكم عميان؟ ولماذا لم يتوقف الوالدان عن الإنجاب وهما يريان إنهما ينجبان عميانا سيتعذبون كثيرا في هذه الدنيا الكاسرة، وسيعذبون من حولهم أيضا؟؟ وألوذ بالصمت فأنا أعرف نصف الحقيقة، أو بعضها ومع ذلك فما أعرفه...
سحر يتبختر على أطراف الحروف، كما السحر الأسود الذى يقود إلى الكُفر..ألاعيب تنكرية تشى بها اللهفة الشرهة نحو المجهول.. موعد أصم وصَيد لا يمكن التكهن بقيمته، لكنه يُشبِع غروراًمطعوناً بسيف الخيانة، ويروض غريزة متمردة ترفض الرضوخ لقوانين الطبيعة، لكنها تستمدأبديتها من دماء أضاحى المساء !! هكذا بدت...
"باسم الكاف والنون.. والسر المكنون" "باسم الكاف والميم.. والسر المبين" "باسم الكاف والضاد.. مولِّف الأضداد" أفيق ليلاً فأجد أمي ساهمة بجواري. تمسك مسبحتها، وتهتز إلى الأمام والخلف كمقعد هزاز. ترتل هذه المتتالية بصوت أقرب للفحيح. لم أفهم أبدًا لماذا تبقى على حرف "الكاف" وتغير ما يليه! مات أبي...
كنت أراه كل صباح وأنا ذاهب لعملي. أُقسِّم نظراتي بين وجهه وقرص الشمس الوليد. هذا الولد لابد أن الله خلقه بمقاييس مختلفة. يراني فيبتسم، فيما ذراعاه تسندان حقيبة ثقيلة على الظهر. أُعنِّف نفسي: لابد أن أتذكره في الليل. في الصباح التالي، وبعد أن يفوت، أرجُّ دماغي وألتفت: غدا سأقف وأكلمه. حلمت به في...
تقف عارية هكذا منذ شهر , باديا عليها التعب . أتراها تحتج ترفض ما يحدث حولها , اهو موقف ثوري. لكن هي لم تمش يوما متظاهرة.برغم ما تراها كل يوم، صحيح أن الطلاب كانوا يجلسون بجوارها. يرفعون أصواتهم بالاحتجاج الصبياني . الذي كان يخبو. بين ثنايا هموم العمر , عند تقدم السن. دون تحقيق نجاحات ملموسة. على...
تمت المهمة... رفع الرب كلمته إلى السماء . وظن اليهود خدام الهيكل أنهم تخلصوا من يسوع وإلى الأبد. إلا أن ( الحجر الذي رفضه البناؤون صار رأس الزاوية ) .. ظهر رسل آخرون فجاة، ملؤوا بطن أورشليم وفاضوا على الإمبراطورية الرومانية . بعد موت هيرودس لم يبق شخص يحسن الكلام إلا وجاءه الوحي . كان الواحد...
خرافة يقع هذا كل يوم، حين تلتهب الحاجة إلى الخروج تنعدم الأبواب ويتكرر الانغلاق أو تتكرر المرأة. سيكون ?مع ذلك- تافها الخروج إلى المحنة نفسها، أما تفاديها بالبقاء فهو أمنية غير جديرة بالأيام التي ظلت تريد أن تغادر أو الحفاظ على كل قيود الحياة مع الرجاء( لمن نرفع الرجاء؟). أن يكون التاريخ كفيلا...
"لكل حرب لغة، ولكل لغة قاموس، وقاموس الحرب متسع باتساع مآسيها، ولكل مأساة حكاية ولكل حكاية عنوان. وقت الحروب يجب أن يضحي الجميع وأن تختفي لغة الأنا، فإنها إذا ما ظهرت فستصبح العواقب وخيمة ولو على مر السنين". "ألبرت" عامل التذاكر في محطة القطار الليلية في مدينة لندن، دائمًا ما يعمل ليلاً على...
أعلى