نشروا صورًا لجثة رجلٍ ملقاةٍ على الأرض ، وقالوا إنها له ، ارتجف قلبي وكاد أن يتوقف ، لا إنه ليس هو . إنها صورٌ مفبركة ، وتلك عادتُهم في صناعةِ الأكاذيب .
دققتُ في الصور ، إنها لرجلٍ بزي محارب ، وأنا أعرفُ أنه لا ينزلُ ميادينَ القتالِ ، ولا يحملُ السلاحَ ليشاركَ في العملياتِ ، فهو القائدُ...
أنهى «حافظ» يومه الدراسي ووقّع بالانصراف... خرج من البوابة منتشيا يمشي مَرَحا
إذ قُوبلت كلمته عن الكذب بتصفيق حاد من الصفين الأول والثاني وكذا من السامعين
والسامعات والمديرة والوكيلات...
يتوجه إلى الباقي من نهاره ليلتقي بمن هُن وهُم لم يحضروا إذاعة منذ سنوات... لا يدخلون
من البوابة...
دخل...
- لا تقتل ضميرك، لكن لا تتبعه...
هكذا قالت نفسي لي، وكنت أجلس في ركن المقهي وحيدا حزينا فقيرا استمع إليها وهي تحدثني وواصلت:
- تريد النجاح والإرتقاء إلى الثروة، انبذ الصدق، واكره الصراحة، وابغض الشفافية والوضوح، لا تقل أبدا مافي قلبك، اكذب بصدق بحرارة بقوة، حتى تنبثق الدموع من عينيك، وترتعش كل...
جاءه الموعد السنوي المعتاد فالورقة تحمل ذات الرقم السنوي مع اختلاف السنة فاليوم الرابع عشر من مايو، يتكئ " عدنان " على وحدته شاردا في لا أحد ، على كتفه الحطة الفلسطينية في إحدى يديه العقال ، يسير بخياله على جانب سكة حديد ممتدة على قضبان شامخة تتحدى الزمن لتقول للجميع :
- كنا هنا ذات يوم...
في ليلة من ليالي بلاد إسكندنافية الباردة، ومن شرفة غرفته الصغيرة في مجمع إيواء مؤقت، أخذ عبدالله نفسا عميقا من سيجارته، ثم شرع ينفث دخانها بتناغم خارج صدره المثقل بالهموم، محدقا في حلقات الأوار وهي تخترق طبقات الهواء قبل أن تتوارى في شقوق وتصدعات جدران الغرفة الخاوية من الأثاث، سوى من سرير ومقعد...
في هذه المدينة الكبيرة، عندما تستوقِف أحدهم، وتحكي له عن زمنٍ كان فيه بَشَر مُهدَّدُون في أعزّ ما لديهم؛ فإنّه لن يُصدِّقكَ. هذا جِيل يتفاخَر بِفُحُولَته.
**
كُلُّ شيء يبدأ بِخاطر مُلحّ.
والخاطر قد يكون غائما، ومع الوقت يتحوّل إلى هاجس.
رجل يجلس على قاعدة الحَمّام، مثل باقي الخَلْق. يفكّر...
تخفض سعيدة شريط اللمبة الجاز قبل النوم؛ ، لكن الولد حمدي – الصغير – يبكي قائلا: أنا بخاف من الضلمة.
تبكي سعيدة، فابنتها رتيبة تنام في مدافن عمود السواري وسط الظلام، ليس هناك عمود نور واحد ولا كلوبات. كيف تتحمل ابنتها الظلام هناك؟!
تطوف الفراشات حول لمبة الجاز فيطاردها الأطفال ( كاملة وبشر وسعد...
يحشر كل ليلة في شقة ضيقة كعلبة السردين، يحاصره الحر الغليظ؛ فيسارع إلى فتح النافذة التي حرص-غالبا- على أن تبقى مغلقة؛ مخافة تسلل الفئران، التي تدخل في تبجح، و لا تبالي على الإطلاق بما تتركه في قلبه و بدنه من التقزز و القشعريرة؛ فتجوس للحظات خلال شقة شبه عارية كادت تخلو من الأثاث، و تسارع إلى...
تم اصطحابه في سيارة معصوب العينين إلى مكان التحقيق، سرد كل ما حدث، فتم وضع خطة دقيقة مُحكمة للقبض على شريف الفولي متلبسًا وبجميع الأدلة الممكنة.
قبل بضعة أشهر، نشر إعلانًا عن حاجته إلى حديثي التخرج للعمل مندوبين لشركة السياحة. أقنعهم بسهولة السفر لأوروبا؛ وجاء الكثير من راغبي السفر، لكن مندوب...
رجال ونساء، توغلوا، في حقل يمتد على مساحة زراعية شاسعة، وانهمكوا يحصدون، سنابل الشعير، بهمة ونشاط كبيرين.. حرارة ذلك الصباح الصيفي، تزداد ارتفاعا، والعرق يتصبب من جباههم السمر، لتتسلل قطراته المتلألئة، تحت أشعة الشمس الحارقة، منسابة بين تجاعيد الوجوه التي أضنتها المتاعب، وأرهقتها سنين الفقر...
فتح عينيه الصغيرين في تكاسل عندما أجبره الضوء شديد البياض على ترك النوم، بدأ ينتبه الي ذلك الصفاء الذي يحيط به والنسيم زكي الرائحة الذي يتسلل الي رئتيه الصغيرتين مداعبا إياها بحنان جعلها تحاول أن تجد في الشهيق لتملأ أقصي ما تستطيع منه بين جنباتها.
انتبه إلى أنامله المضيئة، كان جلد جسده كله يشف...
لا أذكر كيف وصلت لهذا المكان، الأشياء تلمع برفقٍ، الناس يبتسمون بودٍ محببٍ للنفس، يتحدثون بأصواتٍ أقرب للهمس، يرتدون ثيابًا بسيطةً ملونةً، تتعدد الروائح العطرية وتختلط برقةٍ حتي أنفي المدبب الطويل لم يعد يستطيع أن يميز أي منها، لكنه التقط تلك الرائحة وإصطفاها، لأجدني أتقدم مدفوعًا بهذا السحر الي...
يعيش العم سعيد وحيدا في منزله الجاثم هناك عند أطراف القرية، حيث يلوح ،في الأفق، ببنايته السامقة وسط فضاء واسع، بمنأى عن كثافة العمران... عند ٱشتداد الحر، يخرج العم سعيد من غرفته،في كل صباح، ليستريح امام المنزل، تحت شجرة توت كبيرة، وارفة الظل .
يجلس فوق كرسيه الخشبي العتيق محتسيا قهوته في هدوء...
كنت أسير وحيدا، في صباح ذلك اليوم الربيعي، متجها إلى المدرسة، لألتحق بأقراني، تلاميذ السنة الرابعة بالمرحلة الابتدائية..
كنت أسلك طريقي، مطمئن البال، لا شيء يشغلني غير آلة الحلاقة التي كنت أحملها في محفظتي بغية تسليمها إلى المعلم الذي أوصاني بجلبها..
" اِسمعوني جيدا ، يا أطفال ! غدا، في حصة...
يمتطي وحيد ورفاقه ظهر سفينة صغيرة، تواجه أمواجا كالجبال، في رحلة إلى (لامبادوزا)، ولا أحد منهم يعلم المصير الذي ستؤول إليه تلك المغامرة..
اِستدان وحيد مبلغا كي يدفع أجر تلك الرحلة، وأصر على تنفيذ مخططه، وكان في اعتقاده أن هجرته تلك ستنقله من بؤرة البؤس، إلى ضفاف السعادة والنعيم..
يلاحقه صوت أمه...
* إلى روح "غسان كنفاني".
أذكر الثّقة على وجه "سامي"، صديقي المُخرج المسرحي، وهو يُخبرني أنّ صورتي مُعلّقة بجوار صُور كُتّاب وفنّانين مشهورين، في مكتبة صغيرة أمام كُليّة التّربية النّوعيّة.
تعجبتُ: "أنا؟!"
"والله شُفت صورتك، تضع يدك على جبهتك، وبين أصابعك سيجارة".
"ما هذا التّخريف؟...