سرد

في فناءٍ متسع براح ممتد تحيطه أسوارٌ عالية من اللَّبن ، وتحفّه أشجار الكافور العالية تحجب كُلّ شيء ، ترابط المدرسة الإعدادية في صفرة لافتة تلك وجهتي ، تبعد عن قريتنا مسافة طويلة ، بالجملة أذهلني كل شيء هناك ، ولكن ما شدني أكثر تصرف عامل المدرسة العجوز " أبوالعمدة " فعدم اكتراثه بالمسؤولين مبالغ...
مع آخر رشفة من فنجان القهوة إستكانت كآبته وهدأت، خمسيني خرج فى معاش مبكر زمن الخصخصة أو المصمصة، متزوج لم يرزق بالأبناء، رفض الزواج بآخرى حين طالبته أمه لرغبتها فى رؤية أبنائه قبل أن تموت، قائلا : ماذا لو أصابني العقم هل تتزوج زوجتي بآخر ؟ عمل ساع فى فى إحدى المؤسسات، أحبه الجميع يقرأ الصحف...
أهرول مسرعا أحاول اللحاق به .. أشير إلى السائق عله يراني فى المرآة بيدى اليسرى .. ممسكًا بيدى اليمنى الحقيبة المعلقة بكتفي .. تتعثر قدمي وتلتوي تحت وطأة ثقل جسدي لتزداد ابتسامة حذائى ويخرج منها إبهام قدمي .. أحاول مع خطواتي المتسارعة السيطرة على انفلات قدمي من الحذاء ليحتك بالأسفلت، أرتكز على...
على جنب يا بنت، تفزع من صوت السائق وتهرع إلى الرصيف وتحتمي بحائط المدرسة وتعود لتفتيش حقيبتها من جديد. مفيش الجنب ده اللي فيه الكتب هشوف في جنب السندوتشات، تخرج يدها ممسكة بشيكولاته بجوز الهند تضعها في فمها متلذذة بطعمها وتبتسم" أبلة عفاف" . تتحول الابتسامة إلى تجهم، لاحركة، لانفس، العصا لمن عصى...
فاجأتْه بمقدمِها من عالمٍ آخر، التزمَ الصمتَ وشعورٌ يتأججُ داخلَه ، لم تدمْ طويلًا في وقفتِها معه ، جاءتْ مثلَ سحابةٍ عابرةٍ هلَّتْ بمائها العذبِ ثم همَّتْ بالمغادرة، لم يستطعْ فعلَ شيء، بدتْ وكأنَّه يستحيلُ أن يطالَها أو يطيرَ معها إلى أعلى، أجملُ شيءٍ فعلَه هو فرحتُه بها وهي التي التقاها لأولِ...
هناك ذرائع كثيرة للأخوة، أو على الأقل من باب التودد أنا وأنت من عنفوان الطفولة تحت سقف واحد، بيني وبينك مخادنة التسامر، أو صراحةً لئلا تتحامل الأيام خمسة أعوام وقارة وبحر مأهول قديمًا بالخردة والجثث، لاتخف حتى هذا البحر تغير الآن : إنه صاخب وشاهدته يحتضر عندما تعفّر امرأة جسدها به، إذًا سقف واحد...
الأضواء المنعكسة على صفحة النيل تشكل لوحة من الفن التشكيلي الجميل، تصنعها الطبيعة أفضل من ريشة فنان، فى صدره شجون من أحلام وصداقات تباعدت وأحدثت شرخ موجع، صدره حقيبة مغلقة، يغمس قلمه فى محبرة الآسى، يكتب قصص قصيرة لا تفلح فى إزاحة ركام الأحزان، يرى فى نشر قصصه فى بعض الصحف والمجلات عزاء يفتت...
في البقعة التي تلتقي عندها مياه بحر نورجا مع مياه بحر نورشا .. ثمةُ جزيرة تحيطها من إحدى الجهات أشجار البرقوق الأحمر الذي زادته أشعةُ الشمس توهجًا! أشجار الصفصافِ، سِحر ظلالها الخضراء تميس مع الأنسام لتغوي الورد، فيمتلئ المكان بالعبير، الذي ينعش الأفئدة فتهيم الروح في الملكوت، بينما الشّلال...
عجز عن إسعاد نفسه وهو الدودة التى لا تكف عن إلتهام الكتب وحفظ الأشعار، حاول أن يتخلص من الهموم المثقلة برأسه فلم يفلح، الجمال يتقلص ويسود القبح فى كل شيء حوله، التلوث السمعي والبصري، حتى المرأة النضرة كالثمر الطازج، التى أحبها أصبحت كالورد الصناعي لا طعم ولا رائحة، مصبوغة بالألوان منفوخة...
توقفت به قدماه أمام باب المقهى.. في حزن شديد راحت عيناه تحدقان في الوجوه الجالسة.. تلك الوجوه التي يراها كل يوم.. نفس الوجوه.. نفس المشاريب.. نفس الكلمات.. مستسلماً دلف إلى المقهى.. غاضباً أمسك كرسياً.. راح يجره من خلفه خارجاً.. رمى بجسده النحيل المتعب فوقه.. - آه ه ه ه ه ه ه ه ه ه أخرجها...
فى السوق لابد أن تكون لك عين صقر، ترى كل شىء واللاشىء، وأذنان كبريتان لتسمع نداءات الباعة، على أشياء ذات قيمة وأشياء لاقيمة لها، كتب ومجلات قديمة وملابس جديدة وقديمة، السوق على مساحة من الأرض الواسعة، تتسع لكل الأغراض، أغلب المشترين من أصحاب الدخول المتواضعة، بائعة الجبنة القديمة جاءت السوق...
لم يُصدِّق الرجل الستيني أنه سيعود إلى البيت ولا يجد زوجته فيه، قضَى ليلته بعد انتهاء العَزاء في بَيْت ابنه الوحيد وبين أحفاده ثم رفضَ البقاء فيه. كان واهمًا أنَّه سيستمر في كابوسه ولن يتزوج بعدها أبدا وسيكفيه طيفها. صمتٌ مُوحِشٌ يلفُّ البَيْت، يَقْطعهُ أحيانًا ثورته في...
ألقى بنفسه فى بحر الحب بطريقة الذوبان فى أول نهر يصادفه وهو لم يتعلم بعد العوم، مستخدما عواطفه بطريقة مائة فى المائة وعقله صفر فى المائة فكان الغرق، بعدها إلتقى باإحدى العرافات وضاربات الودع، قالت : الحب مكتوب على كل البشر، لاينجو منه سوى القليل كاد أن يشطرك نصفين لكنك نجوت، العمر لديك هو...
في حافلة النقل العمومي ذاهبة للتدريس، أتفقد الساعة كل ثانية والوقت يمر بسرعة والحافلة من بطئها كأنها تسير إلى الخلف، الكل يثرثر ولا يأبه للوقت، حتى السائق، إلاي كان القلق، والخوف من التأخر يأكل أعصابي (أنا التي عرفت بالقدرة على ضبطبها) فقدت القدرة على التحكم فاحتدمت فاشتعلت غضبا، أسرع يا عم،...
أين السبيل للهروب من هواجس تكاد أن تفتك بي، وهناك نظراته تمسك بنصل مميت تصوبه إلي قلبي كل ليلة. هاتفت صديقي ، سأنتظره في المقهي. جاء مهرولاً. بكيت أمامه بشدة لضعفي أمام رغبات زوجتي، التي كثيرا ما تردد على مسامعي اضع والدك في دار للمسنين، لأننا نريد حجرته لأولادنا. بعد ألحاح مستمر أستجبت...
أعلى