قصة قصيرة

كانت أمّاً لأولادٍ متفوقين في مدارسهم ولكنها كانت أميّة !..لا تعرف شيئاً عن الكتابة والقراءة ولكنها تعشق العلم والمتعلّمين ، وتعتبر رتبة العلم أعلى الرتب ولا تنفكّ تزرع في أولادها تلك الخصلة ..وتشحذ فيهم الهمم ومن طلب العلا سهر الليالي ..وكانت تنقّي منهم شوائب الشتات في الفكر فلا ضياع في الوقت...
يُدخِلُ الشتاءُ النملَ الشقوقَ؛ فيكفَّ عن العمل، ويُسقِطُ الأوراقَ فتعرى الأشجار. ولكن لكل شتاء نهار، يحنو على القلوب المكوية بالجليد، فينضو عنها كسلها الصلبَ، فتدفأ وقد تصحو. أناسٌ يذهبونَ إلى أعمالهم، وأطفالٌ يسيرونَ كالنيامِ، تتثاءبُ العيونُ في الوجوهِ، تُجاهِدُ النومَ والبردَ. ويظلُّ...
الطعام كان شهيا وأنا أمضغه بتمهل، شاردا كعادتي وراء حكايات متصارعة تدور في ذهني وتلغي كل المرئيات حولي، مع ذلك، لمحته وهو يلج المكان مترددا، حذرا. ثم وهو يجلس بهدوء إلى إحدى الموائد، طنين الأفكار يشاغلني، ويطغى على صوت الموسيقا المتصاعد كأزيز جنادب لاتعرف التوقف . كنت وحيدا، متروكا في عزلتي،...
طق طق ... طق طق.. "يا عمنا... الأجرة".. فرقع الكمساري بأصابعه ، الرجل العجوز قال بفم خال من الاسنان: - مالك يا كمساري...اصبر الصبر طيب.. قال الكمساري: - أنا محصل ولست كمساري...انا اعمل في القطاع العام يعني موظف يا عمنا... مط العجوز فمه الكهفي مبتسما بسخرية وقال: - يعني عايز برستيج... غضب...
شد عمامته لتزداد ثباتا فوق رأسه ونهض والحشد يصفق له ؛ مع ذلك تقدم بخطوات ثابتة ووجه متجهم الى المنصة ثم أمسك بالميكرفون. القى نظرة على الحشد الصغير الذي لم يكن يتجاوز خمسة وعشرين شخصا بأي حال ثم قال: - يا عبد الدايم...انت أكثر من موظف ومن صديق.. أنت من أحبه كنفسي أو أكثر... هكذا قال لي المرحوم...
انفرجت أساريره.. هادئاً شفيفاً تقدّم.. هي ذي نجمة تومض بعيداً.. وأخذ يعاين النجمة، لكنّ غيمة مرّت سريعاً وغطّتها، فانقبض قلبه: مرّي أيتها الأيام الملعونة.. أسرعي.. دعيني.. فأنا مفرّغ وحزين ومطرود من جنان الأرض والسماء. حاول أن يفرد شراعاً لأساريره، لكنّها رفضت.. تحسس وجهه.. مليء بالتقاطيع...
تقطن جارتنا الطيبة في شقة بالدور الأرضي من البناية التي تقع خلف مبنى الرقابة وتطل من نافذتها على الشارع الجانبي بينهما. كل صباح تصطف القطط تحت الشباك في انتظار السيدة؛ حيث اعتادت أن تلقي لهم بالطعام. تتعجب حين تلمح آثار قضاء حاجتهم في نفس الموضع، تتأفف وتقرر في قرارة نفسها أن تتراجع. كيف تقبل أن...
كعادتها لم يلحظ وجودها أحد، انسلت وسط المدعوين واتخذت مقعدا بجوار أمها ، تأملت المكان مليا ، أخذت تتفحص خلسة وجوه الفتيات وهن يتمايلن ويتمازحن بوجوه مستبشرة وأعين ملؤها الأمانى ، توقفت عيناها على وجه العروس ، تفحصتها بعمق ... العين، الأنف، الفم ... حاولت أن تستبدل ملامح العروس بملامحها هى، لم...
كنت منفعلا من البرد والدهشة ، وأنا مكوم على نفسي، حين كان أبي لا يزال واقفا على رأسي، يجردني من الغطاء. أمسك بي من معصمي، وجرني إليه، على نحو ما يفعل الأصدقاء ، حين يأتون مبكرين، حاملين البشرى إلى نظرائهم الكسالى، المعتادين على النوم إلى الأصيل . لم أكن لأستجيب لجره. كنت مكتنزا ككيس مليء...
الأحـــــد 1. سألته ما الـدين؟ قال: «حبّ الغيـر». 2. سألته ما الدين؟ قال: «حديث أنس في وحشة سفر لتبديد سَفَر الوحشة». 3. سألته ما الدين؟ قال: «بداية ووسط ونهاية؛ بدايته شُغل النفس بالنفس عن الناس، أوسطه شغل النفس بالنفس عن النفس، نهايته: شغل النفس بنفس النفس عن النفس». وفي حديث آخر: «هو أن...
أمسك عسكريان من عساكر الدرك بإدريس وأخذاه. وصل الحال بإدريس أنه لم يكن قادرا على التحامل على قدميه; فقد أوسعته قوات الدرك ضربا مبرحا, وبالرغم من ذلك كان يحاول المشي وهو يعرج. اعترف أخيرا بذهابه إلى مسجد الإمام كوي في صلاة العيد, وسرقته للمصلين هناك. رغم أنه لم يكن يعرف أي شيء عن هذا الأمر...
كانت لدي هواية عظيمة في السابق، ألا وهي النقاش عن الحياة, وفي أوقات كثيرة كان يغمرني شعور عظيم, في كل مرة كنت أمارس فيها هذه الهواية، وهذا الشعور جعلني مستمتعا بهاـ لا أكل منها أبدا. حتى أتى يوم، ولا يزال قلبي يخفق حتى الآن, كلما ذكرت بهذا اليوم الغاية في السوء. ففي ذلك اليوم, كانت الصديقة التي...
لم التق بوالدى لأكثر من عامين، وأكثر شيء محفور في ذاكرتي ولا أستطيع نسيانه هو هيئته من الخلف. رحلت جدتى في شتاء ذلك العام، وانتهت مدة عمل والدى، مررنا بأيام قاسية توالت فيها المصائب. قررت العودة من بكين إلى شو جو، لأحضر مع والدى المأتم، وعندما وصلت إلى هناك لرؤيته، كان فناء المنزل ممتلئ بأشياء...
تناهى الى سمعه صوت تكتكة في الخارج ، ولم يكن قد انتهى من ارتداء ثيابه بعد . مطر ؟! احتمال وارد . فعندما استيقظ من قيلولته قبل أكثر من ساعة ، رأى الغرفة تسترخي تحت سديم عتمة خفيفة وكان التيار الكهربائي غائبا ً آنذاك ، فرفع جسده عن السرير قليلا ً ومد يده وسحب ستارة النافذة المطلة على الحديقة،...
آلت نفسي أن تستبيح عصارة بقايا جلد لم يطأه سوط جلاد، ركنتُ إليه كي اتباهى بأني ممن يلبسون جلود حرية مرقعة، عالمنا الفسيفسائي هذا يتلون كما تتلون الحرباء، لا يهم أين دين تلبسه؟ شرط ان تكشف عورتك حين تشعر انه واجب عليك، تماما كما هو وجوب حج او صلاة، لا أضيف جديد فمنذ كانت قيام الساعة والنزعة...
أعلى