قصة قصيرة

(1) هل هي اصابعي التي اعرفها حقاً ؟ هل يمكن لهذه الأصابع التي تخشبت وخشنت وصارت مبرداً؛ يمكن ان تخدش كل ماهو ناعم ورقيق وأملس ؟ هل هي الأصابع التي ضمها كف دائم الجفاف، دائم النزف، دائم الأعصاب الباردة والعظام النحيفة ؟ أسائل أصابعي.. فلا تجيب . كنت اعرف ان وراء اصابع يدي.. أصابع عديدة من المآسي...
1. تنط المرأة البدينة أمامي ، فوق الدُّرج ، مِرْقاتين مِرْقاتين . يُظهر , لباسها الرّياضي المشبك الشفاف ، تقاويم َجسدٍ مُرقـَّش ٍأبيضَ . وعلى بَرَامقِ الدرابزين ودون أن تسمع لها صوتا ، كانت تضع ، في غُنْج ودلال ، يديها البضَّتين الناعمتين ؛ فتدفع بهما قوامَها المترهل إلى الأمام . فلا يُسمع...
كان عصام , يتابع بدهشة طفولية , أعمدة دخان سيجارته , وهي تصّاعد في خطوط عمودية نحو الأٌفق , ثم تتلوى في حركات حلزونية راقصة لتختفي تدريجياً في فضاء شرفته المطلة على الشارع . كان يقارن ذلك بواقع حاله وأفكاره التي سرعان ما تذروها الرياح كلما شرع في تنفيذها على أرض الواقع . كانت سيجارته في رمقها...
بزغت الشمس في مدينة الثغر بورتسودان معلنةً عن ميلاد يومٍ جديد. خيوط أشعتها الفضية تطرق بلطف ودلال بوابة سجن بورتسودان العمومي مستأذنةً في الاحتفاء بأبكر صفارة الخارج للتو الى بر الحرية والانطلاقة بعد سنتين شاقتين قضّاهما ما بين الزنازين و الملاحات . بخطواتٍ مطمئنة وئيدة يغادر بوابة السجن بعد أن...
كانت قصيدة قد بلغت حد كمالها , ايقاعاً ومضموناً وقافيةً وموسيقى , في اواخر العشرينات , سمراء , ممتشقة القوام , غجرية الشعر , ذات جمال يعلن عن نفسه دونما تكلف او ضجيج، مرغمةً كل من ينظر اليها من أول وهلة ان يردف النظرة بنظرات أُخر دونما توقف . لم تكن تبدي اكتراثاً لجمالها رغم نظرات الاعجاب...
(1) اعتادت الدابة التي أمتطيها كل أسبوعين، أن تتوقف في هذا المكان.كانت الدابة ترتاح في هذا المكان تحديداً، مثلما كنت أحس بالراحة كذلك، ومثلما تحس خوبي كذلك. نحن الثلاثة: الدابة وأنا وخوبي.. ثلاثة مخلوقات من طراز مختلف ولغات متعددة وأماكن متباينة.. لا يجمعنا سوى هذا المكان. لم يكن المكان.. مكاناً...
جَاءَتْ عَاصِفَةٌ مِنْ نَارٍ فَـﭑقْتَحَمَتْنِي فِي وَضَحِ اللَّيْلِ وَلَمْ تَكُ تَدْرِي أَنِّي أَنَا أَيْضاً عَاصِفَةٌ مِنْ نَارٍ تَسْكُنُ كَالآهِ بِهَذَا النَّهْرِ ﭐلظَّمَآنِ. تَدَاخَلَتِ العَاصِفَتَانِ فَهَبَّ عَلَى الأَرْضِ الزِّلْزَالُ ﭐحْتَرَقَ ﭐلْمَوَّالُ بِعَيْنَيَّ التَّائِهَتَيْنِ...
أقر نواب الأمة قانونا ينص على أهمية الضحك في الحياة النيابية. على الأغلبية مثلا أن تضحك كي تعبر عن مصادقتها على مشاريع القوانين المطروحة للتصويت. يوم اجتاح الطوفان الأحياء الشعبية للعاصمة، زار البرلمانيون الأسر المنكوبة ، و ض ح ك و ا...
دخلت أم البنات غرفة العمليات ، كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل وبضع دقائق ، الممرضة تنادي الطبيب المناوب ، من فضلك أيها الطبيب التحق بسرعة إننا نواجه ولادة طارئة ، دخلت الأم في غيبوبة المخدر ، تناول الطبيب المبضع شق البطن ، خرجت فتاة جميلة إلى الوجود ، وردة مفتحة فجرت صيحة مدوية ترفض الواقع...
أحرقت مراكبي وجلست إلى شاطئ واقعي أتأمله.. أجهدت نفسي في انتزاع الفرح من بين تلابيب الحزن، حاولت ارتداء قشيبَ ثوب الفرح لأستر به عورة معاناتي وآلامي. ما سََتَرَتْ محاولاتي معاناتي ولا قَصَمَت ظهر آلامي. لم تكن مراكبي قادرة على الصمود في وجه أمواج بحر انكساري. لفَّتْني أمواجه، قيدتني،...
أحست بحركات غير طبيعية في هذا المكان الهادئ والجميل, غدت تلك الحركات والخربشات تتكرر ,بإيقاع غريب ورتيب جدا,.... كانت قريبة و وخفية! يقترب الصوت ببطء بشكل يثير الحفيظة !وكأنه بات في أذنيها! أهي في وهم وهلوسة؟ورغم ما تملكه من شجاعة أثارت الأصوات الغريبة ريبتها… كأنها كانت تزداد علوا وقربا...
اشترى بعشرين ريالا «قلى» (القلى: فول نابت) ساخنا من بائع متجول يقف أمام مدرسة للبنات. وبشكل مخروطي لفّ له البائع ما طلب في ورقة قطعها من دفتر إلى جوار مقلاة «القلى»، دفتر مستخدم تم الاستغناء عنه إلى جانبه عدة دفاتر يلتقطها البائع من أماكن رميها بعد أن يستغني عنها الطلبة نهاية العام الدراسي. تعمد...
في الابتدائية كنت طفلة بدينة، أتحرك ببطء، ألهث حين أبذل أتفه مجهود؛ لهذا كنت مسخرة لأطفال حينا.. وكثير منهم لم يكن يروق له اللعب معي -عدا لعبة الغميضة- فقط، لأني أتأخر في البحث عنهم ويظلون وقتها يتغامزون ويقهقهون دون أن أعرف أماكنهم. وأحيانا تناديني أمي قبل أن أبدأ اللعب فتوبّخني لأني أخفيت قطعة...
جموع المتظاهرين الذين يحملون اللافتات حالوا بيني و بين الطرق المؤدية إلى حديقة الحيوان ، حاولت الانحراف بسيارتي أملا في الهروب لأي طريق فرعي و لا جدوى ، ما العمل الآن ؟ تركت الأولاد وحدهم هناك ، يا رب سهلها و هات الفرج من عندك ، قررت النزول من سيارتي و اللحاق بالأولاد و لو...
قليلاً ما تستأثِرُ بكَ طلعَةُ أحدٍ ما..! ويومَها .. كانتْ طلعتُها تُشِعُّ بالنورِ. عندما دخلتْ بصُحبَةِ والِدِها، وعلاماتُ الإرهاقِ تعلو وجهَها المُضيءِ كمشكاة الأبيضِ كاللجينِ الرقيقِ كبتلةِ ياسمين. تلَقَّيتُها بغِبطةٍ ملأتْ عليَّ قلبي، قبلَ أن تتجاوزَ مدخلَ الغرفة. بادرتُ بالنُّهوضِ عن...
أعلى