قصة قصيرة

أجساد فائضة تآمرت على الليل ، تشرب ضباب الأنفاس ، والزمن يتلوى بين الشفاه الساخنة .. لسان الضوء الخافت يؤجج الرقص الصاخب ، موسيقى تعاند الأذهان وتقلق الجدران .. الرؤوس تتحرك ، البطون تهتز في صمت ، أعين تقرأ الأبدان ، تقارن بين القد والقوام وتتذوق حركات الأجساد على مهل .. قامت تتماوج...
وجدت عم جمعة يجلس كعادته أمام باب الجامع من الناحية المواجهة للسوق ، حيث المحلات قد بدأت فتح أبوابها مبكرا ، بينما البيوت تغط فى نوم عميق ،بعد أن أمتص الليل جهد الرجال . عرفت كل ذلك مبكرا فى السوق ، فتحت عينى على الخفى والمبهم ،ورأيت أن أمارس فعل الستر لأن الله قد أمر به ، ولأن هناك أسرارا لابد...
عندما أفاق في ذلك الصباح الرمادي كاد بؤبؤا عينيه أن يخرجا من محجريهما عندما التفت يمنة ثم يسرة فلم يجد زوجته ولا واحداً من اولاده الثلاث. شعر بفجيعةٍ مباغتة أعقبها احساس بالقهر والحزن والذوبان. قرأت الممرضة تساؤلاته الحيرى فأجابته والدموع تغالب عينيها: إنهم لم يكرروا المجيئ الى هنا منذ أن احضروك...
"غووول".. نغمة صهيل مدوية من فرس امرئ القيس المفر المكر... صرخة رهان عنترية، من فارس بني عبس لجلب مهر النوق البيض.. زهو على الصهوات..على السروج..على الأرائك..وكراسي المدرجات..وتحت سرادقات التخنث.. ..إصابة في القلب..في الصميم..تبيح الهتك لدى المنتشي شبقا، والمتيم احتراقا.. ساحة الوغى تتحرك...
▪ أخيرا استطعت أن أنتصر في معركة الدخول الى الحافلة ، المرأة التي خلفي الصقت صدرها بظهري وتنفست خلف اذني اليمنى تماما ؛ سخرت منها وانا اعلم بمثل هذه المكائد والشراك الانثوية ، الاغراء الذي يطلب منك تقديم تنازلات ، في الواقع درجة الحرارة كانت اثنتين وخمسين درجة مئوية ، لا احد في مثل هذا القيظ...
الرؤى تكاد أن تتلاشى، لا اعرف أين ومتى وكيف وقفت أمام موظفة استقبال اللاجئين بإحدى الدول المجهولة، ربما كانت خارج حدود كوكبنا الأم، المهم وقفت أمام امرأة جميلة، رغم أني لا أتذكر ملامحها لكن يخيل إلي بأنها كانت جميلة، ولا اعرف بأي لغة تكلمت معها، أكيد تكلمنا بلغة غير العربية. – مرحبا. – أهلا بك...
عندما ولجت المصعد في الطابق الواحد والثلاثين من العمارة التي أقطنها من أجل النزول، كانت مصابيح اللوحة تشير إلى الطابق السابع والعشرين والرابع والعشرين معلنة أنها ستتوقف كي يلتحق بنا شخص آخر, انغلق بابا المصعد، وشرعنا في النزول، كان مصعدا سريعا. . في رمشة عين انتقل بنا المصعد من الطابق الواحد...
ولد في بيت مضرج بما يسيل من أنياب الفقر، موشوم بالعاهات، يفتقر لحنو الأخ وحنان الأهل، هو المولود الذكر الوحيد للعائلة مع ثلاث بنات، كان به شوق كبير ان يكون له اخ معه في هذه العائلة الأ ان مشيئة القدر كانت هكذا حرمته من مذاق طعم الأخوة، بدأ تفكيره ينصب على هذه الفكرة وهو في الخامسة من العمر، يصنع...
هنا وقد شاخ يومهم منذ الأمس القريب يترجون الغد ان يأتي عسى ان يمنحهم ويعطيهم شيئأ فقدوه، حياتهم مليئة بفقدان كل شيء انتهى مساؤهم بخلاف فيما بينهم ، خلاف ينسيهم آهات ومرار الدنيا كل هذا على قميص هذا ما رددته أمهم انهت حديثهم وقامت الأم بغسل القميص وهي تحاول ما بوسعها ان ترضي اولادها الثلاثة بعد...
كان جدي رحمه الله يسعده أن يرانا حوله، يحتضن أحفاده الصغار، يزحف إليه (محمود) وتركض نحوه (فاطمة) ويتمسح به (أحمد) وهو بهيبته ووقاره يربت على أيدينا، ويداعب رؤوسنا. عناقيد العريشة تتدلى فوقه كالمصابيح، حبات العنب كبيرة لامعة تشف عما فيها من عصير سائغ رائق… تدعونا أمي بالتقاط حباته الناضجة.. نتلذذ...
عشتُ حياة كمن عاش في قطار فائق السرعة، يتنقل ما بين محطة وأخرى دونما توقف.. سافرت بصحبة طفولتي وذكريات من دون أمتعة ولا حقائق، تاركاً خلفي النيران والدخان.. قرار السفر لم يكن محبباً بالنسبة لي ولكنه صدر عن جدي لوالدي الذي صار حاكم أمري بعد ان اختفى والِدي بين الركام الذي خلفه صاروخ طائرة F16...
ما أن تجتاز بوابة (المتحف الحربي) حتى تطالعك بندقية قديمة من نوع (برنو) معلقة في صدر القاعة، وتحتها مباشرة صورة كبيرة لشيخ في العقد السابع من عمره، رافعا يده اليمنى، مشيرا بإصبعيه بعلامة النصر، ويرفع بيده اليسرى – مزهوا – بندقية ويبدو في الصورة واضعا إحدى قدميه – بكبرياء – فوق حطام ذليل لطائرة...
في الفجر انمحت الى حد ما ظلمة الليل من أمامي فظهرت مضببه بالغبار بساتين النخيل على جانبي الطريق، تتماوج على ذوابات السعف في هاماتها أضواء النهار الحاط عليها من الافق البعيد، ملونة اياها والغبار بألوان حمر وصفر، أسمع الأزيز الناتج عن احتكاك عجلات السيارة بأسفلت الطريق. ــ ماما ليث ما أجه بابا...
أحقًا، كنتُ أرتدي الرُّعب، وأحملُ قيدًا، لعلّني أفتحُ أرواحًا، أو أُغلِق فضاءات، حينها ربّما أصفعُ الدّهشةَ، لأرسمُ مصائر، حينها سأختمُ نهايات التدريب، وألبس الزي، دون أن أتأمّلُ. -"يا جلف". هذا ما قالهُ، ثمّ تخيّلتُ أنّي أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه،...
خرج يتجول وحيدا بين تلال وهضاب رمال صفراء , كانت قد اكتسبت لونها من ضياء شمس حارقة ألهبت جسدها شواء في عراء , يتخبط بأجنحته جيئة وذهابا , عابثا بنقلها هنا وهناك بتبختر يعكس قوة وجبروت , ألفت هي تلك الحركات حتى باتت لديها عادة عدم الانتماء لبيئة أو أهل وعشير , نعم تقول لبعضها حين تمسي ويسكن الريح...
أعلى